ينتظر العالم حدوث ثورة حقيقية في عالم النقل والمواصلات باتت اليوم أقرب من أي وقت مضى، حيث تتسابق شركات صناعة السيارات على ابتكار أحدث المركبات العاملة بالطاقة الكهربائية النظيفة بينما تتسابق شركات التكنولوجيا على ابتكار سيارات ذاتية القيادة لا يتدخل الإنسان في قيادتها ولا في توجيهها.
أما الجديد في عالم النقل والسيارات فهو ما تمكنت شركة صينية من اختراعه أخيراً، حيث ابتكرت «شارعاً ذكياً» يوفر الشحن التلقائي بالكهرباء للسيارات دون الحاجة إلى التوقف على الطريق ودون أن يحتاج مستخدمو السيارة إلى تضييع جزء من أوقاتهم في إعادة شحن السيارة بالكهرباء، وهو ما سيحل المشكلة الأساسية التي تعيق انتشار السيارات الكهربائية وهي مشكلة شحنها بالطاقة خاصة في المسافات الطويلة وعلى الطرق الخارجية السريعة أو خلال السفر بالسيارة.
كما يوفر الشارع الذكي إشارات أيضاً للسيارة من أجل توفير خرائط وتوجيهها تبعاً لذلك، بما يجعل السيارة تستغني عن خدمات الـ”جي بي أس” وأجهزة الملاحة التقليدية التي يستخدمها السائقون حالياً.
وقالت وكالة «بلومبيرج» في تقرير إن الطرق الذكية التي تمكن خبراء صينيون من اختراعها قادرة على شحن السيارات الكهربائية ذاتياً بمجرد سيرها على الطريق، حيث تستمد السيارة الطاقة من الطريق الذي يزودها بالكهرباء، فضلاً عن أن الطريق سيكون مزوداً بأدوات استشعار تساعد السيارات ذاتية القيادة، ما يعني في النهاية أن السيارة ستسير في الشارع دون الخوف من نفاذ بطاريتها، كما أنها تسير بمفردها ودون تدخل البشر بعد أن تحصل على المساعدة من أجهزة الاستشعار المثبتة أسفل السيارة على «الشارع الذكي».
وتم بالفعل بناء طريق ذكي يبلغ طوله 108 متراً في مدينة جنان شرقي الصين وبدأت تجربته الفعلية، على أن هذا الطريق يستوعب مرور 45 ألف سيارة يومياً، وهو مزود بألواح شمسية لتوليد الطاقة، وهي ألواح تكفي لشحن السيارات العابرة فوقه إضافة لإنارته خلال الليل إضافة إلى تزيد 800 منزل في محيط ذلك الشارع بالطاقة الكهربائية اللازمة لحياتهم، وذلك بحسب ما نقلت «بلومبيرج» عن الشركة المطورة لهذا الشارع الذكي، وهي شركة «Qilu» لتطوير خدمات النقل.
وتقول الشركة إن ما قامت بتطويره حتى الآن ويجري تجربته في شرق الصين ليس نهاية المطاف، وإنما تطمح لطرق أكثر ذكاء من ذلك وأكثر تطوراً، بما يتناسب ويتواءم مع مركبات المستقبل.
وتقول الحكومة الصينية: إنه بحلول العام 2030 فإن 10% من السيارات التي تسير في الشوارع ستكون «ذاتية القيادة» بشكل كامل، أي أنها ستكون سيارات بدون سائق ولا يتدخل البشر نهائياً في تسييرها.
وحسب شركة «كيلو» التي قامت بتطوير «الشارع الذكي» فإنها تتوقع حركة مواصلات أفضل في حال انتشار الشوارع التي تتضمن خدمة الشحن للسيارة خلال سيرها، إضافة إلى توفير الخرائط للسيارة والعديد من الخدمات الأخرى التي ستكون جميعها مستمدة للسيارة من أسفل الشارع، أو من تحت الأسفلت، دون أن تضطر السيارة للتوقف ولو لدقيقة واحدة.
