– الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سيجتمع مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي غداً الإثنين
– ترمب أصر على عدم وجود أي مساعدة أو مسؤولين من الوفد الأمريكي خلال المراحل الأولية للاجتماع
– هناك مخاوف من احتمال عدم التمسك بمواثيق السياسة الأمريكية أو توجيهات مستشاريه عند الاتفاق مع بوتين
يجتمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في العاصمة الفنلندية هلسنكي، يوم غد الإثنين، ولا أحد يعرف بالضبط ما سيتحدثان عنه.
ومع ذلك، ستكون أوكرانيا وشبه جزيرة القرم على الأرجح هما الشوكة الطويلة في العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا، فالولايات المتحدة ترفض الاعتراف بضم روسيا لمنطقة القرم، وتعتبرها غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن ترمب في الأسابيع الأخيرة ترك الباب مفتوحاً للتراجع، قائلاً فقط رداً على أسئلة حول الموضوع: “سنرى”.
وقد ضمت روسيا شبه جزيرة القرم التي كانت تابعة لأوكرانيا -بعد غزوها عام 2014، وأدي ذلك إلى فرض عقوبات أمريكية وأوروبية ثقيلة على موسكو- من شأنها أن تقوي تماماً السياسة الخارجية للولايات المتحدة والتزامها المعلن بالتحالف مع أوكرانيا، فضلاً عن معارضتها التاريخية للتوسع الروسي.
وقد صدم ترمب المسؤولين في اجتماع مجموعة السبعة (G-7) في يونيو عندما قال: إن شبه جزيرة القرم يجب أن تنتمي إلى روسيا؛ لأن “الناس هناك يتحدثون الروسية”، ويتناقض هذا التأكيد بشكل حاد مع سياسة الولايات المتحدة طويلة الأمد عبر الأطلسي بعدم الاعتراف بالاستيلاء على الأراضي ذات السيادة بالقوة.
ومنذ عام 2014، تفرض واشنطن عقوبات على روسيا بسبب غزوها وحربها المستمرة في شرق أوكرانيا، التي أودت بحياة أكثر من 10 آلاف شخص، كما تقدم الولايات المتحدة مساعدات عسكرية وغير عسكرية للجيش الأوكراني الذي يقاتل الانفصاليين المدعومين من روسيا ويجرون تدريبات عسكرية مشتركة مع الأوكرانيين.
وقد فشل جون بولتون، مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، في تهدئة المخاوف بشأن موقف الرئيس، في مقابلة مع شبكة “سي بي أس” في وقت سابق من هذا الشهر قائلاً: “إن الرئيس يصنع السياسة، أنا لا أصنع السياسة”.
قلق في كييف
وقال داراج ماكدويل، كبير المحللين في روسيا في شركة “Verisk Maplecroft”: “إن قلق كييف الرئيس يتمثل في احتمال اعتراف الرئيس ترمب من جانب واحد بضم روسيا لشبه جزيرة القرم”، وهو ما يعني بيعها إلى الكرملين، وقال ماكدويل: إن قانونية مثل هذا التحرك وما إذا كان سيعني اعترافاً رسمياً بالسيادة الروسية على شبه الجزيرة غير واضح، “ومع ذلك، فمن الناحية العملية، سيؤثر ذلك سلباً على معنويات الحلفاء الأمريكيين”.
يأتي هذا الاجتماع على نهاية قمة “الناتو” المتوترة، حيث انتقد ترمب الحلفاء لعدم وفائهم بالتزاماتهم الخاصة بالإنفاق على الدفاع، وسعى بوتين، المعارض بشدة لتوسيع حلف “الناتو”، للاستفادة من الصدع المتزايد بين الحلفاء الغربيين.
وفي الوقت الذي تخاطر فيه روسيا بالتعرض المباشر لدولة تابعة لـ”الناتو”، وبالنظر إلى مبدأ الدفاع المتبادل المشترك في المادة الخامسة من التحالف، فإن هذا سيشجع بوتين بشكل خطير على المضي قدمًا في الأراضي الأوكرانية، كما يقول ماكدويل.
ويضيف ماكدويل محذراً: “يمكن استخدام الأصول البحرية الروسية في البحر الأسود لمهاجمة الأراضي الأوكرانية أو للقيام بحصار من ماريوبول، بهدف إثبات أن حلف شمال الأطلسي لا يمكنه أو لن يحمي دولاً أخرى ظهرت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي الذي يسعى إلى إعادة توجيه سياساته الخارجية تجاه الغرب.
