رؤيتنا المستقبلية تجاه تطوير التعليم الإسلامي في الهند ترتكز على إعداد قادة المستقبل في المجالات المختلفة”.. بهذه الكلمات، أكد في حوار مع “المجتمع”، الشيخ غلام محمد بن إسماعيل الوستانوي، مؤسس ورئيس الجامعة الإسلامية إشاعة العلوم، بمدينة أکل کوا، بولاية مهاراشترا، في الهند، وهي من إحدى الجامعات الكبرى، على أن هدفهم الرئيس من مشروعهم التعليمي يتمثل في تخريج كوادر علمية ذات تربية إسلامية تقود المجتمع المسلم بالهند نحو الأمام والتطوير.
الوستانوي.. في سطور:
مؤسس ورئيس أكبر جامعة إسلامية أهلية –الجامعة الإسلامية إشاعة العلوم– بأكل كوا الهند.
مؤسس ومشرف على مدارس إسلامية كثيرة في مختلف أرجاء الهند.
عضو المجلس التأسيسي للهيئة العامة للكتاب والسُّنة، بجدة المملكة العربية السعودية.
بداية، نود نبذة تعريفية عن مؤسستكم التعليمية.
– مؤسستنا هي الجامعة الإسلامية إشاعة العلوم، بمدينة أکل کوا، بولاية مهاراشترا، الهند، وهي من إحدى الجامعات الكبرى، والجمعية الخيرية الموسعة، تأسست عام 1400هـ، التي خطت خطوات حثیثة واسعة نحو التقدم والازدهار، وحققت إنجازات باهرة في المجالات العدیدة من التعلیم والتربیة والأعمال الخیریة والإنسانیة في هذه السنوات القلیلة، ولها خدمات ملموسة ونشاطات إسلامية واسعة في شتى ولایات الهند ومدیریاتها، وهي قائمة منذ يومها التأسيسـي على منهج أهل السنة والجماعة.
ولها مقر رئیس في مدینة أکل کوا، وهي جامعة علمیة کبیرة یدرس ویقیم فيها أکثر من 14 ألف طالب في رحاب واحد بأقسام وکلیات عدیدة، منها: کلیة الهندسة، وکلیة طب الأعشاب أو الطب اليوناني (B.U.M.S)، وکلیة الصیدلة (دبلوم، بكالوريوس، ماجستر ودكتوراه)، وکلیة إعداد المعلمین (دبلوم وبكالوريوس)، وقسم المعاهد المهنیة، وقسم المعاهد التطبیقیة، وقسم المدارس الابتدائیة والثانویة والعلیا في اللغات المختلفة المحلية، والجدير بالذكر أن الجامعة قد قامت قبل بضع سنين بتأسيس كلية الطب البـشري الحديث (M.B.B.S collage)، وكذلك تقوم الجامعة بإشراف وکفالة وتمویل 102 مرکز إسلامي، یستفید منها أکثر من 43 ألف طالب، ویبلغ عدد الکتاتیب القرآنیة 2687 يستفيد منها 125301 طالب تحت إشرافها وکفالتها في القری والأریاف المتخلفة.
وبفضل الله تعالی وعونه تهتم الجامعة بمشروعات أخرى غير تعليمية لقد تم إنشاء وإصلاح عدد 6793 مسجداً من مختلف الأحجام، و6570 بئر ماء في المناطق المتخلفة المحتاجة، كما تقوم بكفالة الأيتام وتوزيع السلات الرمضانية في رمضان وما إلى ذلك من قافلات إغاثية وإسعاف المرضى وقد تم حتى الآن بناء 33 مستشفى في المناطق المختلفة ويكون العلاج فيه مجاناً.
يبدو أن لكم رؤية خاصة تتعلق بـ”مشروع إسلامي” واسع متعدد الجوانب، فهل نحن محقون؟
– بلى! رؤيتنا لها جوانب:
أولاً: نتطلع إلى أن يتحلى كل مسلم بالتعليم العالي أو تكون لديه مهارة في الصناعة والتكنولوجيا ويتعلم حرفة لكسب عيشه ثم يقوم بمساعدة المسلمين الفقراء في مجال التعليم.
