على صفيح ساخن، يقف الاقتصاد التونسي منذ مطلع 2018، تزامنا مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات في عديد المدن داخل البلاد، رفضا لإجراءات تقشفية وغلاء الأسعار.
تونس، التي استعادت جزءا من الاستقرار الاقتصادي في 2017، بفضل تحسن السياحة والاستثمارات المباشرة والنمو، يتهددها اليوم انكماش في مختلف المجالات بفعل المظاهرات.
وتعيش تونس، منذ الإثنين الماضي، على وقع احتجاجات ضد غلاء الأسعار في عدة مدن، تخللتها مواجهات بين محتجين وقوات الأمن.
واضطرت الحكومة في البلاد، نهاية العام الماضي، الإعلان عن رزمة إجراءات تقشفية وزيادة في الضرائب، ورفع أسعار سلع وخدمات أساسية، دخلت حيز التنفيذ مطلع 2018 مع الموازنة الجديدة.
** ارتفاع أسعار
أسعار المحروقات (البنزين والغاز)، شهدت ارتفاعا منذ مطلع العام الجاري، تبعه صعود في مختلف القطاعات التي تدخل فيها السلعتان ضمن عناصر الإنتاج.
وما بين ارتفاعات أسعار لسلع معينة، وتأكيد حكومي على استقرار أخرى، شهدت الأسواق المحلية منذ بداية 2018 حالة فوضى تجاري، إذ ارتفعت أسعار السكر والقهوة والخضار واللحوم وأصناف من الأدوية.
هذه التطورات، تزامنت مع دخول قرارات في مشروع موازنة العام الجاري حيز التنفيذ في 1 يناير/ كانون ثاني الجاري، تتمثل في زيادة ضريبة القيمة المضافة، والأداء على الشركات، وارتفاع في الجمارك على السلع المستوردة.
يضاف إلى ما سبق، قرار حكومي دخل أيضا حيز التنفيذ، بخصم 1 بالمائة في رواتب الموظفين العموميين، تحت ما أطلق عليه “مساهمة ظرفية موجهة للصناديق الاجتماعية”.
** خفض العجز
وتبلغ الموازنة العامة التونسية للعام الجاري 36 مليار دينار (14.5 مليار دولار)، أي بزيادة مليار دولار واحد عن الموازنة السابقة.
وعبر إجراءات تقشفية وزيادات ضريبية، تستعد تونس لخفض عجز ميزانية الجاري المقبل إلى 4.9 بالمائة من الناتج الداخلي الخام (مقابل 6.1 بالمائة متوقعة لكامل 2017).
موازنة البلاد في 2018، قالت الحكومة إنها سترتكز على محاور أساسية، هي: إجراءات لدفع الاستثمار، والتشجيع على الادخار، وأخرى للتصدي للتهرب الجبائي والمالي، ولدعم الموارد الجبائية، ولتحسين الخدمات والمحافظة على القدرة الشرائية للمواطن.
وواحد من أهم بنود موازنة العام الجاري، والذي ستظهر تبعاته السلبية خلال العام الجاري، يتمثل في تسريح 16 ألف موظف من القطاع العام بشكل اختياري، سعيا لتخفيف عبء الأجور.
ولطالما دعا صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية إلى ضبط فاتورة الأجور، والسعي لعدم تضخمها في الموازنات المقبلة، وتحويل الأموال المتوفرة من الضبط للمشاريع الاجتماعية والاستثمارية.
** مؤشرات متباينة
وبعد أن سجل نموا دون 1 بالمائة في 2015، صعد نمو الاقتصاد التونسي إلى قرابة 1.8 بالمائة في 2016، بينما قال رئيس حكومة تونس يوسف الشاهد في ديسمبر/ كانون أول الماضي أن البلاد سجلت نموا بـ 2 بالمائة حتى نوفمبر/ تشرين ثاني 2017.
ووفق قانون موازنة العام الجاري، تتوقع الحكومة التونسية تسجيل معدلات نمو بحدود 3 بالمائة خلال 2018 و4 بالمائة في 2019 و5 بالمائة بحلول 2020.
أرقام للمعهد الوطني للإحصاء في تونس، صدرت منتصف نوفمبر/ تشرين ثاني الماضي، أشارت إلى أن نسبة البطالة بلغت 15.3 بالمائة في الربع الثالث 2017، بعدد عاطلين عن العمل بلغ 628.6 ألف باحث، صعودا من 626.1 ألفا في الربع الثاني 2017.
والشهر الماضي، أورد البنك المركزي التونسي ارتفاع نسبة التضخم السنوي في البلاد خلال نوفمبر/تشرين الثاني إلى 6.3 بالمائة مقابل 5.8 بالمائة في الشهر السابق عليه.
البنك المركزي قال أيضا، إن ارتفاعا في عجز الميزان التجاري بنسبة 24 بالمائة على أساس سنوي في الشهور الأحد عشر الأولى من 2017 إلى 14.4 مليار دينار (5.7 مليارات دولار).
ولم يكن حال أسعار الصرف أفضل حالا، إذ ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار التونسي، إلى 2.48 دينار بنهاية 2017، مقارنة مع 2.29 دينار مطلع ذات العام، بنسبة ارتفاع بلغت 8.7 بالمائة.
وتعيش تونس، تذبذبا في وفرة النقد الأجنبي داخل السوق المحلية، ما هبط بالدينار مقابل العملات الأجنبية، وكانت إحدى نتائجه ارتفاع نسب التضخم.
في المقابل، خالفت صناعة السياحة الأرقام السلبية السابقة للاقتصاد التونسي في 2017، إذ أعلنت رئاسة الحكومة التونسية، مؤخرا، أن عدد السياح الوافدين إلى البلاد، منذ مطلع 2017 حتى 20 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، ارتفع بـ 23 بالمائة، ليصل إلى 6.7 ملايين سائح.
وأضاف تقرير الرئاسة أن إيرادات السياحة سجلت ارتفاعا بـ 16.3 بالمائة، لتقدر بقيمة 2.69 مليار دينار (ما يعادل نحو 1.11 مليار دولار).