لن يحضر أي مسؤول من الوفد الأمريكي
أصر ترمب على عدم وجود أي مساعدات أو مسؤول من الوفد الأمريكي خلال المراحل الأولى من الاجتماع، وقد أثار هذا مخاوف من أنه قد لا يتمسك بمعاهدات السياسة الأمريكية أو بتوجيهات مستشاريه عندما يتفق مع بوتين، وهو ضابط سابق في الـ””KGB.
وقد ينتهي الأمر بشبه جزيرة القرم كورقة مساومة في مجال أكبر يثير قلق السياسة الخارجية بالنسبة لترمب هو سورية.
“الخوف الواضح في كييف هو من صفقة كبيرة قد تبرم بين ترمب، وبوتين، حيث تتنازل الولايات المتحدة عن شبه جزيرة القرم لروسيا مع تخفيف العقوبات -على الرغم من أنه ليس للولايات المتحدة الحق في القانون الدولي في تقديم أي عرض من هذا القبيل- في مقابل الانسحاب الروسي من سورية”، وقال تيموثي آش، كبير إستراتيجي الأسواق الناشئة في “بلوباي أسيت مانجمنت”، أو في مقابل دعم روسيا لأهداف الولايات المتحدة الإستراتيجية في الشرق الأوسط: “على سبيل المثال ضد إيران”.
كما أن التنازلات في شبه جزيرة القرم ستنتهك الالتزامات التي تعهدت بها واشنطن في مذكرة بودابست الأمنية لعام 1994، التي تعهدت بموجبها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا معاً باحترام سلامة أراضي أوكرانيا.
وعلى حد تعبير ستيفن بايفر، السفير الأمريكي السابق في أوكرانيا في عهد الرئيس بيل كلينتون، فإن هذا “سيوجه ضربة قوية لمصداقية الالتزامات الأمريكية”.
رسائل متضاربة
وقد تضاربت الآراء بخصوص الرسالة التي سيقدمها ترمب غداً الإثنين، فذكر السفير الأمريكي في روسيا جون هنتسمان للصحفيين الأسبوع الماضي عدداً من القضايا التي يجب أن تخضع روسيا للمساءلة عنها: “التدخل في الانتخابات، الأنشطة الخبيثة في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك البلقان والمملكة المتحدة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (Brexit)، وفرنسا وإيطاليا، على سبيل الذكر لا الحصر”.
بعد يوم واحد فقط، قال ترمب في تجمع حاشد في مونتانا: “بوتين جيد، وعلى ما يرام”، وكان ترمب قد طالب منذ فترة طويلة بتحسين العلاقات مع موسكو، حتى مع تشديد واشنطن للعقوبات واستمرار التحقيقات الفيدرالية في قضية التدخل في الانتخابات الروسية والعلاقات المحتملة لحملة ترمب الانتخابية مع روسيا.
وفي مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي يوم الجمعة كجزء من زيارة العمل إلى المملكة المتحدة، ضغط الصحفيون على ترمب حول كيفية حل قضية القرم، وكيف سيناقشها مع بوتين في هلسنكي، وكان رده غامضًا للغاية: “سنرى ما سيحدث، لو كنت أعرف لن أخبرك، فهذا من شأنه أن يضعنا في وضع سيئ”.
وصف الرئيس ترمب شبه جزيرة القرم بأنها “المنتج السيئ الذي تلقاه” من إدارة أوباما، مدعياً أن الغزو لم يكن ليحدث خلال فترة رئاسته.
ولا يرى كريستوفر جرانفيل، الخبير والعضو المنتدب في روسيا في “تي إس لومبارد”، أي تغييرات بحرية تنتظر السياسة الأمريكية في المنطقة.
وقال لـ”سي إن بي سي”: “لا أعتقد أن ترمب سيفعل شيئًا بالفعل في أوكرانيا، على الأكثر، قد يقول: إنها مشكلة أوروبية”، وأضاف جرانفيل أن الموضوع الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس ترمب يوم الإثنين سيكون على الأرجح سورية، خاصة فيما يتعلق بالصراع بين “إسرائيل” وإيران.
خلال وجوده في مونتانا في الأسبوع الماضي، تجاهل ترمب المخاوف بشأن قمة المخاطر العالية.
“ثق بي، سنكون بخير.. هل سأكون مستعدًا؟ نعم مستعد جداً”، قال الرئيس لحشد من الناس، مضيفاً: “لقد قضيت حياتي أستعد لهذه الأشياء”.
ناتاشا توراك، مراسلة “CNBC“.