الإيمان يمثل الدرع الواقية للأبناء من موجات التغريب والإلحاد التي تجتاح مجتمعاتنا الإسلامية
الإيمان لا يتحقق بحفظ الطفل لبعض المعلومات الصماء لكن ينبغي أن يمتلئ قلبه بمشاعر الحب
بمراقبة الله تعالى في السر والعلن يستقيم قلب الطفل وتنضبط جوارحه ويستقر إيمانه
القرآن هو النبع الصافي الذي يروي شجرة الإيمان في القلب والمعين الذي يسكب برد الطمأنينة بالنفس
العبادة من أهم الوسائل الفعالة لتربية قلب الطفل وربطه بربه وتعميق الصلة به تعالى
قبل الحديث عن الغيبيات والأمور المجردة انطلق من المشاهدات الحسية التي يستطيع أن يدركها بحواسه
تجنب إجبار طفلك على أداء بعض الشعائر الدينية حتى لا تضع بينه وبينها حائلاً نفسياً
من الملاحظ بوضوح في واقع أسرنا العربية أن تعليم الأبناء ودراستهم تمثل محور الاهتمام الرئيس الذي يدور حوله كل جهود الغالبية العظمى من الآباء في تنشئة أبنائهم، متغافلين بذلك عن جوانب عديدة في بناء وتكوين شخصية الأبناء.
من أخطر المجالات التي يتغافل عنها الآباء هي التنشئة الإيمانية، وذلك على الرغم من أن الإيمان يمثل الدرع الواقية للأبناء من موجات التغريب والإلحاد التي تحاول اجتياح مجتمعاتنا العربية والإسلامية، كما أن الإيمان الراسخ يحمي صاحبه من سعار الشهوات ويضبط سلوكياته وتصرفاته في كافة مجالات الحياة، ثم يكون في الآخرة سبباً لنجاته وفوزه برضا الله تعالى.
ومن هنا وجب على الآباء أن يعتنوا بغرس بذور الإيمان في نفوس أبنائهم منذ نعومة أظفارهم.
وفي السطور التالية نستعرض بعضاً من أهم المداخل التي نعتقد أنها تسهم بدور كبير في بناء الإيمان في قلوب الأبناء:
1- التعلق بالله تعالى:
من الضروري أن تعمل على غرس محبة الله في قلب طفلك منذ صغره حتى يصبح دائم الارتباط والتعلق به تعالى، واعلم أن الإيمان لا يتحقق بمجرد حفظ الطفل لبعض المعلومات الصماء، ولكن ينبغي أن يمتلئ قلبه بمشاعر الحب الفياضة، ومن الأمور التي تساعد على تحقيق ذلك:
– ربط كل نعمة أو شيء جميل يتحقق لطفلك بفضل الله، وأنه سبحانه هو المعطي المانح، فمثلاً عند شراء لعبة يريدها تدعوه إلى أن يحمد الله الذي رزقك المال لتشتري به هذه اللعبة.. وهكذا.
– تنبيهه إلى نعم الله تعالى الكثيرة علينا، مثل نعمة العين التي نبصر بها، والأذن التي نسمع بها، واللسان الذي نتكلم به، والفاكهة اللذيذة التي نأكلها.. إلخ.
– توجيهه إلى التفكر والتدبر في خلق الله تعالى بما يناسب عمره وقدراته.
2 – محبة النبي “صلى الله عليه وسلم”:
احرص على ترسيخ حب النبي “صلى الله عليه وسلم” في قلب طفلك منذ صغره، فهو أصل من أصول هذا الدين، ومبدأ من مبادئه التي لا يستقيم إيمان المرء بدونها.
ومن الأمور التي تعينك على ذلك:
– حكاية سيرة النبي “صلى الله عليه وسلم” بأسلوب جذاب ومشوق، مع التركيز على أخلاقه ومعجزاته وحبه للصغار وعطفه عليهم.. إلخ، وفي هذا يقول سعد بن أبي وقاص: كنا نعلم أولادنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن.
