نظمت حركة النهضة الندوة الشبابية السنوية بمدينة الحمامات بمشاركة أكثر من 5 آلاف مشارك ساهموا في انتخاب ممثليهم بالمكتب التنفيذي للحركة، وبقية مؤسسات الحركة من بينهم عدد من القيادات الطلابية السابقة.
وقد صادق الملتقى على جملة من المضامين، وعبر الشباب عن مشاغل الشباب في الجهات المنحدرين منها، والمتعلقة أساسا بالتشغيل والتعليم والصحة والتوافق السياسي والانتخابات إلى جانب القضايا الوطنية والإقليمية، ولاسيما قضية فلسطين، القضية المركزية للامة، وكذلك الوضع في ليبيا ودور قيادة الحركة.
ثورة شباب
وقال رئيس حزب حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي، في افتتاح الندوة منوها بأجواء الحريات “في تونس الحرة، التي يسير فيها المرء لا يخشى فيها إلا الله، ولا يخضع سوى لسلطة القانون”. وذكر بأن” الثورة ثورة شباب، يتقدمهم الشاب محمد البوعزيزي، ولم تكن ثورة شاب واحد وإنما أجيال من الشباب، والحركة الإسلامية، أسس شباب كانوا في مثل سنكم، ولم يكن يتجاوز سن الواحد منهم ال27 عاما، وعندما اجتمعنا في المؤتمر الاستثنائي في بداية الثمانينات كان من بين الشباب الأخ علي العريض، والأخ نور الدين البحيري، { من القيادات الطلابية ومن وزراء حكومة الترويكة 2012 / 2014 } وفي سنة 1987 عندما انعقدت محكمة أمن الدولة وحكمت بالإعدام على عدد من الشبان كان من بينهم بو لبابة دخيل، وعدد من الشباب، وكان ممن حكم عليه بالإعدام علي العريض، وعدد من أبناء هذه الحركة منهم من لقي الله شهيدا، ومنهم من مد الله في عمره حتى رأى هذا اليوم”.
وجدد الغنوشي تأكيده على أن “ثورة تونس ثورة شباب، أجيال من الشباب، لقيت ربها وهي تناضل من أجل هذا اليوم”. ودعا الغنوشي إلى “تحويل هذه الثورة العظيمة إلى ثروة، وإلى حرية، وإلى ديمقراطية، وإلى ازدهار”.
وتطرق الغنوشي إلى ما وصفها بحالة القنوط التي انتابت قطاعات من الشعب بعد سيطرة الرأسماليين والمرابين على مفاصل الدولة، وأحكموا القبضة الأمنية والعسكرية والإعلامية حتى لم يعد هناك مجال للثورة إلا أن تونس برهنت على أنه لا يزال هناك مجال للثورة، ولا يزال هناك مجال لكلمة الشعوب أن تعلو، ولكلمة الله أن تعلو، ولكلمة الحق والعدل أن تعلو، فكانت ثورة شباب تونس قبل بضع سنوات.
دعوة للتعقل
واستعرض الغنوشي ارتدادات الثورة في الجوار الإقليمي ليبيا ومصر “وقد عم القاعة شعار ثوار أحرار حنكمل المشوار” واليمن وسورية ووصفها بأنها “ثورات شباب”، وأن “الوقود الدائم للثورات هي ثورة فلسطين، ثورة أبناء القسام”، ووجه التحية للثورات العربية المجيدة التي ألهبتها ثورة الحرية والحق والعدل في تونس.
وشدد الغنوشي على أنه “لا مجال اليوم لعودة الديكتاتورية والاستبداد والفساد.. وهناك عقلاء يدركون أن زمن الاستبداد قد ولى ولذلك أقبلوا على إصلاح أوضاعهم وأدركوا حكمة بيدي لا بيد عمر، وأدركوا حكمة الإصلاح المتدرج، وهناك دول في المغرب العربي تسلك طريق الحرية الهادئة والتحول الديمقراطي الهادئ، ونتمنى لكل الأنظمة العربية أن تكون أنظمة عاقلة تدرك أن زمن الاستبداد قد انتهى ولم يعد ممكنا أن تواصل الحكم الانفرادي”.
وأشار الغنوشي إلى ما وصفهم بالحكام البلهاء، الذين لم يدركوا أن “زمن الحرية قد أقبل وأن الثورة التونسية تمثل صرحا جديدا في دنيا العرب لدخول التاريخ مجددا بعد أن خرجوا منه بسبب الاستبداد لأنه بدون الحرية لا كرامة ولا حضارة ولا دين خارج الحرية” وأوضح بأن ” الثورة التونسية أدخلت العرب في العصر الجديد، عصر الحرية، عصر الديمقراطية، والمسألة مسألة وقت حتى نرى العالم العربي وقد التحق بثورة تونس المجيدة”.
