في الجزء الأول من حوار التعليم الإسلامي في الهند مع الشيخ ظهور أحمد شاه، رئيس قسم اللغة العربية بمعهد الطيب لتعليم اللّغة العربية والإنجليزية، التابع لمؤسّسة طيب الخيرية بديوبند، يوفي، والمشرف على عدد من المدارس والكتاتيب الدينية في ولاية كشمير، قال شاه: في الهند يوجد نظامان للتعليم، أحدهما خاص/ للتعليم الإسلامي، وثانيهما للتعليم الحكومي/العصري، وكلا النظامين التعليمين لا يفي غرض المسلمين كما تقتضيه ظروف البلاد.
وتابع: فالنظام العصري يقوم بتخريج الأطباء والمهندسين والتكنوجيين وغيرهم، ولا يهتم بتزويدهم بالأخلاق الفاضلة والفكرة الدينية الصحيحة لكي يعيشوا كشباب مسلمين، وأما النظام التعليمي للمدارس الإسلامية فأصبح نظاماً عقيماً في غالبها، فهو يحتاج أشد الاحتياج إلى التغيير والإصلاح ليساير ظروف البلاد.
الشيخ ظهور أحمد شاه.. في سطور:
– من مواطني ولاية “كشمير”، التابعة للهند، ولد عام 1988م، وحَفِظ القرآنَ الكريم في مدرسة من مدارس الولاية، ثم التحق بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند، يوفي، الهند عام 2010م، وحصل على شهادة الفضيلة في العلوم الشرعية عام 2013م.
كتب عشرات المقالات في الموضوعات العلمية والأدبية، كما قام بترجمة عدد من الكتب والمقالات إلى اللغة العربية الحبيبة.
حالياً يعمل مدرّساً ورئيساً لقسم اللغة العربية في معهد الطيب لتعليم اللّغة العربية والإنجليزية، التابعة لمؤسّسة طيب الخيرية بديوبند، يوفي، كما يقوم بالإشراف على عدد من المدارس والكتاتيب الدينية في ولاية كشمير.
مؤسسة طيب الخيرية.
– هذه المؤسسة تم تأسيسها قبل أعوام لتزويد العلماء المتخرّجين في المدارس الإسلامية بالمعلومات التكنولوجية، وتمكينهم من استخدام الوسائل الحديثة ليكونوا أكثر استفادة للأمة الإسلامية، ويقوموا بأداء مسؤولياتهم على أحسن وجه حسب مقتضيات العصر الحديث.
ومن الجدير بالذكر أن هذه المؤسسة تعمل كقنطرة بين التعليم الإسلامي والتعليم العصري، فإن المتخرّج فيها يتيسر له الاستفادة من المصادر الحديثة واستخدام الوسائل الجديدة على أحسن أسلوب.
ويلتحق العلماء المتخرّجون في أي جامعة أو مدرسة إسلامية بهذه المؤسسة، ويشاركون برنامجها الذي أعدّت لهم ويحتوي على سنة كاملة.
وأما المدارس والكتاتيب الأخرى التي أُشرِف عليها فإنها تقع في ولاية كشمير، وتقوم بتزويد أشبال الأمة الإسلامية بسلاح العلم والعرفان، وتعمل لنشر علوم القرآن والسُّنة في الجيل الإسلامي الجديد حسب مناهج أهل السُّنة والجماعة، فيقوم عدد كبير من البنين والبنات بحفظ القرآن الكريم فيها، وعدد الطلاب الذين يقرؤون فيها 200 طالب أو أكثر، ويبلغ عدد أساتذتها تسعة أو أكثر كلهم أتقياء وصلحاء من الشباب والمسنين (الحمد لله على ذلك)، ومن الجدير بالذكر أنها كلّها تجري بتبرّعات الشعب المسلم، فجزاهم الله أحسن الجزاء.
ماذا عن منابر التعليم الإسلامي الأخرى في الهند؟
– إن بلادنا الهند يجري فيه نظامان للتعليم، نظام أهلي ونظام حكومي؛ أما النظام الأهلي: فهو يتمثل في المدارس الإسلامية الأهلية التي تعتمد في قضاء حوائجها- بعد فضل الله سبحانه- على تبرّعات الشعب المسلم الهندي، ويبلغ عددها الآلاف، وهذه المدارس هي التي في الأصل روح الحضارة الإسلامية في البلاد، وإليها يرجع الفضل في الحفاظ على الكيان الإسلامي فيها بعد سيطرة الإنجليز الغاشمين على البلاد، وسلسلة هذه المدارس منتشرة في أنحاء البلاد، وتقوم بأداء دور بارز في تنمية الوعي الإسلامي، وإصلاح المجتمع البشري، وعلى رأسها الجامعة الإسلامية دار العلوم بــ”ديوبند” يوفي (وأكثر مدارس البلاد ومعاهدها الإسلامية تنتمي إلى هذه الجامعة العريقة فكرياً، وتسلك مسلكها في المنهج التعليمي)، ودار العلوم وقف بـ”ديوبند”، وجامعة مظاهر علوم بـ”سهارنفور”، ودار العلوم التابعة لندوة العلماء بـ”لكناؤ”، وجامعة إصلاح بـ”أعظم جراه”، يوفي، وجامعة السلفية بـ “بنارس”، وغيرها من المعاقل الإسلامية.
