في الجزء الثاني من حوار التعليم الإسلامي في الهند مع الشيخ ظهور أحمد شاه، رئيس قسم اللغة العربية بمعهد الطيب لتعليم اللّغة العربية والإنجليزية، التابع لمؤسّسة طيب الخيرية بديوبند، يوفي، والمشرف على عدد من المدارس والكتاتيب الدينية في ولاية كشمير، عبّر ضيف حوار “المجتمع” عن أسفه العميق لعدم وجود برامج واضحة بهدف تطوير معلمي المناهج الدراسية الإسلامية في عموم المدارس الإسلامية على مستوى الهند.
ماذا عن معلمي المناهج الإسلامية؟
– من المؤسف جداً ألا يوجد أي برنامج واضح لتدريب وتطوير المعلمين على مستوى البلاد أو على مستوى الولايات، بل يقبل كل مدرسة أو جامعة المعلمين والأساتذة الذين تحتاج إليهم، ويكون هذا الانتخاب في أكثر الأحيان على أساس العلاقات القديمة والروابط الموثّقة التي تكون بين مدير أو إدارة تلك المدرسة والمعلم المنتخَب، مما أدى إلى ضعف كبير ووهن شديد في النظام التعليمي الديني.
إلا أن بعض المؤسسات التعليمية لها برنامج واضح في انتخاب الطالب والمعلم كليهما، وتراعي هذه المؤسسات في انتخاب الأساتذة جانبَهم الخلقي بالإضافة إلى مؤهّلاتهم العلمية وعبقريتهم الثقافية، وعلى رأسها دار العلوم ديوبند.
أما برنامج تدريب المعلمين فلم يطلع على هذا المعنى مدارس وجامعات بلادنا الإسلامية بعدُ، إلا بعضها على المستوى الضئيل، وأما ما تقوم به الحكومات على مستوى الولايات من عقد برامج التربية وتطوير منهج المعلمين، فهو خارج عن ما نحن فيه، لأنها لا تهمّها إلا التعليم العصري الجديد.
ما أبرز التحديات التي تواجهكم في مجال التعليم الإسلامي؟
– هناك كثير من العقبات والتحديات الداخلية التي تعانيها المؤسسات المعترَف بها حكومياً، والمدارس الأهلية الإسلامية، منها:
1- عدم توافر إمكانية للعمل، بحيث إن المتخرّجين من المدارس الإسلامية يعانون المشكلات الاقتصادية، فيخرج كثير منهم في طلب معيشتهم، فتحرم الأمة الإسلامية من أن تستفيد من هؤلاء الشباب الذين قضوا جزءاً كبيراً من أعمارهم في الحصول على العلوم الدينية.
2- ضعف التنظيم والتنسيق بين المؤسسات التعليمية والجماعات الإسلامية في البلاد.
3- عدم قبول شهادة المدارس الدينية في المؤسسات الحكومية والجامعات العصرية، إلا لدى بعضها، وذلك لا يمنح هؤلاء فرصةَ الاستفادة من الجامعات العصرية، ويؤدي إلى منعهم عن تشغيل المناصب الحكومية، وأداء دورهم البارز في هذا المجال.
4- عدم إدخال العلوم الحديثة وخاصة اللغة الإنجليزية في المناهج الدراسية، وأثر هذا على مستقبل خريجيها، وذلك هو السبب الأساسي لمنع كثير من المسلمين لإدخال أولادهم في المدارس الدينية، والمؤسسات التعليمية الإسلامية.
5- انقطاع المناهج التعليمية عن الحياة وعن المجتمعات الموجودة في الهند، وعدم توافر الإمكانيات المادية التي تساعد في ازدياد النشاطات التعليمية، ونشرها على نطاق واسع.
6- كثرة المدارس، وتطرق الضعف الشديد في نظامها التعليمي، ويرجع ذلك إلى عدم وجود سياسة تعليمية هادفة للمدارس الإسلامية، فإن كثيراً منها لا تهمها إلا التكثير في عدد الطلاب، بدون أن تهتم بإجادة التعليم، ورفع مستوى التعليمي للطلاب، فإن المدارس هي أحسن وأسهل طريقة لجمع التبرعات، والحصول على الشعبية.
7- ومن مشاكل التعليم في البلاد الاعتماد الكامل على طريقة تقليدية روتينية، وهو المحاضرة أو الإلقاء دون التنوع في الطرق والإستراتيجيات المختلفة في التدريس، واقتصار طريقة التعليم على نقل المعلومات أو التدريب على قدر من المهارات دون الاهتمام على الأنشطة الطلابية.
بلغة الأرقام، ما أبرز الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم الإسلامي بالهند؟
– الإنجازات التي تحققت في مجال التعليم الإسلامي في البلاد، كثيرة، ومن أبرزها انتشار شبكة المدارس والكتاتيب الدينية في أنحاء البلاد، حتى إلى المناطق المتخلفة التي لا تزال تحرم من التسهيلات، وأدت هذه المدارس والجامعات دوراً بارزاً في نشر العلوم الإسلامية والثقافة الإسلامية في البلاد وخارجها.
