ساهمت دولة الكويت بمبلغ 1.250 مليار دولار أمريكي، لتمويل تنفيذ مشاريع إستراتيجية وتنموية في الأردن، وذلك ضمن إطار المنحة الخليجية التي أقرها المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نهاية عام 2011.
وخلال الفترة القليلة الماضية مكن هذا الالتزام الكويتي الحكومة الأردنية من تنفيذ مشاريع ذات أولوية قصوى بمختلف القطاعات في ظل الأزمات الخارجية التي أثرت على الاقتصاد الأردني ونتج عنها تحديات مالية واقتصادية.
فقد انعكس تمويل المشاريع والبرامج التنموية المتفق عليها ضمن إطار المنحة بين حكومتي البلدين على تحسين الخدمات الأساسية العامة المقدمة للمواطنين والمقيمين في الأردن وتخفيف العجز في موازنة الحكومة الأردنية.
كما كان لهذه المنحة دور في مساعدة الأردن على مواجهة التداعيات السلبية لحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة لا سيما أزمة اللجوء السوري إلى الأردن والتي ما زالت تلقي بظلالها على المجتمع الأردني واقتصاده بعد استضافته نحو 1.3 مليون لاجئ سوري وفق بيانات أردنية رسمية.
المشاريع المدرجة
وعن موعد إتمام تنفيذ المشاريع المدرجة ضمن إطار المنحة قال وزير التخطيط والتعاون الدولي الأردني عماد فاخوري: إنه بأواخر العام الحالي سيتم الانتهاء من تنفيذ جميع المشاريع الممولة من المنحة الكويتية باستثناء مشروع واحد سيتم الانتهاء من تنفيذه عام 2018.
وحول توزيع المنحة حسب القطاعات أوضح أن قطاعات التنمية المحلية والتي تشمل الزراعة ومكافحة الفقر والبلديات والمحافظات استحوذت على 43% من إجمالي المنحة فيما توزع باقي مبلغ المنحة على قطاعات الطاقة والثروة المعدنية بنسبة 17% والطرق بنسبة 12% والتعليم بـ10% والصحة بـ7% والمياه والري بنسبة 7% ثم النقل بـ4%.
وعلى صعيد متصل، أشاد فاخوري بمساهمة الكويت في دعم المجتمع الأردني لاستضافة اللاجئين السوريين من خلال المنح التي قدمتها الحكومة الكويتية عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية خلال الأعوام 2014 و2015 و2016 بعد أن بلغ إجمالي الدعم 58 مليون دولار خصصت لدعم جهود الحكومة الأردنية للاستجابة للتحديات التنموية التي تواجهها وفق خطط الاستجابة الأردنية للازمة السورية.
وعن تفصيل هذه المنح أوضح أنه جرى بنهاية عام 2014 توقيع اتفاقية بقيمة 18 مليون دولار لتمويل المشاريع ذات الأولوية للمجتمعات الأردنية المستضيفة للاجئين السوريين في قطاعات الصحة والتربية والبلديات أعقبها توقيع اتفاقيتين في عام 2016 بقيمة إجمالية بلغت 40 مليون دولار لتمويل مشاريع في القطاعات ذاتها.
التعاون الثنائي
وفيما يتعلق بالتعاون الثنائي بين الحكومة الأردنية والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية أعرب فاخوري عن اعتزازه بالعلاقة مع الصندوق الذي اعتبره شريكاً أساسياً في دعم الجهود التنموية في الأردن سواء من خلال دوره في إدارة مساهمة الكويت في إطار “المنحة الخليجية” و”منحة دعم المجتمعات المستضيفة للاجئين السوريين” أو من خلال تقديمه القروض التنموية الميسرة والمنح للأردن منذ عام 1962.
وقال: إن للصندوق بصمات واضحة في تمويل العديد من المشاريع الحيوية في الأردن من خلال قروضه التنموية الميسرة جدا مشيرا إلى مساهمة الصندوق بتمويل 26 مشروعاً ذات أولوية اقتصادية واجتماعية بقيمة إجمالية بلغت حوالي 579.5 مليون دولار خلال الفترة (1962 – 2017).
ولفت إلى أن بلاده وبالرغم من مرور أكثر من ستة أعوام على الأزمة السورية واستمرار التحدي المتمثل باستضافة اللاجئين السوريين فهي تضع أمام الأشقاء الخليجيين تصورات الأوضاع والتحديات المالية التي مازال يعانيها الأردن جراء تقديم الخدمات الأساسية للاجئين والمجتمعات المستضيفة لهم.
وأقر بأن ذلك الأمر يشكل عبئاً كبيراً على المالية العامة وسط تباطؤ عملية النمو نتيجة الركود الاقتصادي في المنطقة واستمرار الآثار السلبية للصدمات الخارجية جراء حالة عدم الاستقرار في المنطقة والأزمة السورية والحرب على الإرهاب والتدهور الكبير في القطاعات الاقتصادية ذات الأهمية من سياحة واستثمار وصادرات وما يرتبط بتحديات الفقر والبطالة.