وهذه المدارس والجامعات الإسلامية هي التي تقوم بحمل أعباء تعليم الدين الإسلامي لنشء اليوم وعُدة المستقبل، وتقوم بتزويد الشباب والفتيات بمبادئ دينهم في المساجد والمدارس والكتاتيب الصباحية والمسائية. (وعادة يقوم بأداء هذه المسؤولية أئمة المساجد المتخرّجون في المدارس الإسلامية في المساجد أو في المباني التي تُبنى بقربها لهذا الغرض النبيل)، فهذا النظام التعليمي لا يُنسى دوره في الحِفاظ على الكِيان الإسلامي وتنمية الوعي الإسلامي ورقيّ الحضارة الإسلامية في البلاد.
كما أن هناك كثيراً من المدارس الإسلامية التي تعترف بها رسمياً، وهذه هي أكثر تعرضاً للمؤامرات الحكومية، وخاصة في ولاية يوفي.
والنظام الحكومي: هي المدارس والكليات والجامعات الحكومية، التي تعلّم الطلبة العلوم الإنسانية بأقسامها، وشهادات هذه المدارس والجامعات تجعل الطلبة يستحقون نيل الوظائف الحكومية، وبما أن هذا النظام يعتمد في تطبيقه على النظام التعليمي السائد في الغرب فهو كفيل بإبعاد الطلبة عن الدين الإسلامي وزرع الشكوك في قلوبهم، فيتخرج الطلبة ولا يعرفون من الدين شيئاً، بل هم يستخفون بالدين والشخصيات الدينية، ومن هنا يدعو العلماء المسلمين إلى ضرورة التحلي بالعلوم الدينية بجانب العلوم الإنسانية.
وبالرغم من ذلك كله لا يُنسَى دور هذه المدارس والكلّيات والجامعات في تزويدها الشبابَ والفتيات المسلمين بالعلوم العصرية، ورفع مستواهم المادي؛ مما جعل المسلمين أن يسايروا أهلَ البلاد في تشغيل المناصب الحكومية المهمة وغيره، وعلى رأس هذه الجامعات جامعة عليجراه الإسلامية، والجامعة الملية بـ”دهلي”، وجامعة مولانا آزاد الأردية الأهلية بـ “حيدرآباد” وغيرها من الجامعات والكليات.
ما تقييمكم للمناهج الدراسية الإسلامية الحالية في مختلف منابر التعليم بالهند؟
– كما أشرت سابقاً أن هناك يجري نظامان للتعليم في البلاد أحدهما للتعليم الإسلامي وثانيهما للتعليم العصري، أما التعليم الإسلامي فحامل لوائه المدارس والجامعات الإسلامية التي هي منتشرة في أنحاء البلاد، وفي مقدمها دار العلوم ديوبند، وجامعة مظاهر علوم بسهارنفور، ودار العلوم لندوة العلماء بلكناؤ وغيرها، وهذه المدارس والجامعات الإسلامية رغم أنها تعتني كلها بنشر علوم القرآن والسُّنة النبوية ولكنها تختلف بعضها بعضاً في المناهج الدراسية.
وأقول: إن كلاً من النظامين التعليمين لا يفي غرض المسلمين كما تقتضيه ظروف البلاد، فإن النظام الجديد يقوم بتخريج الأطباء والمهندسين والتكنولوجيين وغيرهم، ولا يهتم بتزويدهم بالأخلاق الفاضلة والفكرة الدينية الصحيحة لكي يعيشوا كشباب مسلمين، ويصبحوا أكثر استفادة للأمة الإسلامية، ويسعوا في تطوير المجتمع كمجتمع صالح، بل من المؤسف أن هناك محاولات كثيفة لتضليل الشباب المسلمين وإغوائهم عن الصراط المستقيم، وكل هذا في رحاب الجامعات المدنية العريقة، التي روّاها القادة المسلمون من دمائهم وأموالهم، فيتخرج من هذا النظام غالبهم لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه.
وأما النظام التعليمي للمدارس الإسلامية فأصبح نظاماً عقيماً في غالبها، فهو يحتاج أشد الاحتياج إلى التغيير والإصلاح ليساير ظروف البلاد، ويصلح لتوجيه الجيل الجديد إلى ما يحتاج إليه في الحفاظ على الكيان الإسلامي في البلاد، كما أرشدهم علماءُ هذه المدارس والجامعات الإسلامية في الماضي في المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية بل في مجالات الحياة كلها.
والمسلمون الهنود في أشد حاجة إلى المدارس التي تهتم بالتعليم العصري، بالإضافة إلى التعليم الديني على المستوى العالي، لأن المسلمين هم أكثر حرصاً في البلاد لتزويد أولادهم بالعلوم العصرية ليتمكّنوا من نيل مناصب الحكومة في مستقبل حياتهم، وليعيشوا عيشة راضية، ولذا ترى كثيراً من المسلمين يُدخلون أولادَهم في المدارس الهندوكية، أو المدارس المسيحية التي تقوم بإدارتها الجماعات التبشيرية، فكيف نرجو من هذه المدارس الهندوكية أو المدارس التبشيرية أن تقوم بإعداد مسلم معاصر؟!