أدان المجتمع الدولي هجوم الغاز السام على ضاحية دوما بدمشق مؤخرا، وهو ما أدى إلى مقتل أكثر من 40 شخصًا، ودفع الرئيس “دونالد ترامب” للوعد بالرد بالقوة وهو ما أثار شبح المواجهة المباشرة بين واشنطن وموسكو.
وتدرس دول العام والأمم المتحدة ما يجب فعله، إلا أن الحصيلة تسير في اتجاه عدم حدوث أي شي، وتطرح مجلة “نيوزويك” الأمريكية أسئلة حول الصراع في سوريا الذي يدخل عامه الثامن، توضح فيها أن العالم لن يتغير رده عن الماضي وسوف يكون “شاهد مشفش حاجة”.
كيف بدأ الصراع؟
عندما أضرم البائع التونسي المتجول محمد البوعزيزي النار في نفسه في يناير 2011 للاحتجاج على مضايقات المسؤولين المحليين، أشعل برميل بارود وبدء الربيع العربي، وبحلول إبريل 2011 ، وصلت الانتفاضة إلى سوريا التي عاش 22 مليون نسمة منذ 11 عاماً في ظل حكم بشار الأسد منذ وفاة والده القوي حافظ.
وبعد نجاح الاحتجاجات السلمية في تونس ومصر، خرج السوريون للشوارع للمطالبة برحيل الديكتاتور، وردت قوات الأمن بوحشية، وأطلق الجيش النار على المتظاهرين، وتحولت الانتفاضة إلى تمرد مسلح تغذيه المصالح المتنافسة للدول الإقليمية.
من الأطراف؟
في سورية تتعقد الأمور، الصراع قاتل وعلى أسس عرقية وطائفية، وأشعله وكالة لبعض الدول التي لديها أجندة خاصة، وينحدر نظام الأسد من الطائفة العلوية، وتحظى قوات بشار الأسد بدعم إقليمي من القوى الشيعية، بما في ذلك إيران وحزب الله اللبناني.
وتضم المعارضة، الجيش السوري الحر المدعوم من الولايات المتحدة، بجانب تحرير الشام، الذي تشكل من بقايا جبهة النصرة، وجماعة إسلامية أخرى، وحتى العام الماضي، كان أحد العناصر العسكرية الرئيسية في سورية، تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، الذي طرد من الرقة عام 2017، لكنه لا يزال يحتفظ بوجود في سورية.
كما أن “أحرار الشام” تتألف من متشددين يريدون أن يروا نهاية الأسد، لكنهم يريدون أن يكون لديهم دور في الحكومة الإسلامية.
ألم تتنازل سورية عن أسلحتها الكيماوية؟
أدى هجوم الغاز السام الأسبوع الماضي إلى عودة عقول الناس إلى أغسطس 2013 عندما استخدام غاز الأعصاب في هجوم بالغوطة، ولقد كان استخدام الأسلحة الكيماوية الأكثر دموية منذ الحرب الإيرانية-العراقية، لذلك وافقت إدارة أوباما مع روسيا على إزالة أسلحة الأسد بسلام.
وفي يناير 2016، أعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW) عن تدمير جميع الأسلحة الكيميائية السورية، لكن هذه الكلمات عادت لتلاحق المنظمة والمجتمع الدولي، الذي سعى لتبرير ذلك بأن النظام السوري إما كذب بشأن أسلحته الكيميائية أو صنع مخزونات جديدة.
لماذا تتحمل روسيا المسؤولية؟
كانت لروسيا علاقات قوية مع سورية تعود إلى الحقبة السوفياتية، ودعمت موسكو استقلال سوريا عام 1946، وأنشأت قاعدة بحرية في طرطوس عام 1971، وروسيا لديها استثمارات كبيرة مع دمشق مع خطط لبناء مصانع الحبوب وضخ الغاز واستكشاف النفط.
والإطاحة بحليف روسيا، الزعيم الليبي معمر القذافي عام 2011 كان إهانة لموسكو، التي اعتبرتها انتهاكًا للقانون الدولي، وسعت للبحث عن وسائل أخرى للحفاظ على نفوذه في الشرق الأوسط.
وقال بوتين في يناير: إن القوات الروسية استخدمت 215 نوعًا جديدًا من أنظمة الأسلحة المتقدمة في سوريا، والتي شملت أنظمة جوية وبحرية بعيدة المدى مثل صاروخ “كالبر” وصواريخ “إكس -101”.
ولا شك في أن الأسد لم يكن ليتمكن من البقاء في السلطة بدون مساعدة موسكو، وقال السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة “نيكي هالي” إنه بعد أحدث هجوم كيميائي فإن أيدي روسيا “مغطاة بدماء الأطفال السوريين”.
كيف يرد دونالد ترمب؟
الرئيس الأمريكي لن يكون شيئًا إذا لم يكن مندفعا، وتشير تقارير إلى أن رده على صور الأطفال ضحايا الغاز، كان مشابهًا لتلك التي أعقبت الهجوم الكيميائي في أبريل 2017، ودفعته تلك الحادثة لطلب 59 صاروخًا من صواريخ “توماهوك” على مطار غرب سورية.
وفي هذه المرة، قال ترمب: لا يمكننا السماح بحدوث مثل هذه الفظائع.. لكن لا شيء على الطاولة.
وأوضح هالي إن هناك اتصالا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول ما يجب فعله بعد ذلك، وهو ما يقودنا إلى السؤال الأخير..
كيف يستجيب المجتمع الدولي؟
تشمل المعادلة الأخلاقية للدول حول كيفية معاقبة المسؤولين عن هجوم بالأسلحة الكيميائية ضمان الحفاظ على النفوذ واشنطن والنفوذ في المنطقة.
وذكرت صحيفة “التايمز” البريطانية إن هناك مخاوف لدى الحكومة البريطانية من أن المملكة المتحدة يمكن أن تهمل وتفقد نفوذها إذا لم تنضم إلى ترمب في ضربة انتقامية ضد دمشق، يقال إن بريطانيا تعد صواريخ “توماهوك” بينما الرئيس الفرنسي “يدعم” ترمب للعمل ضد الأسد.