بين تطرفين
وقارن الغنوشي بعد ثورة الربيع العربي، وربيع أوربا الشرقية في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات” إذ كانت الثورة في أوربا الشرقية في نهاية الثمانينات مضمونها ليبراليا، إن لم يكن أمريكيا، لذلك سميت أوربا الشرقية بأمريكا الجديدة، فالثورة التونسية والثورات العربية لم يكن لها من مضمون حقيقي سوى الإسلام”.
وأكد الغنوشي أن الإسلام المقصود هو إسلام المقاصد والحضارة والقيم، وليس إسلام الدراويش أو الدواعش، لأن إسلام الإرهاب على حد قوله: “لا علاقة له بالإسلام، وأن الإسلام الحقيقي هو إسلام العدل وإسلام الحرية وكرامة المرأة، وإسلام الديمقراطية، الإسلام الذي ينتصر للمستضعفين وينتصر للمظلومين، وينتصر للحركة النقابية التي تناضل من أجل المساواة بين البشر وكرامة الإنسان”.
وقال الغنوشي في كلمته: إن “النهضة محاصرة بين تطرفين، تطرف العلمانية والحداثة، والمتشددين باسم الإسلام، والنهضة ضد التطرف باسم الحداثة وضد التطرف باسم الإسلام”، وخاطب شباب النهضة” أنتم ممثلي الإسلام، تقدمون عنه صورة جميلة، فالإسلام اليوم عنوان الثورة السلمية”.
وكشف زعيم حزب حركة النهضة عن سر بقاء الحركة رغم ما لاقته في صيرورة مقاومة الفساد والاستبداد وهو ” التمسك بالاعتدال الإسلامي وبالمنهج الديمقراطي”، مشيراً إلى ما وصفها بالخلافات في قيادة حركة النهضة، ملفتا إلى أن الحركة منذ نشأتها كانت تشوبها بعض الخلافات لكن يوحدها الاعتدال الإسلامي فكل يجادل عن رأيه ثم نحسم الخلاف بالتصويت، والقيادة التي تنتخب هي التي يجب أن تتعاملوا معها وتتمسكوا بها”.
اجتماع تاريخي
ووصف رئيس مجلس شورى حركة النهضة عبد الكريم الهاروني الندوة بأنها” اجتماع تاريخي لأكثر من 5 آلاف شاب وشابة من القيادات الشبابية في الحركة هو حصيلة مسار ومخاض دام 50 سنة منذ تأسست هذه الحركة المباركة”، مذكراً بما قاله البعض ممن يفكرون بالتمني” في عام 2011 قال بعضهم إن هذه الحركة في طريقها للانقراض فكل قيادتها من الشيوخ والكهول، فكذبنا هذا القول بلقاء وطني لشباب النهضة في القبة في يوليو 2011 ضم ما لا يقل عن 15 ألف من شباب النهضة وكان ردا قويا وحاسما وكان مقدمة لانتصار النهضة في عام 2011″، وتابع: “اليوم وبعد سنوات من المقاومة والصمود، وسنوات من الحكم، وسنوات من الأذى الذي أحاط بالنهضة من كل مكان اجتماعكم اليوم بعد 7 سنوات بهذا الحجم وهذه النوعية من خيرة شباب تونس، هو أحسن رد على الذين عملوا بالليل والنهار على إقصاء النهضة واستئصال النهضة، وقطع الطريق بين النهضة وبين شباب تونس، وسيكون هذا الاجتماع مقدمة لانتصار كبير في الانتخابات القادمة”. واستعرض المراحل التي مرت بها الحركة من الغربة إلى الملاحقة إلى الحكم. مهنئا الشباب على اختيارهم لممثليهم في قيادة الحركة. مؤكدا على أن العلاقة المبنية داخل الحركة هي الأخوة مهما اختلفت الآراء. وهو ما تختلف فيه الحركة عن بقية الأحزاب على حد قوله، داعياً شباب الحركة للانفتاح على بقية شباب تونس لربط أواصر الأخوة والمواطنة معه، وذلك بما لدى شباب الحركة من رصيد حيث يترأس الشباب أكثر من 50 قائمة من أصل 350 قائمة في جميع الدوائر في الانتخابات البلدية. وهي رسالة بأن الحركة تؤهل الشباب لقيادة الحزب والدولة وهم موجودين في كل مؤسسات البلاد وقريبا سيقودون البلديات. منوها بإقامة أكاديمية لتكوين الشباب على قيادة البلاد في كل المستويات.