سياسي ودبلوماسي ومحام أمريكي، يعتبر من صقور اليمين المحافظ في الولايات المتحدة الأميركية، وأحد رموز السياسة المتشددة حيال عدد من الملفات الخارجية، ناضل من أجل غزو العراق ودعا إلى ضرب إيران وتقويض الأمم المتحدة، وصفته إحدى الصحف البريطانية بأنه متشدد ومستفز ووقح ومنفلت. عينه ترمب في مارس 2018 مستشاراً للأمن القومي.
المولد والنشأة
ولد جون روبرت بولتون في 20 نوفمبر 1948، في بالتيمور بولاية ميريلاند في الولايات المتحدة الأمريكية.
الدراسة والتكوين
درس بولتون في مدرسة ماكدونوج بمدينة أوينغز ميلز، قبل أن يلتحق بجامعة ييل الخاصة التي نال منها درجة البكالوريوس بامتياز عام 1970، ثم التحق بعد ذلك بكلية الحقوق في الجامعة ذاتها ويتخرج فيها محاميا خلال العام 1974.
الوظائف والمسؤوليات
انخرط بولتون بعد تخرجه في العام 1974 في سلك المحاماة، وعمل محاميا في عدد من مكاتب المحاماة في الولايات المتحدة خلال الفترة من منتصف السبعينيات إلى نهاية عقد تسعينيات القرن الماضي، كما عمل في الفترة ذاتها في بعض مراكز الأبحاث ومن بينها معهد أميركان إنتربرايز إنستيتيوت (American Enterprise Institute).
تولى بعد ذلك عددا من الوظائف والمسؤوليات، من بينها عمله مساعدا لوزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر عندما عين مبعوثا شخصيا للأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان إلى الصحراء الغربية.
كما تولى وظائف ومسؤوليات أخرى في وزراتي العدل والخارجية خلال فترتي حكم الرئيسين الأسبقين ريغان وجورج بوش الأب، وخلال إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن عمل جون بولتون وكيلا لوزارة الخارجية مكلفا بالحد من التسلح وبالأمن الدولي.
وفي أغسطس 2005 عين الرئيس الأمريكي جورج بوش بولتون سفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في مؤتمر صحفي عقدته في مقر وزارتها بواشنطن إنها هي وبوش قد طلبا من بولتون قبول هذا المنصب لأنه دبلوماسي محنك يتسم بالصرامة ويعرف كيف ينجز الأمور التي يكلف بها حسب وصفها.
ولكن مجلس الشيوخ جمد تعيين بولتون -المعروف بانتقاداته اللاذعة لمنظمة الأمم المتحدة- على خلفية مزاعم بتورطه في التلاعب بمعلومات استخبارية وبترهيب محللين بالمخابرات من أجل دعم تصوراته حول برامج التسلح، بيد أن بوش مضى في قراره بتعيين بولتون متجاوزا قرار مجلس الشيوخ الذي جمد تعيينه مستغلا دخول مجلس الشيوخ في إجازة.
وفي 22 مارس 2018 أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب في تغريدة على موقع “تويتر” تعيينه محل هربرت ماكماستر في منصب مستشار الأمن القومي، ليكون ثالث مستشار للأمن القومي الأمريكي منذ انتخاب ترمب رئيساً.
وقال ترمب: “أنا سعيد أن أعلن أنه ابتداء من التاسع من أبريل المقبل (2018) سيكون بولتون مستشاري الجديد للأمن القومي”، أما بولتون فقال في أول تصريح له بعد تعيينه إن مكافحة ما وصفه بالإرهاب على رأس الأولويات التي سيعمل عليها مع دونالد ترمب.
وقد قال بولتون قبل ذلك في تغريدة على “تويتر”: إنه لشرف عظيم أن يطلب منه الرئيس ترمب أن يخدم مستشاراً للأمن القومي. وأضاف أنه يقبل ما عرضه عليه الرئيس بكل تواضع لأن الولايات المتحدة تواجه حاليا مجموعة واسعة من القضايا.
وتابع بولتون أنه يتطلع إلى عمل مع الرئيس ترمب وفريق قيادته لمقاربة هذه التحديات المعقدة، في إطار جهد يهدف إلى جعل بلاده أكثر أمناً في الداخل وأكثر قوة في الخارج.
وأعربت “إسرائيل” عن سرورها الشديد لتعيين بولتون مستشاراً للأمن القومي لترمب، وأكد سفير “إسرائيل” لدى الأمم المتحدة أن بولتون صديق حميم ومؤيد متحمس لمواقف الحكومة “الإسرائيلية”، ومن أشد المتحمسين لإعلان القدس عاصمة “إسرائيل”.