وأعرب عن تطلع الأردن الدائم إلى الدول الشقيقة في مجلس التعاون الخليجي كشركاء أساسيين في دعم الأردن ودعم صموده ومنعته في مواجهة التحديات لاسيما في هذه المرحلة الاستثنائية بالذات.
المشاريع التنموية
من ناحية أخرى، أبرز تقرير أعدته وزارة التخطيط الأردنية أهم المشاريع التنموية الممولة من المنحة الكويتية في الأردن وأكثرها حيوية ويأتي في مقدمتها مشروع ميناء الغاز الطبيعي المسال (ميناء الشيخ صباح الأحمد للغاز الطبيعي المسال) المعني بدعم الاقتصاد وتأمين التزود بالطاقة وتنويع المصادر وتحقيق أهداف الأردن الإستراتيجية في تقليص أزمة الطاقة التي يعاني منها.
وساهم افتتاح المشروع عام 2015 والممول بقيمة 65 مليون دولار في تعويض النقص الحاصل في كميات الغاز الطبيعي المستورد للأردن وتنويع مصادر التزود بالغاز إذ جعل ميناء العقبة مركزاً إقليمياً لتأمين مصادر الطاقة المختلفة للدول العربية المجاورة ما سيضع الأردن على خارطة الغاز الطبيعي المسال عالمياً.
كما يعد مشروع “توليد الكهرباء من طاقة الرياح في منطقة معان” من المشاريع التنموية المهمة التي مولتها المنحة بقيمة 150 مليون دولار حيث يعتبر من مشاريع الطاقة المتجددة الريادية التي تساعد على زيادة مساهمة الطاقة المتجددة في “خليط الطاقة”.
ويتكون المشروع من محطة توليد كهرباء تعمل بطاقة الرياح باستطاعة حوالي 80 ميجاواط مع جميع مستلزماتها الأساسية ويشتمل على تركيب 40 مروحة هوائية ذات الحجم 2 ميجاواط لكل مروحة ومن المتوقع أن ينتج المشروع حوالي 200 جيجاواط لكل ساعة في السنة.
وتم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى باستطاعة حوالي 66 ميجاواط وربطها بالشبكة الوطنية خلال عام 2016 ويجري العمل على استلام المرحلة الثانية للمشروع باستطاعة 14 ميجاواط وسيتم افتتاحها وتشغيلها خلال العام الحالي.
ومن المشاريع الحيوية المهمة أيضا مشروع (جر مياه الموجب إلى محافظة الكرك) الحائز على المرتبة الأولى كأفضل مشروع مائي بعد تنافسه مع 500 مشروع عالمي للمياه والصرف الصحي على هامش القمة العالمية للمياه التي أقيمت في أبوظبي.
وبلغت قيمة تمويل هذا المشروع من المنحة الكويتية نحو 14 مليون دولار وتم تشغيله خلال عام 2016 ويهدف إلى تعزير التزويد المائي لمحافظة الكرك من خلال نقل كميات من مياه الشرب تقدر ب 500 متر مكعب لكل ساعة من (سد الموجب) بعد معالجتها وتنقيتها إلى قرى محافظة الكرك وخاصة الشمالية منها حيث تم من خلال المشروع تنفيذ خطوط ناقلة من سد الموجب وكذلك إنشاء محطات رفع وخزان.
وخصصت المنحة الكويتية كذلك مبلغ 218 مليون دولار لتنفيذ المشاريع ذات الأولوية للمحافظات إذ تهدف المشاريع الممولة ضمن برامج البنية التحتية للمحافظات إلى تحفيز الاستثمار والاقتصاد المحلي للمحافظات لتوفير فرص عمل جديدة تقدر بالآلاف.
وتم من خلال المبلغ المرصود تمويل 729 مشروعاً موزعاً ضمن مختلف القطاعات التنموية في المجتمع تم الانتهاء من تنفيذ 560 مشروعاً ويجري العمل على استكمال تنفيذ 169 مشروعاً ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذها خلال العام الحالي.
وتتضمن هذه المشاريع إنشاء 18 مدرسة و25 إضافة صفية ومراكز صحية ومراكز ومعسكرات للشباب وتمديد شبكات مياه وصرف صحي كما تم من خلالها تنفيذ مشاريع خلطات أسفلتية ومشاريع إنتاجية وتوفير أجهزة ومعدات طبية وزراعية.
يذكر أن المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قرر في دورته الـ32 المنعقدة بالرياض عام 2011 تخصيص منحة إجمالية بقيمة خمسة مليارات دولار أمريكي لغايات تمويل مشارع تنموية ذات أولوية تحددها الحكومة الأردنية.