– تعويده الصلاة على النبي “صلى الله عليه وسلم” بمجرد سماع اسمه.
– توفير بعض الفيديوهات الجذابة التي بها قصص عن حياة النبي “صلى الله عليه وسلم”.
– مساعدته على حفظ بعض الأحاديث.
– تشجيعه ومساعدته على المشاركة في إنتاج بعض الأعمال التي يعبر فيها عن حبه للنبي “صلى الله عليه وسلم” مثل: كتابة الشعر، التمثيل، الإنشاد، القصص، بحث قصير، الخطابة.. إلخ.
3 – مراقبة الله عز وجل:
من المعالم الأساسية للإيمان التي يجب عليك ترسيخها لدى طفلك هي مراقبة الله تعالى في السر والعلن، فبها يستقيم قلبه وتنضبط جوارحه ويستقر إيمانه، ومن الأمور التي تساعدك على ذلك:
– تذكيره بأن الله يرانا في كل مكان ومطلع على أعمالنا.
– تعويده على أن يكثر من ترديد هذه العبارة: «الله معي، الله ناظري، الله شاهدي»، وخاصة قبل نومه، حتى يستقر ذلك في قلبه.
– تذكيره دائماً بأن هناك ملكين يراقبانه ويكتبان كل شيء يفعله.
– حكاية بعض القصص عن مراقبة الله، مثل قصة بائعة اللبن وغيرها.
4- الارتباط بالقرآن الكريم:
اجتهد في غرس حب القرآن الكريم والارتباط به في نفس طفلك؛ فالقرآن هو النبع الصافي الذي يروي شجرة الإيمان في القلب، وهو المعين الذي يسكب برد الطمأنينة والسكينة في النفس.
ويساعدك على ذلك:
– أن تكون قدوة عملية له في تلاوة القرآن وتدبره والعمل به.
– فتح المصحف وحكاية بعض قصص القرآن المناسبة له.
– حثه على قراءة بعض آيات القرآن بشكل يومي بما يناسب عمره.
– مساعدته على حفظ قصار السور منذ نعومة أظفاره.
– تشجيعه على حضور حلقات تعليم القرآن.
– إشراكه في مسابقات القرآن.
– مدحه والثناء عليه كلما صدر منه سلوك طيب تجاه القرآن، كتلاوة بعض الآيات أو حفظها أو رفع شيئاً سقط على المصحف.. إلخ.
5- أذكار الأحوال:
احرص على ربط طفلك بالله تعالى مع كل عمل يقوم به، وذلك من خلال تعريفه وتدريبه على الالتزام بالأذكار المتعلقة بالأحوال، مثل أدعية: النوم والاستيقاظ، قبل الطعام وبعده، الخروج من المنزل والدخول إليه، دخول الحمام والخروج منه.. إلخ، ويساعدك على التزامه بها:
– التزامك أنت بها وقولها بصوت يسمعه طفلك.
– كتابتها في لوحات صغيرة وتعلقها في أماكنها المناسبة.
– تذكيره بها دائماً، فمثلاً إذا عطس أحد تذكره وتسأل الجميع: ماذا نرد عليه؟ وهكذا.
– إحضار كتيب خاص بها لرجوعه إليها حال النسيان.
– الحرص على مكافأته عند التزامه بها.
6- ممارسة العبادات:
احرص على تعويد طفلك على ممارسة العبادات والشعائر الدينية منذ نعومة أظفاره؛ فالعبادة من أهم الوسائل الفعالة لتربية القلب وربط العبد بربه وتعميق الصلة به تعالى، وفي مقدمة هذه العبادات الصلاة والصيام، ومن الأمور التي تعينك على تدريبه عليهما:
أ- الصلاة:
– كن قدوة له في الحفاظ عليها.
– تشجيعه على الوقوف بجوارك وتأدية حركاتها.
– اصطحابه للمسجد وشراء شيء يحبه بعد الصلاة مباشرة.
– تعظيم قيمتها بتعويده على التوقف عن الأعمال والكلام عند سماع الأذان.
