من جديد تعود للواجهة حوادث رمي الجثث في الشوارع ومكبات القمامة بالمنطقة الشرقية، عبر واقعة الـ36 ضحية التي وجدت مرمية في الأبيار شرق بنغازي، حادثة ارتقت إلى “جريمة حرب” حسب ما صنفته منظمات حقوقية.
ضحايا هذه المجزرة كانوا مجهولي الهوية إلى حين التعرف على 22 منهم، وفق ما أكدته النيابة العامة السبت.
شيخ 71 سنة من بين الضحايا
أشار بيان صادر عن مكتب النائب العام إلى التعرف على 22 جثة من أصل 36 وأمر بتسليمها إلى ذويهم بعد ضبط أقوال أقاربهم بالخصوص.
وكان مصدر مقرب من وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المقترحة، أكد لقناة “النبأ” الليبية التعرف على معظم الجثث التي عُثر عليها، مشيراً إلى أن معظمها يعود لأشخاص من مناطق مختلفة في بنغازي (الليثي، حي السلام، أرض الشريف…) كانوا مختطفين من مليشيات الكرامة منذ مدّة ليست بالطويلة، كما تبين أن الجثث كانت مكبلة الأيادي تعرضت إلى طلقات في الرأس والصدر وأماكن أخرى من الجسد.
ووفق المعطيات المتوافرة تتراوح أعمار الضحايا بين 25 سنة و71 سنة.
ردود أفعال محلية متباينة
تباينت ردود الفعل حول “مجزرة الأبيار” لتعبر عدد من الشخصيات والأحزاب عن رفضهم لمثل هذه الجرائم وفق تعبيرهم، مطالبين بفتح تحقيق جدي وتدويل القضية.
عضو المجلس الرئاسي المقترح محمد العماري زايد طالب، في بيان نشره السبت عبر صفحته على “فيسبوك”، النائب العام بفتح تحقيق في جريمة الأبيار، لإصدار مذكرات اعتقال بحق مرتكبيها والمسؤولين عنها، واصفاً الواقعة بالجريمة البشعة، وأدان العماري، القتل خارج القانون، مهيبا بالحقوقيين القيام بدورهم التحذير من خطر عودة الموت إلى بنغازي، وإظهار الحقيقة فيها.
وبدوره، أدان كل من حزب الجبهة الوطنية وحزب الوطن ما عدّوه مجزرة في الأبيار، كما طالب حزب العدالة والبناء النائب العام بفتح تحقيق، داعيا كافة المنظمات الحقوقية إلى توثيق انتهاكات حقوق الإنسان وبحث سبل الاستفادة العملية من الحركة القانونية الدولية.
من جهته، استنكر مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها، في بيان له السبت، هذه الجريمة التي “تهدم مبادئ الدين والأعراف القبلية والإنسانية” وفق نص البيان، ودعا المجلس إلى “الأخذ على يد المجرمين بكل حسم وقوة وفضح من أفتى بها وحرّض عليها من داخل البلاد وخارجها”.
منظمات حقوقية نحو تدويل جريمة الأبيار
في السياق نفسه، أكدت منظمات حقوقية ضرورة محاسبة الجناة، خلال مداخلة مع قناة “النبأ”، إذ قال عضو منظمة التضامن لحقوق الإنسان خالد العقيلي: إن الجرائم أصبحت ترتكب في بنغازي على مرأى ومسمع الجميع، مؤكدًا أن المؤسسات الحقوقية ستطالب بمحاسبة المتورطين.
وحول دور مؤسسات حقوق الإنسان على الأرض، أشار العقيلي إلى أن المؤسسات ترصد كافة الانتهاكات وتوثقها، موضحاً أن مثل هذه القضايا تحتاج إلى وقت من أجل تقديمها للمحاكم الدولية والمنظمات الحقوقية.
بدوره، طالب رئيس “منظمة ضحايا لحقوق الإنسان” ناصر الهواري بمحاسبة كافة الجهات الضبطية والعدلية في بنغازي، داعياً لتشكيل لجان تحقيق شفافة وعادلة لمتابعة القضية.
ردود الأفعال دولية بين الصدمة والتقصي
عبّرت السفارة الإيطالية في ليبيا، في تغريدة لها على موقع التدوينات المصغرة “تويتر”، عن الصدمة من صور الجثث الملقاة بمنطقة الأبيار شرق مدينة بنغازي، فيما صرّحت المتحدثة باسم بعثة الأمم المتحدة في ليبيا سوسن غوشة لـ”النبأ” أن البعثة تتقصى عن المزيد من المعلومات بشأن الحادثة قبل إصدار أي موقف.
تحقيقات من كل الاتجاهات
وكرد فعل عن جريمة الأبيار، أعلن المجلس الرئاسي المقترح، في بيان له، عن الشروع في التحقيقات بالتنسيق مع النيابة العامة للإسراع في تقديم الجناة إلى العدالة.
من جهته، نشر مكتب الإعلام برئاسة أركان مجلس النواب بياناً على صفحته بـ”فيسبوك”، أشار فيه إلى أن الناظوري أصدر تعليماته للواء ونيس بوخمادة، آمر القوات الخاصة الصاعقة رئيس غرفة تأمين بنغازي، بفتح تحقيق عاجل في الحادثة.
تورط مليشيات الكرامة
مصدر مقرب من وكيل وزارة الداخلية بالحكومة المقترحة كان قد أفاد في وقت سابق بأن معظم الجثث التي عُثر عليها تعود لأشخاص كانوا مختطفين من مليشيات “الكرامة” منذ مدّة ليست بالطويلة.
في السياق نفسه، أشارت مصادر أمنية، بحسب القناة، إلى أن التحقيقات الأولية بشأن جثث الأبيار تفيد بتورط أحمد الفيتوري، وحمزة الشريف، وسليمان مسلوخ الذين يديرون سجوناً سرية ببنغازي، مشيرة في الآن نفسه إلى أن كتائب مسلحة قريبة من صدام خليفة حفتر، ومحمود الورفلي تقف أيضاً وراء العملية.