ثانياً: أن تتبوأ جامعتنا مكانة مرموقة بين مؤسسات التعليم العالي استناداً إلى مساهمتها في تطوير التعليم الجامعي وتفاعلها مع مجتمعها، والمساهمة في إعداد قادة المستقبل في المجالات المختلفة، ونشـر الدعوة الإسلامية في العالم باللسان المعاصر، ومسايرة ركب الحياة، ومكافحة التخلف في التعليم.
ثالثاً: ليس مشروعنا منحصراً في مجال التعليم فحسب؛ بل تتوسع دائرته إلى مجالات أخرى من خدمة المجتمع ومد يد المساعدة إلى المحتاجين بحوائجهم.
ماذا عن منابر التعليم الإسلامي الأخرى في الهند؟
– هناك نظامان في بلادنا لتلقي العلوم الدينية والعقائد الإسلامية:
1- الحلقات والكتاتيب القرآنية المنتشرة في مختلف أرجاء الهند بشكل عام حيث يتوافر فيها التعليم بمبادئ الدين وقراءة القرآن الكريم فقط. (وهذا نظام سائد في الهند وقد اهتم علماؤنا رحمهم الله خاصة إلى هذا الجانب في بداية أمر استعمار الإنجليز للحفاظ على الدين الإسلامي ولسلامة العقيدة الإسلامية الصافية بفتح المدارس الإسلامية وبفتح الحلقات أو الكتاتيب القرآنية في أنحاء الهند).
2- المدارس الدينية والجامعات الإسلامية في مناطق مختلفة يلتحق بها كل من أراد أن يتفقه في الدين ويتبحر في العلوم الإسلامية واللغة العربية حتى توجد فيها التخصصات في مختلف العلوم.
مناهج التعليم الإسلامي في الهند، هل تحقق هدفها بتخريج المسلم المعاصر أم أنها في حاجة للتطوير؟
– أومن إيماناً جازماً بأن مناهج المدارس الإسلامية خاصة التي تدرس للطلاب في مختلف منابر التعليم الإسلامي في الهند كانت ناجحة في تحقيق غرضها النبيل في تخريج المسلم المعاصر والقادر على المشاركة في تطوير المجتمع والتفاعل مع قضاياه، لأنها تجمع بين القديم الصالح والجديد النافع.
أما اليوم فتحتاج مناهج المدارس الإسلامية خاصة إلى تطوير يسير فقط؛ لأن منهاج الدراسة خاضع لناموس التغير والتجدد، فيجب أن يتناوله الإصلاح والتجديد في كل عصـر ومصر، وأن يزاد فيه ويحذف منه بحسب تطورات العصر وحاجات المسلمين وأحوالهم.
بشكل عام، ما العقبات التي تواجههم في مجال التعليم الإسلامي في الهند؟
– الهند بلد علماني، فلا يتوافر التعليم الإسلامي في المؤسسات الرسمية الحكومية، رأى علماء المسلمين في ذلك خطراً على الدين فاهتموا إلى هذا الجانب للحفاظ على الدين الإسلامي ولسلامة العقيدة الإسلامية الصافية، ففتحوا المدارس الإسلامية الأهلية والحلقات أو الكتاتيب القرآنية وأنشؤوا لذلك معاهد ومدارس خاصة وجعلوها مستقلة غير تابعة للحكومة للحفاظ على العلوم الدينية والمعارف الإسلامية، فالتعليم الإسلامي للأطفال والطلاب المبتدئين متوافر بشكل عام، والفضل في ذلك يرجع إلى الله ثم إلى جهود هؤلاء العلماء المخلصين الذين بذلوا قصارى جهودهم للإسلام والمسلمين، فأنا أعتقد أنه لا توجد في الهند عقبات نواجهها في هذا المجال إلا قلة اعتناء المسلمين بتعليم أبنائهم الأمور الدينية في بعض المناطق.
