يرى معنيون بالشأن السوري أنّ المرسوم التشريعي الأخير الذي أصدره النظام لتنظيم الملكيات العقارية يهدف إلى مصادرة عقارات المهجّرين من نازحين ولاجئين وكذلك المطلوبين من قبله، بأساليب احتيالية.
يشعر ملايين السوريين النازحين واللاجئين من جرّاء سبع سنوات من الصراع الدامي والحصار والتجويع والتهجير، بتهديد كبير، بعد إصدار رئيس النظام بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم (10 لعام 2018) يوم الإثنين الماضي، القاضي بجواز “إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية”، وتعديل بعض مواد المرسوم التشريعي رقم (66 لعام 2012)، ليتضمن إعادة تنظيم السجلات العقارية وتثبيت ملكيات المواطنين ومخططات تنظيمية، مطالباً شريحة واسعة من السوريين بتقديم ما يثبت ملكيتهم العقارية خلال فترة محدودة؛ بالتالي، قد يحرم هؤلاء السوريون وكذلك الملاحقون أمنياً من ملكياتهم العقارية الخاصة.
أبو قتيبة لجأ في عام 2013 إلى إحدى الدول المجاورة لسورية، بعدما كان قد اعتقل مرّات عدّة من جرّاء مشاركته في التظاهرات المناهضة للنظام، واليوم، يعبّر عن مخاوفه من أن يتسبب المرسوم الجديد في خسارته منزله في السيدة زينب، فيقول لـ”العربي الجديد”: إنّ “منزلي يقع في منطقة العشوائيات، الفقراء من أمثالي لا يمكنهم أن يحلموا حتى بغرفة في المناطق المنظمة، وقد انتهيت من تسديد أقساطه في منتصف عام 2010، عبر عقد بيع قطعي ووكالة لإقامة دعوة بيع قطعي، لكنّ الثورة بدأت ولم أكن أملك تكاليف الدعوى القضائية في ذلك الوقت”.
يضيف أبو قتيبة: “أنا اليوم مطلوب أمنياً بسبب متابعة نشاطي الثوري، الأمر الذي يحرمني من القيام بأيّ معاملة رسمية في سورية، سواء أكانت شراء أم بيعاً أم استئجاراً أم توكيلاً، إذ إنّ كل شيء في حاجة إلى موافقة أمنية”.
أبو جابر، ناشط مدني هجّر من ريف دمشق قبل نحو عامَين، يشعر بأنّه سوف يُسلب بيته وأرضه من قبل النظام وباسم القانون. يقول لـ”العربي الجديد” إنّه “يتوجّب على الشخص في المنطقة أن يقدّم الأوراق الرسمية خلال 30 يوماً. لم يتبقّ لي أحد من أهلي ليقدّم الأوراق، فتواصلت مع قريب لي وصديق قديم، لكنّهما اعتذرا، وأنا تفهّمت وضعهما. هما يعيشان في دمشق، وفي حال قاما بذلك، فإنّ دراسة أمنية سوف تُنفّذ عنهما وعنّي، بالتالي قد يتعرّضان للاعتقال ويجدان نفسيهما في محكمة الإرهاب. فالتواصل مع أمثالي ممّن يصنفهم النظام إرهابيين، تهمة تستدعي التحقيق”.
من جهته، كتب المحامي ميشيل شماس على صفحته الشخصية في موقع “فيسبوك”، أنّ “المرسوم (10 لعام 2018) يفتح الباب على مصراعيه أمام تغيير ديمغرافي وتشريع مصادرة ممتلكات ملايين المهجرين والنازحين”، داعياً “كافة اللاجئين السوريين ممّن لديهم تواصل مع سلطات الدول التي لجأوا إليها، إلى تنبيهها إلى المرسوم (10 لعام 2018) الذي سيحرم اللاجئين من ممتلكاتهم في بلدهم وبالتالي سيمنعهم من العودة إلى بلدهم”.
أضاف شماس: “على سبيل المثال نصت المادة الثانية من المرسوم 10 على ما يلي: المادة 6 أ- تدعو الوحدة الإدارية خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة المالكين وأصحاب الحقوق العينية فيها بإعلان ينشر في صحيفة محلية واحدة على الأقل وفي إحدى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والموقع الإلكتروني لها وفي لوحة إعلاناتها ولوحة إعلانات المنطقة، للتصريح بحقوقهم. وعلى هؤلاء وكل من له علاقة بعقارات المنطقة التنظيمية أصالة أو وصاية أو وكالة أن يتقدم إلى الوحدة الإدارية خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإعلان بطلب يعيّن فيه محل إقامته المختار ضمن الوحدة الإدارية، مرفقاً بالوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقه أو صور عنها إن وجدت. وفي حال عدم وجودها عليه أن يذكر في طلبه المواقع والحدود والحصص والنوع الشرعي والقانوني للعقار أو الحقوق التي يدّعي بها وجميع الدعاوى المرفوعة له أو عليه. ب- يجوز لأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية ممارسة الواجبات والحقوق المنصوص عليها في الفقرة السابقة نيابة عن أصحابها”. وسأل شماس: “فمن سيجرؤ من المطلوبين أمنياً على التقدم إلى تلك اللجنة (الوحدة الإدارية) بالمستندات أو حتى من سيجرؤ من الأقارب على التقدم أيضاً؟ هنا اللعبة”.