تعرض مساء الإثنين الماضي 26 فبراير، المسجد الجامع بمدينة “آمباراي”، في شرق سريلانكا، لهجوم جماعات بوذية متطرفة مما ألحق به وبممتلكات مسلمين مجاورة أضرار بالغة، وفقاً لصور وبيانات وصلت لـ”المجتمع”.
وللتعرف على حقيقة ما حدث، أوضح أحد المصادر الإسلامية في شرق سريلانكا (اعتذر عن ذكر اسمه)، في تصريحات خاصة لـ”المجتمع”، بأنه تم إلحاق أضرار فادحة بالمسجد، حيث تم تكسير أبواب وشبابيك المسجد وإحراق المصاحف والكتب الإسلامية والاعتداء من كانوا بداخله من الحراس والعاملين.
وأشار إلى أنه لم يقتصر اعتداء المهاجمين على المسجد فقط؛ بل تعدى إلى الاعتداء على ممتلكات للمسلمين بجواره، حيث تم إحراق عدة محلات للمسلمين وسيارات ودراجات نارية وغيرها من الممتلكات.
يشار إلى أن مسلمي سريلانكا يشكلون حوالي 9% من إجمالي تعداد السكان البالغ نحو 20 مليون نسمة، أي أنهم نحو مليون وثمانمائة ألف نسمة، وينتشر المسلمون في كافة محافظات سريلانكا الـ25 محافظة؛ إلا أن ثلثهم تقريباً يتركزن في شرق البلاد، بينما الثلثان الآخران منتشرون في سائر المناطق.
جماعة بوذية
وحول ماهية هوية المعتدين وإلى أي جماعة ينتمون إليها، أوضح المصدر بأن المعتدين هم بوذيون، ويشاع بأنهم منتمون إلى حزب الرئيس السابق (ماهيندا راجافاكشا)، وذلك اعتماداً على الملابسات المحيطة بالاعتداء، ولكن الأمر غير متأكد، وكان عددهم ما يقرب 200 شخص.
ورداً على سؤال لـمراسل “المجتمع”، حول إذا ما كان قد سبق هذا الحادث حوادث أخرى مماثلة من قبل، أكد أنه في هذه المدينة “يعد الأول”، ولكن في مدن أخرى مثل كولومبو، وآلوتكاما، ودامبولا، وكينتوتا، “حدثت عدة اعتداءات شديدة من قبل في عهد الرئيس السابق والرئيس الحالي مايتيريفالا سيريشينا.
وأشار إلى أن كافة هذه الحوادث قد حدثت على مرأى ومسمع من السلطات الأمنية، مضيفاً: بالنسبة لحادثة المسجد الحالية، فإن مركز الشرطة ليس ببعيد، وكذلك قوات العمليات الخاصة والقوات الجوية، ومع ذلك لم يحضر أحد إلا بعد نصف ساعة من الهجوم، وهو ما دفع بالمصدر إلى الاعتقاد بأن حادثة الاعتداء على المسجد “تم التخطيط لها جيداً من قبل المهاجمين”!
غالبية بوذية
وبشأن أهمية هذه المنطقة، وأهمية تواجد المسجد بها، أوضح المصدر أن هذه المدينة تسكنها غالبية ساحقة من الطائفة البوذية المعروفة بالسنهاليين، وتتركز فيها أغلب المصالح والدوائر الحكومية للمنطقة كلها، كما يقع فيها المستشفى الكبير للمنطقة، وتوجد بها كذلك شركات كبيرة تجعل منها منطقة حيوية لجميع السكان.
وأشار إلى أن للمسلمين فيها بعض المحلات التجارية منذ فترات طويلة، كما أن نسبة السكان من غير البوذيين سواء من المسلمين أو الهندوسيين ضئيلة جداً.
لذلك؛ البوذيون لا يريدون أن تكون هناك جوامع في هذه المدن المهمة التي يعيشون فيها بأغلبية، ولكن لوجود هذا المسجد، ونظراً لعمل كثير من المسلمين في الدوائر الحكومية المحيطة به؛ فإن أعداداً كبيرة المسلمين تفد إلى هذا المسجد وتزور هذه المدينة كل يوم وهو ما لا يرغب به البوذيون.
وحول المسجد الجامع بآمباراي، نقل المصدر تصريحات لرئيس أمناء المسجد الحاج محمد هارون، أوضح فيها أن تاريخ المسجد يعود لعام ١٩٤٨م، حيث خصصت الحكومة وقتها ٤ أفدنة لأرض المسجد، وتم تأسيس المسجد بصورة كوخ في عام ١٩٤٨م، ثم تم ترميمه مرتين في عام ١٩٥٩، و٢٠٠٥م.
خفوت أمل
وبشأن ردود فعل مسلمي سريلانكا، تأسف المصدر، لـ”ضياع بريق الأمل الذي كان لدى المسلمين إزاء الحكومة الحالية التي وصلت للحكم بأصوات المسلمين والهندوسيين معاً”، كما لفت إلى ضجر المسلمين لعدم جدية البرلمانيين المسلمين، واصفاً إياهم “بفقدانهم الجرأة والشجاعة لمواجهة مثل هذه الاعتداءات ولو في مجلس الوزراء”.
وأشار إلى أنه ليس هناك إعلام مرئي يهتم بشؤون المسلمين وأخبارهم، حيث إن هناك تعتيماً إعلامياً كبيراً من قبل قنوات التلفاز الحكومية أو الخاصة التي يمتلكها البوذيون أو الهندوسيون، ومتأسفاً في ذات الوقت لأنه وكذلك قنوات التلفاز الإعلامية في دول العالم الإسلامي أيضاً لا تهتم بمثل هذه القضايا التي تمس مسلمي هذه الجزيرة في جنوب شرق آسيا.
التعاون الإسلامي
من جهتها، أعربت منظمة التعاون الإسلامي في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني في الأول من مارس الجاري، عن قلقها إزاء الاعتداءات على المسلمين في أمبارا بسريلانكا.
وشددت في بيانها على ضرورة حماية حقوق الأقلية المسلمة وخاصة الحق في صون ممارساتهم الدينية دون تحرش أو انتهاك مباشر أو غير مباشر وكسب سبل عيشهم وممارسة أعمالهم التجارية تحت الحماية القانونية الكاملة.
كما دعا الأمين العام حكومة جمهورية سريلانكا الشعبية إلى الشروع على وجه السرعة في إجراء تحقيقات حول تلك الانتهاكات وضمان سلامة وأمن الأقلية المسلمة عند ممارستها لحقوقها الدينية وفقاً لجميع معاهدات وصكوك حقوق الإنسان الدولية ذات الصلة.