من المتهم في التحرش الجنسي؟ الرجل أم المرأة؟ وما الأماكن والبلدان التي يكثر فيها التحرش الجنسي؟ ومن.. ومتى.. ولماذا.. وكيف..، أسئلة محيرة في ذلك الأمر المنتشر في العالم!
الإجابة ببساطة هي الأخلاق والقيم وثقافة المجتمع، فالمجتمعات التي تبيح الجنس تختلف عن غيرها، والمجتمعات التي ينتشر فيها الاختلاط بين الجنسين، والإعلام بلا رقابة، والمخدرات والمسكرات، واللبس الفاضح، والفقر والغنى.. وغير ذلك؛ كلها مؤشرات لوضع ذلك المجتمع قيميا تجاه إباحة الجنس والتحرش الجنسي.
لكننا قد نعيش متناقضات في هذا العالم، الأول: أن التحرش يكون من النساء تجاه الرجال، والثاني: أن يكون التحرش في بلاد مباح فيها الجنس والأفلام الإباحية، والمخدرات والمسكرات، واللبس الفاضح، حتى يصل أحيانا إلى الاغتصاب، وهذه هي الأغرب.
فقد نشرت إذاعة BBC البريطانية تقريرا يصف حجم التحرشات الجنسية في هوليوود، من منتجين وممثلين ومخرجين، وهذه قمة الغرابة، في بلاد ومكان متاح فيه كل شيء بلا حدود، فلم يتم ذلك مع من يؤديالعلاقات الجنسية في الأفلام؟!
ومن المتعارف عليه، وأعلنه بعض المنتجين والمخرجين والفنانات من قبل في لقاءات سابقة؛ أن بعض الفنانات والمذيعات – الجدد بالذات – يتوددن جنسيا حتى يتم إشراكهنفي الأعمال الفنية، فلم جاء التحرش؟!
ولم تكتف ال BBC بنشر التقرير، وإنما استشهدت بالأسماء المشتكى على بعضها بالتحرش الجنسي في المحاكم، ومن وجهتإليهم أصابع الاتهام، وعددهم كبير، ومن الأسماء البارزة في عالم الفن والترفيه في هوليود.
ونشرت صحيفة لوس إنجليس تايمز تقريراً مفاده بأن العديد من السيدات اتهمن منتج الأفلام جيمس توباك بأنه تحرش بهن جنسياً، وصل عددهن إلى أكثر من 200 امرأة يتهمن توباك بأنه استغلهن جنسياً.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” قصة مفصلة عن عدد من مزاعم التحرش الجنسي بحق منتج هوليود الشهير هارفي واينستين، ووجهت له العديد من النساء تهمة الاغتصاب. ونشر اعتذاراً في الصحيفة ” قائلاً إنه ” يعتذر للألم الذي سببه”!
وأعلنت BBC عن توقيف تصوير مسلسل “وايت غولد أند ذات أورديل باي إنوسينيس”، بسبب اتهامات تحرش من بعض الفنانين، ولن يعرض على شاشتها إلا بعد أن تحل الأمور.
وقطعت شركة الترفيه “نتفليكس” العملاقة علاقتها مع الممثل كيفين سبيسي، نجم مسلسلها المشهور “هاوس أوف كاردس”، وذلك إثر سلسلة من المزاعم عن ارتكابه اعتداءات جنسية، بعضها على فتيان صغار!
وخروجا من المأزق القانوني، وتحسين السمعة الفنية، اضطر العديد منهم لتقديم اعتذارات علنية لما قاموا به!
وأمام هذه الظاهرة السلبية، احتشد مئات الأشخاص في مسيرة في هوليوود، ضمت عددا من نجوم هوليوود للاحتجاج على الانتهاكات والتحرش الجنسي في صناعة السينما والترفيه. وشارك في المسيرة ضحايا لانتهاكات وتحرش جنسي، ونظموا الفعالية إلى جانب عائلاتهم وأصدقائهم لجذب الانتباه لقضيتهم.
وقالت الممثلة فرانسيس فيشر إن عدد الاتهامات الأخيرة بشأن الانتهاكات الجنسية في هوليوود غير مسبوق. وأضافت: “هذا شيء لم يحدث من قبل. أن يكون هناك هذا العدد الكبير من النساء والرجال، يخرجون للعلن ويحكون تجاربهم التي تعرضوا لها من انتهاكات جنسية، فذلك شيء لا يمكن تجاهله”.(BBC).
لذا.. يعد عالم الفن، سواء الهوليوودي أو البوليوودي أو اللبناني أو المصري أو غيرهم بتحرشاته وابتزازاته الجنسية، عالما مريضانفسيا، وعالما يفتقد معنى القيم والأسرة والاستقرار، فهو مريض اجتماعيا، وليس من الفخر والاعتزاز مشاركة أي فنان في انحطاط القيم والأخلاق مهما كان السبب.