لم أستغرب حماسة بعض الأطراف في الكويت بعدم توزير أحد من الحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، وهم يعلمون جيداً أنها رفضت التوزير في العام الماضي عند تشكيل الحكومة الجديدة، ولا أتوقع أن تكون أكثر حرصاً على الوزارة في هذه الدورة الجديدة، لكنني أستغرب سبب هذا التحذير للمسؤولين وهو مراعاة «الظروف الإقليمية»!
ولكن ما هذه الظروف الإقليمية؟!
إنها بلا شك العداء الإقليمي لجماعة الإخوان المسلمين، الذي تتبناه بعض دول المنطقة، ووجه الاستغراب لديّ أن هذا المبدأ إذا طبقناه فسنضطر إلى تغيير سياساتنا وعلاقاتنا مع كثير من الأطراف في المنطقة!
أيهما أشد خطراً على المنطقة: إيران والجماعات السياسية والأحزاب التابعة لها ولتوجهاتها وسياساتها، أم جماعة الإخوان المسلمين التي لم تحمل سلاحاً قط في المنطقة الخليجية ولم تطلق يوماً رصاصة واحدة ولم تفجر ولم تؤيد عملاً إرهابياً واحداً؟!
أيهما أشد خطراً: التيار الذي يبارك كل خطوة تقوم بها الدولة ويؤيدها ويصفق لها بداعي طاعة ولي الأمر، أم ذلك الذي ينبه ولاة الأمر إلى الخطأ إذا أخطؤوا ويدعمهم إذا أصابوا؟!
أنا أعرف أن من حذّروا المسؤولين من توزير أتباع «حدس» يدركون –قبل غيرهم– أنها حركة وطنية خالصة، وأن كوادرها من أشد أبناء الكويت حبّاً لها وتفانياً في خدمتها والحرص على أمنها واستقرارها، لكن ما لا يدركه هؤلاء أن خصوم الحركة هم من لا يترددون بزرع الفتنة وتأجيجها بين أبناء الديرة، وهم من يرون أن في قوة «حدس» إضعافاً لطموحهم ونفوذهم الذي استغلوه فترة طويلة وهم يحلبون من ضرع الكويت من دون حسيب ولا رقيب!
نحن لا نريد منهم أن يدعموا توزير «حدس»، حاشا لله، لأننا، كما ذكرت، لسنا أكثر حرصاً على المشاركة في الوزارة من العام الماضي، لكنني أطلب من خصوم الحركة أن تكون عندهم الجرأة لإعلان حقيقة وأسباب موقفهم من عدم توزير كوادرنا!
بصراحة، إذا نظرنا نظرة سريعة إلى نوعية بعض خصومنا فإننا نشعر بالفخر والارتياح، ونطمئن إلى أننا على الطريق الصحيح؛ لأن من كان خصومه من هذه النوعية الرديئة فهو بلا شك على حق، لقد وصل الأمر في الخصوم إلى تحميل التيار الإسلامي المعتدل في المنطقة كل مشاكل المنطقة وأسباب تخلفها، وهم يشاهدون هذه الحرب الإعلامية القذرة في تشويه التيار منذ عدة سنوات!
اليوم أبناء الحركة الدستورية الإسلامية يتم التعامل معهم وفقاً للهوية الفكرية والتوجه السياسي، فيتم منعهم من أبسط حقوقهم الوظيفية بحجة هذا الانتماء، ظناً منهم أن ذلك يضعف الحركة ويشرذمها، ولم يدركوا حقيقة الانتماء العقائدي لهذه الفئة، وأنها كلما اشتدت انفرجت بإذن الله.
عموماً، الآن الساحة تكاد تكون «فاضية» لهم، فاليوم الإعلام بيدهم، وإن كان كذلك منذ الاستقلال، واليوم وسائل التوجيه والتربية بيدهم، وإن كانوا كذلك منذ عشرات السنين، واليوم أغلب الأمور بيدهم يشكلونها كيفما شاؤوا، والمال والمناقصات والتجارة بيدهم يلعبون فيها كما يشاؤون، واليوم خصمهم العنيد تمت «شيطنته» في كثير من الدول وممنوع من الوصول إلى كثير من مراكز اتخاذ القرار! فلنرَ ما ستؤول إليه الأمور في وجودهم ومباركتهم لكل ما حدث ويحدث في المنطقة!
ينشر بالتزامن مع صحيفة “القبس”