وأشارت صحيفة “هاآرتس” إلى أن تعيين بولتون في هذا المنصب الهام ضربة قاضية لحل الدولتين، كما أنه مؤيد لتوجيه “إسرائيل” ضربة لإيران للقضاء على مشروعها النووي وتغيير نظام الحكم فيها.
وقالت صحيفة “إندبندنت” البريطانية: إن الديمقراطيين وعدداً من الجمهوريين غاضبون من اختيار ترمب لبولتون الذي وصفوه بالمتطرف الخطر ذي السجل الذي يهدد تحالفات أمريكا الرئيسية حول العالم.
ونسبت إلى السناتور الديمقراطي إدوارد ماركي قوله: إن بولتون أدى دوراً أساسياً في تسييس الاستخبارات التي ضللت الأمريكيين حول العراق “لا يمكننا ترك هذا الصقر يورطنا في حرب أخرى”.
توجهات ومواقف
يعتبر بولتون أحد أبرز الصقور المحافظين في إدارات أميركية متعاقبة، وصفه أحد المواقع البريطانية بأنه يميني متشدد ومستفز ووقح ومنفلت ومتهم بأنه كان من المتلاعبين في أسلحة الدمار الشامل المزعومة بـ العراق وداعية إلى غزو العراق بقرار أمريكي منفرد.
ووصفته صحيفة “واشنطن بوست” بالمتعصب والمتشدد والمتوحش الذي أرهب محللي الاستخبارات ودفعهم إلى اصطناع أدلة على أن كوبا تطور برنامج لحرب بيولوجية وأن العراق يطور أسلحة دمار شامل. وأضافت أن ما يفتقده بولتون من كفاءة ومهنية يعوّضه بتطرفه الأيديولوجي.
وقالت مجلة “فورين بوليسي”: إن بولتون رغم شغفه بالتدخل الخارجي والمواجهة مع أي دولة، فإنه لا يرغب كثيرا في تصدير القيم الأميركية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان ويشارك ترمب في تجاهله للمعاهدات الدولية واحتقاره للمنظمات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وذكرت أن تعيينه الذي أشيع خلال الأسابيع الماضية أقلق خبراء السياسة الخارجية من واشنطن إلى برلين التي تخشى أن تضع هذه التعيينات الولايات المتحدة في طريق يتجه إلى صراعات متعددة.
ونشر موقع “ميدل إيست آي” تقريراً عن أشهر التصريحات لبولتون وأشهر ما قيل عنه، ومنها أنه قال في عام 1994 عن الأمم المتحدة: “لا توجد أمم متحدة. هناك مجتمع دولي يمكن قيادته من وقت لآخر بالقوة الوحيدة الحقيقية المتبقية في العالم، وهي الولايات المتحدة، وذلك كلما تناسب هذا الدور مع المصالح الأميركية وكلما استطعنا جعل الآخرين يسيرون معنا”.
وعن إصلاح الأمم المتحدة قال: “لو كُلفت بإعادة هيكلة مجلس الأمن الدولي لخفضت عدد الدول دائمة العضوية إلى واحدة فقط، وهي أمريكا، لأن ذلك هو التعبير الحقيقي عن ميزان القوة في العالم”.
وعن الاتفاق النووي مع إيران، قال: إنه أسوأ عمل للترضية في تاريخ أميركا وإن الشيء الوحيد الذي سيوقف إيران من الحصول على سلاح نووي هو تغيير النظام في طهران.
وقال عنه كريستوفر بريبل، نائب رئيس فريق معهد كاتو للأبحاث الأمركي: “أعتقد أنني سأكون مرتاحا لو كان بولتون صائد كلاب ببلدة ستون ماونتن بولاية جورجيا”.
وقال الرئيس السابق لمكتب الاستخبارات بوزارة الخارجية الأمريكية كارل فورد: “أنا محافظ مثل جون بولتون، لكن الأضرار والأذى الشخصي الذي يسببه لا يستحق الثمن الذي يدفعه”.
وقال العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ راند بول: “أنا قلق من أن ترمب سيعين واحدا منفلتا لأنه يؤمن بالتدخل المطلق والكامل في الدول الأخرى”.
وكتبت “إندبندنت” البريطانية أن تعيين بولتون، المولع باستخدام القوة العسكرية في الخارج، يجيء في لحظة مهمة بالنسبة لـ إدارة ترمب التي تستعد للقاء غير مسبوق بين الرئيسين الأمريكي والكوري الشمالي لمناقشة نزع السلاح النووي لبيونغ يانغ.
آراء بولتون تتعارض مع الموقف الراهن المنفتح لترمب تجاه كوريا الشمالية، إذ إن بولتون لا يزال يصرح حتى خلال الأيام القليلة التي سبقت تعيينه بأن النهج الدبلوماسي لن ينجح مع كوريا الشمالية وكتب مؤخرا مقالا يدعو فيه إلى ضربة عسكرية وقائية ضد كوريا الشمالية.