كذلك تأسيس المدارس والجامعات الإسلامية لتعليم الأطفال والفتيان والفتيات، ولهذه دور بارز في تنمية الشعور والوعي الإسلامي في مجتمع المسلمين.
هل من تواصل مع المناطق الأخرى في الهند للتنسيق في العملية التعليمية الإسلامية؟
– لا شك في أن الهند بلاد كثيرة الشعوب وكثيرة الثقافات، ولكن المؤسسات التعليمية والمدارس الإسلامية ليس لديهم برنامج واضح للتنسيق في العملية التعليمية الإسلامية غالباً، إلا أن المدارس الإسلامية في البلاد تنتسب غالبها إلى دار العلوم ديوبند، وتتبع منهاجها في التعليم، فهذه المدارس والجامعات لها صلة تعليمية معها، وقد أنشأت دار العلوم لهذه المدارس هيئة باسم “رابطة المدارس الإسلامية التابعة لدار العلوم ديوبند”، فتهتم هذه الهيئة بشؤونها التعليمية والإدارية، بالرغم من أن العمل يحتاج إلى كثير من الاهتمام والتطوير.
ومن الجدير بالذكر، أن دار العلوم بدأت تعتني بهذا الجانب، وتبذل نشاطاتها وجهودها في هذا المجال، فنرجو أن تثمر هذه الجهود عن كثب، وتكون أكثر إفادة للعملية التعليمية الإسلامية في البلاد.
كما أن هناك مدارس وجامعات إسلامية أخرى أمثال دار العلوم لندوة العلماء، والجامعة السلفية بـ”بنارس” التي بدأت تعتني بالتنسيق التعليمي بين المدراس التي تتبع منهاجها في الفكر والتعليم.
ماذا عن التواصل التنسيق مع المؤسسات المعنية بالتعليم حول العالم؟
– لا يوجد تنسيق بين المؤسسات التعليمية عندنا، لا على المستوى الإقليمي ولا على المستوى القارِّي ولا على المستوى العالمي، وهذه مشكلة كبرى في حد ذاتها، فإن الجهود الفردية مع قيمتها لن ترتقي إلى قوة وتأثير الجهود الجماعية والفكر الجماعي، ثم التعليم ليس بشيء جامد لا يقبل التعديل والتطوير؛ بل إجراء عملية التحديث في النظام التعليمي شيء ضروري، ومما يلائم طبيعة التعليم، فالعلم يأخذ أهميته باعتباره أسرع تحقيقاً لمتطلبات الشعب والأمة.
ما توصياتكم المستقبلية لتطوير التعليم الإسلامي في الهند؟
– من الضروري أن يكون هناك نظام واضح لتدريب المعلمين، ويفرض على كل من المدارس والجامعات الإسلامية ألا تقبل لأداء فريضة التعليم إلا هؤلاء المدرَّبين من العلماء والأساتذة، وأن يكون هذا النظام على نطاق واسع شامل، كما أن المؤسسات التعليمية الحكومية لا تقبل كمعلم إلا من يقوم حاملاً شهادةَ التدريب في التدريس.
إن المنهج الدراسي للتعليم الإسلامي في البلاد يحتاج بعض التطور، لأن هذا النظام بالرغم من أنه يساعد الطلاب المجتهدين على فهم القرآن والشريعة الإسلامية، لكنه يخذله غالباً في المواءمة مع ظروف البلاد.
بالإضافة إلى أن يُدخَل بعض العلوم في النظام التعليمي الإسلامي، الذي يساعد المتخرجين منها على التعرف على يعانيه من العوائق في الدعوة الإسلامية، ونشر رسالة الإسلام السلمي في البلاد، ويخرج من الشعور بالنقص الذي يتعرضه عندما يبدأ نشاطاته في ساحة العمل، ومن الجدير بالذكر أن بعض الزعماء والعلماء المسلمين التفتوا إلى هذا الجانب، فقاموا بتأسيس المعاهد التعليمة التي تهتم بتزويد المتخرجين من المدارس الإسلامية بالتعليم العصري –وخاصة اللغة الإنجليزية– ولكنه لا يقدم الحل الشافي، نظراً إلى كثرة المتخرجين من المدارس.
– أن تكون هناك هيئة تعليمية منظَّمة –على طراز هيئة المدارس التعليمية للبلد الشقيق الباكستان، التي تدعى بـ”وفاق المدارس”– التي تقوم بالاعتناء بالنظام التعليمي، ومراقبتها، وتقوم المدارس والمؤسسات التعليمية الإسلامية بإيجاد الحلول لما تعانيه من العوائق والمشكلات بشكل منتظم، وتثمر ثروة الأمة الإسلامية التي تنفقها على هذه المدارس والجامعات، ويصبح الجيل المتخرج منها أكثر إفادة لها.
محاربة الجهالة الدينية، والأمية المطبقة على المسلمين في البلاد، ونشر التعليم الإسلامي في الجيل الإسلامي الجديد، وذلك بنشر شبكة الكتاتيب والمعاهد الإسلامية للبنين والبنات، وخاصة في المناطق المتخلفة، والتي يسكنها المسلمون بشكل قليل.
إيجاد منصة سياسية ناطقة باسم المسلمين في الهند، وإيجاد حل شامل للتخلف التعليمي لدى المسلمين.