– توفير كراسات تلوين تتناول الصلاة.
– امتداح أدائه لها أمام الأقارب والأصدقاء.
– عند 7 سنوات اعقد له حفلاً لبدء الصلاة.
– الحديث معه عن فضائلها.
– مشاهدة مقاطع فيديو جذابة ومشوقة عن الصلاة.
– متابعة محافظته عليها.
– الاتفاق معه على جدول متابعة للصلاة.
ب- الصيام:
– توضيح معنى الصيام له وتدريبه عليه عندما يكون لديه الفهم والقدرة على الصيام ولو لساعة واحدة.
– التحدث معه عن فضائل الصوم.
– تدريبه على الصيام بالتدرج، كأن يصوم من السحور إلى الوقت الذي يستطيعه، ثم يزداد هذا الوقت بشكل متدرج، ويمكن تدريبه بتأخير تناوله لإفطاره إلى الثانية عشرة ظهراً مثلاً، ثم يصوم بعدها الوقت الذي يستطيعه، وبشكل متدرج يتم زيادة هذا الوقت.
– تأخير تناول السحور إلى ما قبل أذان الفجر؛ لتقليل الساعات التي يشعر فيها بالجوع والعطش.
– توجيهه للتقليل من بذل أي جهد بدني كبير.
– شغله بشكل مفيد ومرح أثناء صيامه؛ خاصة قبل أذان المغرب.
– الابتعاد تماماً عن أسلوب الضغط والتخويف والعقاب أثناء تدريبه.
– مدحه وتقديم بعض الهدايا العينية أو المكافآت المادية غير المبالغ فيها.
عوامل مساعدة
1- الانتقال من المحسوس إلى المجرد:
من الضروري عند حديثك مع طفلك عن المعاني المجردة، وخاصة الغيبيات، أن تستخدم المشاهدات الحسية التي يستطيع أن يدركها بحواسه، فمثلاً عند الحديث معه عن رؤية الله لنا جميعاً في وقت واحد تقول له: «حينما تكون أنت واقفاً في أعلى العمارة، وعدد كبير من أصدقائك يقفون أسفل العمارة، فإنك تراهم جميعاً في نفس الوقت، والله سبحانه أعلى منا بكثير، لذلك فهو يرانا كلنا في وقت واحد».
2- الانسجام بين قولك وعملك:
الانسجام بين قولك وعملك يساعد على نمو الجوانب الوجدانية والإيمانية بشكل أفضل، ومن الضروري الثبات والاستمرار على ذلك؛ لأن مرة واحدة يراك فيها طفلك تمارس سلوكاً خاطئاً، ربما يهدم كل ما سبق.
3- التحفيز لا الإجبار:
تجنب إجبار طفلك على أداء بعض الشعائر الدينية؛ حتى لا تضع بينه وبينها حائلاً نفسياً سلبياً، ولكن يمكنك استخدام التشجيع والتعزيز بكل أشكاله المعنوية والمادية؛ لدفعه إلى ممارسة هذه الشعائر بما يناسب قدراته وإمكاناته.
4- الترغيب لا الترهيب:
احرص على استخدام الترغيب في الثواب والجنة عند توجيه سلوكيات طفلك، وابتعد عن تخويفه من النار وذكر ما فيها من تفاصيل وأنواع العذاب، خاصة في السنوات الست الأولى من عمره؛ لأن ذلك قد يصيبه ببعض المخاوف، وقد يؤثر على بنائه النفسي تأثيراً سلبياً.
5- التدريب والتعويد:
يؤدي التدريب والتعويد دوراً فعالاً ومؤثراً في تكوين وتنمية مفاهيم الدين لدى الطفل؛ لذا عليك أن تحرص على تكرار العبادات، مثل أداء بعض الصلوات أو تلاوة القرآن وغير ذلك من السلوكيات المرغوبة أمامه، وأن تكون عوناً له على تعويده عليها حتى تثبت لديه، وتصبح عادة يمارسها بلا مشقة أو استثقال في المستقبل.>