تتبعت صحيفة “معاريف” العبرية التطورات التي قادت إلى سيطرة جهاز مخابرات الاحتلال الإسرائيلي “الموساد” على الأرشيف النووي الإيراني.
وفي تقرير موسع أعده معلقها للشؤون الاستخبارية يوسي ملمان، ونُشر اليوم السبت، أشارت الصحيفة إلى أنّ التحضير للعملية بدأ عندما حصل الموساد في الربع الأول من عام 2016، على معلومات مفادها أن إيران تدشن أرشيفاً مركزياً لمشروعها النووي، يفترض أن يضم جميع الوثائق ذات العلاقة بالمشروع، وضمن ذلك مخططات حول مسار تطور المشروع إلى جانب توثيق للعمليات البحثية التي أُجريت ضمنه، حسب صحيفة العربي الجديد التي نشرت تقريرا للكاتب صالح النعامي بالعربية عن تقرير “معاريف” العبرية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه في أعقاب الحصول على هذه المعلومات، دعا رئيس الموساد يوسي كوهين، إلى مشاورات عاجلة، شارك فيها كبار قادة جهازه، وشعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”، ولجنة الطاقة الذرية “الإسرائيلية”، مشيرة إلى أنّ كوهين قرر بعد هذه المشاورات الشروع في عملية استخبارية واسعة لمعرفة مكان الأرشيف.
وبحسب الصحيفة، فقد حصل كوهين على إذن بتنفيذ العملية، من منتدى قادة الأجهزة الذي يضم قادة الأجهزة الاستخبارية الأخرى، ورئيس هيئة الأركان، وهو المنتدى الذي يرأسه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، القائد الأعلى للموساد، الذي وافق أيضاً على تخصيص ميزانية خاصة لتنفيذ العملية.
وأوضحت الصحيفة أنّه بخلاف العمليات الاستخبارية الأخرى، التي عادة ما يتم تكليف نائب رئيس الموساد أو أحد قادة الشعب بها، فقد قرر كوهين أن يكون هو شخصياً المشرف المباشر على تنفيذها.
وأضافت أنّه وفق الانطباعات الأولية التي حصلت عليها الفرق الصهيونية التي شاركت في البحث عن الأرشيف الإيراني، فإن المهمة بدت كمن يريد العثور “على إبرة وسط كومة كبيرة من القش”.
وقد تم -بحسب الصحيفة- توظيف كل الإمكانيات التقنية والخبرات السابقة في البحث عن الأرشيف، وضمنها المصادر البشرية، إلى جانب توظيف وسائل التنصت، ومراقبة شبكات الاتصال الداخلية.
وبعد عدة أشهر على انطلاق المرحلة الأولى من العملية، تمكّن الموساد من تحديد عدة مبان مشبوهة، وفق الصحيفة، مشيرة إلى أنّ فريق عمل مشترك من الموساد و”أمان”، كان يفحص المعلومات التي تجمعها فرق البحث التابعة للموساد.
وبحسب الصحيفة فقد شارك بشكل خاص في عمليات البحث، عناصر من شعبة العمليات في الموساد المعروفة بـ “قيساريا”، إذ تم الاستعانة بالوحدات المتخصصة فيها، ومن ضمنها وحدة الاغتيالات “كيدون”، مشيرة إلى أنّه لم يتم توظيف عناصر الوحدة في تنفيذ اغتيالات، بل تم الاستعانة بخبراتهم في مجال التسلل إلى “دول عدو خطرة”، إلى جانب خبراتهم في تنفيذ مهام بالغة التعقيد.
ورجّحت الصحيفة أن يكون قد تم الاستعانة بعناصر شعبة “كيشت”، التي تلعب دوراً في عمليات “المتابعة والاختراق الإلكتروني”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ الموساد حرص على تحضير شقق سكنية سرية وتجهيزات وعتاد وسيارات لخدمة فرقه داخل إيران.
وقالت “معاريف”، إنّه من الممكن أن تكون مواد الأرشيف، قد هربت عبر سيارات من خلال حدود إيران مع إحدى الدول التي تشترك معها في حدود برية، أو عبر البحر، مشيرة إلى أنّ إيران تشترك في حدود بحرية مع عدد من الدول العربية التي ترتبط بعلاقة وثيقة بالكيان الصهيوني.
وأوضحت الصحيفة أنّه تم الاستعانة بعناصر الموساد الذين تلائم سماتهم الجسمانية ولون بشرتهم المهمة.
وادّعت الصحيفة أنّ الإيرانيين هدفوا من وراء تدشين الأرشيف السري، إلى عدم تمكين مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، من الاطلاع على الملفات السرية للمشروع النووي، على اعتبار أنّ الاتفاق النووي الذي تم توقيعه عام 2015 مع الدول الكبرى، يلزم طهران بتقديم كل المعلومات والوثائق المتعلقة ببرنامجها.
وذكرت الصحيفة أن معظم الأبحاث النووية الإيرانية، تمّت في أقسام الفيزياء النووية في الجامعات المعروفة بقربها من الحرس الثوري، المسؤول عن الإشراف على البرنامج النووي العسكري وبرنامج الصواريخ.
وأعادت الصحيفة للأذهان أنّ دولة الاحتلال اكتشفت، في وقت مبكر، أنّ إيران تمكّنت من تدشين أجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم، بناء على معلومات حصلت عليها من أبي المشروع النووي الباكستاني عبد القادر خان، لافتة إلى أنّ المنشأة النووية التي ضمّت أجهزة الطرد المركزي، تم بناؤها في إحدى الضواحي الجنوبية لطهران.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ دولة الاحتلال حرصت في كثير من الأحيان، على إطلاع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على المعلومات الاستخبارية التي تجمعها عن المشروع النووي الإيراني، بغرض استخدامها في عمليات التفتيش.
وذكّرت “معاريف” بأنّ كوهين يتبنّى موقفاً متشدداً من الاتفاق النووي مع إيران، مشيرة إلى أنّ جدالات طويلة احتدمت بينه وبين عدد من كبار جهازه والأجهزة الاستخبارية الأخرى الذين رأوا بخلافه، أنّه يتوجب منح فرصة لتنفيذ المشروع النووي الإيراني.
من ناحية ثانية، ووفي تقرير عرضته قناة التلفزة العاشرة، الليلة الماضية، لم يستبعد رئيس “أمان” الأسبق أهارون زئيفي فركش، أن يكون الموساد قد حصل على معلومات مهمة من أجهزة الاستخبارات في كل من فرنسا وألمانيا، مشيراً إلى أنّ هذه الأجهزة تتمتع بوجود مصادر بشرية مهمة لها، داخل إيران.