وقال المدير العام للشركة المطورة للشارع الذكي زو يونغ: «إن الطرق السريعة التي نقوم باستخدامها حالياً لا يمكن من خلالها سوى أن تمر السيارات فقط، ونستطيع القول أن هذه الشوارع هي الجيل الأول». وأضاف: «نحن تبعاً لذلك نعمل حالياً على إنتاج الجيل الثاني والجيل الثالث من الطرق عبر زراعة عقول وأنظمة عصبية في هذه الطرق».
يشار إلى أن شركة «غوغل» الأمريكية هي التي تتصدر حالياً سوق السيارات ذاتية القيادة، حيث تقوم منذ فترة طويلة بإجراء التجارب على سيارتها التي قطعت مسافات ضخمة داخل الولايات المتحدة من أجل التجربة والتأكد من سلامتها.
وقالت «جوجل» في أكتوبر من العام الماضي: إن سياراتها ذاتية القيادة سجلت مليوني ميل (3.2 مليون كيلومتر) على الطرق العامة وإنها مستمرة في قطع نحو 25 ألف ميل من تجارب القيادة أسبوعيا، مشيرة إلى أنها تقوم بتطوير هذه السيارات منذ عام 2009.
وتركز الشركة، التي يوجد مقرها في وادي السليكون، على صنع سيارات ذاتية القيادة بالكامل دون حاجة إلى سائق وهو ما قد يجعل القيادة أكثر أمانا وكفاءة ويفتح الباب أمام توفير وسائل نقل للمعاقين وكبار السن. وقالت في العام الماضي إن مثل هذه السيارات ستكون جاهزة للإنتاج بحلول 2020.
إلى ذلك، فإن شركة «آبل» العملاقة اعترفت أيضاً قبل شهور بأنها تقوم بتطوير سيارة ذاتية القيادة ستنافس فيها شركة «غوغل» وجاء اعتراف «آبل» على لسان رئيسها التنفيذي تيم كوك الذي أكد رسمياً أن الشركة تعمل على الدخول إلى سوق السيارات ذاتية القيادة، ولكن من باب التقنية، أي أنها لا تفكر في تصنيع سيارة تحمل علامتها التجارية، وذلك بعد سنوات من تكتمها على هذا الأمر.
وقال: «نركز على أنظمة القيادة الذاتية»، وأضاف: «إنها تقنية أساسية نراها مهمة جدا» وشبّه هذه الجهود بأنها «أم جميع مشاريع الذكاء الاصطناعي» قائلًا إنها «قد تكون واحدة من أصعب مشاريع الذكاء الاصطناعي التي يُعمل عليها».
وشهد سوق السيارات ذاتية القيادة عددا كبيرا من شركات التقنية التي تدفع في هذا الاتجاه، إذ وقعت شركة وايمو التابعة لألفابت وهي الشركة الأم لشركة غوغل اتفاقا مع شركة فيات كرايسلر للسيارات وشركات خدمات التوصيل ليفت لتطوير التقنية.
وقامت شركات صناعة السيارات، مثل «بي إم دبليو» وجنرال موتورز بفتح عدد كبير من المكاتب في وادي السيليكون مع إنفاق مئات الملايين من الدولارات للحصول على سيارات ذاتية القيادة. وكانت «آبل» تسعى في بادئ الأمر إلى بناء سيارتها الخاصة قبل إعادة تقييم تلك الطموحات في العام الماضي لإعطاء الأولوية للتقنية الكامنة وراء القيادة الذاتية، وفقا لما ذكرته وكالة أنباء “بلومبرج”، وقد استأجرت الشركة أكثر من 1000 مهندس للعمل على «مشروع تيتان» وهو الاسم الذي يُعرف به فريق السيارة داخلياً، بعد أن بدأ في عام 2014.