ماذا عن التواصل بينكم بالهند للتنسيق في العملية التعليمية الإسلامية؟
– التنسيق في العملية التعليمية موجود مع الجامعات والمدارس المختلفة في داخل الهند كـ”جامعة علي جراه، وجامعة همدرد، وجامعة مولانا آزاد”، كما أن الجامعة تقوم بالإشراف على 102 مركز إسلامي في مختلف أرجاء الهند للتنسيق في العملية التعليمية الإسلامية.
ما رؤيتكم المستقبلية لتطوير التعليم الإسلامي في الهند؟
– رؤيتنا المستقبلية تجاه تطوير التعليم الإسلامي، كالتالي:
أولاً: في مجال تدريب المعلمين والارتقاء بهم:
1- أن يكون لدى كل مدرسة دينية أو جامعة إسلامية معلمون متخصصون في مختلف الفنون.
2- أن تقام الدورات التدريبية للمعلمين يتبادلون فيها الآراء بصدد تطوير مناهج التعليم وإحداث طرق ناجعة له.
3- أن يكون راتب كل معلم قدر ما يغنيهم عن المشاغل المخلة للتعليم والنشاطات المدرسية، وأما المتخصصون منهم فحسب مستواهم وتخصصهم كي يستطيعوا القيام بوظيفتهم ومسؤولياتهم أحسن قيام.
ثانياً: في مجال تطوير المناهج الدراسية الإسلامية، فرؤيتنا:
1- أن تكون المناهج الدراسية حسب تطورات العصـر ومستويات الطلاب وحاجات المسلمين وأحوالهم.
مع تطور الزمن وتقدم العصـر من الواجب على المسلمين أن يسايروا الركب ويكون لهم القدح المعلى في العلوم والتكنولوجيا مع الحفاظ على هويتهم الدينية وثقافتهم الإسلامية،
فيُعتنى بجانب تربية إسلامية في الجامعات العلمية والكليات المعاصرة، وأن يوفر التعليم فيها تحت تربية دينية كما ينبغي العناية تجاه متطلبات العصر في المدارس الدينية والجامعات الإسلامية بتثقيف الطلاب وتعليمهم اللغة الإنجليزية وتدريبهم الكمبيوتر.
وبشكل عام رؤيتنا هي إعداد قادة المستقبل في المجالات المختلفة.
هل من رسالة عبر “المجتمع” للمؤسسات الإسلامية المعنية بالتعليم الإسلامي حول العالم؟
– رسالتي إلى جميع المؤسسات التعليمية العالمية من محورين:
1- أن يسايروا الركب ويكون لهم نهج سليم مستقيم في جميع العلوم والتكنولوجيا مع الحفاظ على هويتهم الدينية وثقافتهم الإسلامية، وأن ينهضوا بالأمم مع العلم والثقافة الإسلامية باتخاذ خطط جديدة مفيدة نافعة في مناهج الدراسة، كما ينبغي لهم أن يعتنوا بتعليم بنات المسلمين للحفاظ على العقيدة السليمة وسلوك الحياة وتحليهن بآداب المعاشرة الإسلامية.
وأخيرًا أقول:
هناك خلل كبير لا بد من الالتفات إليه لسده في شكل إقامة جسر التعاون والتواصل بين الجامعات الإسلامية في شبه القارة الهندية وفي العالم الإسلامي والعربي لتبادل الآراء والتجارب العلمية، ففي كل بلد تجارب علمية موفقة وناجحة لحد ما ولا علم بها في الدول الأخرى ينبغي أن تتجاوب جميع الجامعات الإسلامية في العالم فيما بينها حتى يمكن أن توجد فيها تفاهمات واتفاقيات للتنسيق بين خططها التعليمية والتربوية.