أكد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، اليوم الثلاثاء، استعداد مجلس الأمة للتعاون مع الحكومة إلى أبعد مدى بوصفها سلطة تنفيذية لجعل ملف الحوكمة وما ينتابها من أوجه قصور وخلل على رأس الأولويات الوطنية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الغانم خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الحوكمة (الإطار التشريعي والمالي والإداري في الكويت 2017) الذي يقام برعايته وحضوره وتنظمه لجنة الشؤون التشريعية والقانونية البرلمانية في مجلس الأمة بالتعاون مع ديوان المحاسبة.
وقال الغانم: إن مجلس الأمة منفتح على أي اقتراحات أو توجهات تصب في قناة تحويل النظريات الصماء إلى نماذج متخيلة ومتصورة لتطبيقها واقعياً.
وشدد على ضرورة الاتفاق على كيفية تحويل بعض من المفاهيم المطروحة إلى صيغ تشريعية وقانونية أو تعديلات على قوانين موجودة بحيث يتم سد تلك الفجوات القانونية والتشريعية التي تعيق تطبيق مفاهيم وأشكال الحوكمة في القطاعين العام والخاص.
وأشار إلى أن التخبط والفوضى والترهل الإداري والانفلات المؤسسي والفساد هي البدائل الكارثية للحوكمة، لافتاً إلى أهمية الخروج برؤية شاملة لتطبيقات الحوكمة.
واعتبر الغانم أن مسألة الحوكمة “خطوة في الإطار الصحيح” تستدعي مفهوم مشاركة المختص والاكاديمي والمعنيين بشكل مباشر بهذا المفهوم، واصفاً الحوكمة بأنها “واحدة من أهم الملفات إلحاحاً وأكثرها ضرورة”.
ورأى أن الحديث عن الحوكمة تجاوز كونه حديثاً “تبشيرياً” حول مفهوم جديد للإدارة، مشيراً إلى أن الزمن يمضي بسرعة إلى الحد الذي بات معه التنظير عن الحوكمة وأهميتها فائتاً لأوانه.
وقال الغانم: “نتحدث عن الحوكمة الآن بوصفها واقعاً وضرورة وطريقة حياة وإدارة وبوصفها حالة معاشة بشكل يومي في كل أنحاء العالم”، مبيناً أن كل الدول والحكومات والشركات والكيانات الاجتماعية الأخرى تخوض مخاض الحوكمة الآن تطبيقاً وتجريباً وتعديلاً.
وأفاد بأن الحوكمة لم تعد خياراً ضمن الخيارات بل قدراً “محتوماً ووحيداً” مضيفاً: “لنكن حاسمين هنا بديل الحوكمة هو التخبط والفوضى والترهل الإداري والانفلات المؤسسي والفساد وكلها بدائل وصيغ كارثية ستؤدي حتماً إلى الدخول في مراحل السقوط التدريجي من تآكل وضعف انتهاء بالتقوض الكامل”.
ولفت إلى أن “أرقامنا تشير إلى تخلفنا في مجال الحوكمة وتطبيقاتها المختلفة والمتنوعة”، موضحاً أن الحديث عن الحوكمة في الكويت يجب أن يكون شاملاً، وأن يأتي على شكل حزمة متكاملة باعتبارها مرادفاً للمسؤولية ومفهوما للتحديد بدلاً من الليونة الإدارية وتأسيساً لمفاهيم الثواب والعقاب وما تنطوي عليها من مفاهيم الرقابة بمختلف أنواعها ومآلاتها وتأصيلاً لمفهوم الشفافية ونموذجاً وحيداً ونهائياً للحكم الرشيد.
وأعرب الغانم عن التمنيات بأن يؤتي المؤتمر ثماره، وأن يساهم في تحويل الأفكار والرؤى إلى تصورات وصيغ جاهزة للتطبيق العملي، متقدماً بالشكر للجنة “التشريعية” البرلمانية وديوان المحاسبة وكل المشاركين في المؤتمر.
من جانبه، أكد رئيس اللجنة التشريعية والقانونية البرلمانية ورئيس المؤتمر النائب محمد الدلال في كلمة مماثلة أن مؤتمر الحوكمة يهدف إلى قيام مجلس الأمة بالمبادرة برفع الراية “الجادة” في الإصلاح نحو تحقيق الإدارة الرشيدة والحوكمة.
وقال الدلال: إن مجلس الأمة يسعى للخروج من المؤتمر بخطوات عملية وفعالة تسهم من خلالها السلطات الدستورية في تطوير مؤسسات الدولة من أجل مستقبل الكويت وشعبها والمقيمين فيها.
وأضاف أن المواطنين يتطلعون إلى مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم تتكافأ فيه الفرص بعدالة أمام الجميع.
وأوضح أن الحوكمة وجدت طريقها في عدد من مؤسسات الدولة وهي بنك الكويت المركزي وهيئة أسواق المال إضافة إلى قانون الشركات واجتهادات في عدد من المؤسسات العامة التي تبنت الحوكمة كمسار وهي ديوان المحاسبة والقطاع النفطي فضلا عن الخدمات الإلكترونية التي تقدمها عدد من مؤسسات الدولة.
وأشار إلى أن هذه الجهود هي اجتهادات منفردة وليست سياسة عامة في الدولة، لافتاً إلى أن الحوكمة كمسار للإصلاح الإداري ما زال يحبو ولا يمثل أولوية مطلوبة أو سياسة جادة معتمدة في دولة الكويت.
وتقدم الدلال بالشكر لرئيس مجلس الأمة وأعضاء مكتب المجلس والأمانة العامة في المجلس على إيمانهم بفكرة المؤتمر ودعمهم له وإلى ديوان المحاسبة والمكتب الفني للجنة التشريعية على جهودهم “الكبيرة والمتميزة” في إقامة المؤتمر.