أكدت مصادر مطلعة لـ«القدس العربي» أن المفاوضين الذين يقارب عددهم العشرين شخصية بين سياسيين ونواب (تقريباً 12 نائباً)، وصلت محادثاتهم إلى شبه انسداد يهدد تواصل المفاوضات الجارية في هولندا، التي أشارت إليها «القدس العربي» في تقرير عدد أمس الإثنين.
وأكد مصدر مطلع أن المفاوضات قد تصل إلى حالة الانفضاض في أي لحظة، وذلك نتاج الاختلاف في المخرجات ونقاش نقاط أساسية وفي تحديد الأسماء التي قد تقود المرحلة الانتقالية، وشروط في بعض التفاصيل، على غرار مدة المرحلة الانتقالية، وتوقيت كل من الاستحقاقين الانتخابيين، وكيفية وتوقيت بناء جيش ليبي موحد.
وقالت مصادر «القدس العربي» التي رفضت الإفصاح عن هويتها: إن إمكانات مواصلة المفاوضات وارد، كما أن العودة إلى نقطة الصفر غير مستبعدة، وإن ملامح عدم الاتفاق بدت جلية للحاضرين نتاج تعقد المسائل خاصة في بعد التجسيد الميداني للاتفاقات لو حصلت خطوات ملموسة نظرياً حولها، وأكدت نفس المصادر أن التقدم حاصل منهجياً في عديد النقاط على غرار تركيبة المجلس الرئاسي وإعطاء صلاحيات واسعة لرئيس الحكومة الجديد وضرورة وجود ضمانات على غرار الضغوط الغربية وبالأساس الأمريكية على الدول الفاعلة سابقاً في المشهد الليبي وخاصة التي لها أطراف تدعمها بقوة، إضافة للاتفاق على ضبط الحدود ضمن تفعيل اتفاقات اجتماع السودان الأخير الذي حضره وزيرا الخارجية والداخلية في حكومة فائز السراح الحالية والمعترف بها دولياً.
وقدرت المصادر أن الأطراف الحاضرة في المفاوضات مُتمسكة حرفياً بشروطها ورؤاها لعدد من القضايا، وقالت مصادر قريبة من بعض المفاوضين: إنه بمجرد الاقتراب من تحديد الأسماء والطرق اللوجستية تصبح الأمور على حافة الهاوية والعودة لنقاط البداية والاقتراب من مناطق التجاذب في الحوار، ومرد ذلك هو استهلاك وحرق أغلب الأسماء السياسية التي قد يتم التوافق عليها، ذلك أن هاجس أن تكون الأسماء المقترحة محترز عليها من حيث القول: إن البعد المناطقي لصيق بها أو وجود ملفات تدينها فعلياً أو عبر تسريبات سابقة وإن كانت مغلوطة في أغلب الأحيان.
وبالتوازي مع المفاوضات غير المعلنة في هولندا وشبه المتعثرة عملياً، يُسارع المجلس الرئاسي في سن إجراءات مستعجلة للحد من تدني الخدمات وفي الاستماع لمشاغل مدن الغرب والجنوب، أما اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي تدين له بالولاء المباشر أغلب مؤسسات الحكم في الجهة الشرقية حيث إنه المتحكم الحقيقي في البرلمان أو على الأقل جزء من النواب كما يدين له كل الفريق الحكومي بقيادة عبدالله الثني، إضافة لقدرته المستمرة على احتواء تيار المداخلة الديني الذي عمد ويعمد إلى استبدال خصومه الفكريين من كل المؤسسات والمساجد حتى إنهم دفعوا حفتر إلى غلق بعض مؤسسات تحفيظ القرآن في مدينة درنة أخيراً.
وفي سياق متصل، يواصل حفتر زيارته للنيجر في محاولة منه لعقد اتفاقات مع قبائل التبو وبعض قبائل الجنوب، على غرار أولاد سليمان والمقارحة والهدف الأولي له هو القدرة على القيام مستقبلاً بخطوات عسكرية في اتجاه أراضي الجنوب ضمن إستراتيجية متوسطة المدى، تسمى الالتفاف على العاصمة ومدن الجهة الغربية القريبة منها، وهي سيناريوهات يشتغل عليها منذ مدة، حسب مصادر تحدثت لـ«القدس العربي»، التي أكدت أنه قد يلجأ لتفعيلها خاصة إذا فشلت المفاوضات في هولندا أو تلقى الضوء الأخضر للتحايل عليها من المصريين والإماراتيين مثلما فعل في أكثر من مناسبة، على غرار ما فعله بعد لقائه بالسراج في 25 يوليو 2017 أو بعد اتفاق باريس في نهاية مايو الماضي، حيث تم إبقاء حكومة الثني.
والغريب أن حفتر ولأول مرة يؤكد أن الانتخابات هي الحل، على عكس مواقفه في السنوات الماضية، ومعلوم أن البعثة الأممية عازمة على الذهاب للحل السياسي، ذلك أن ترتيبات المؤتمر الوطني الجامع تسير على قدم وساق، بل أكدت المصادر أنه بدأ تحديد ممثلي كل المدن الليبية المزمع حضورهم للمؤتمر في أواخر سبتمبر المقبل.
وفي سياق آخر، تتحدث أوساط قريبة من مسؤولين في الشرق الليبي أن جلسات حفتر في النيجر ما هي إلا خطوة أولى لتحضير لوجستي لخطة اقترحها عليه طرف سياسي محسوب على أنصار القذافي، مفادها جلب الروس للساحة الليبية بناء على أنها من حيث تكوين الجيش وطبيعة الأسلحة ومن حيث البنية البشرية والمادية مبني ومتأتية من المدرسة الروسية، وبالعودة لخطة وسيناريو الالتفاف فهو أولاً مرتبط بالحضور الروسي في ليبيا وغير مفصول عنها، كما أنه يقوم على توظيف وجود أنصار لحفتر في الزنتان وتيجي وجادو وقريباً من قاعدة الوطية في الغرب الليبي والعمل على افتكاك مواقع قريباً من معبري «رأس الجدير» وذهيبة –وزان وتوظيف عملي لظروف سياسية وتحركات اجتماعية في مدن الجنوب التونسية المرتبطة بالمعبرين المذكورين، خاصة وأن أطرافاً سياسية تونسية مركزياً وجهوياً هي أقرب لحفتر منه للأطراف السياسية القوية في الجهة الغربية على حد تقرير منشور لصحيفة إلكترونية ليبية صادرة أمس الإثنين.
المصدر: “القدس العربي”.