مع بداية العام الدراسي في فلسطين المحتلة لعام 2018 اليوم الأربعاء، يحمل الطلاب حقائبهم على ظهورهم يتجهون أولاً إلى المعابر الأمنية وبعدها إلى مدارسهم، هذه رحلة طلاب المدارس القاطنين بالتجمعات البدوية المعزولة خلف الجدار في محافظة قلقيلية، وهي عرب أبو فردة وعرب الرماضين الجنوبي والشمالي، ويخضعون للتفتيش المذل ذهاباً وإياباً، فقدرهم أن تكون أول محطة صباحية لهم جنود المعبر والبوابة، وطلاب العالم تكون محطتهم الأولى مدارسهم والمعلمين والمعلمات.
أشرف شعور، مختار عرب الرماضين الجنوبي، يقول: طلابنا قسم منهم يصل عددهم إلى 120 طالباً يبقون داخل التجمع في مدرسة داخلية أقيمت بسواعد أهالي التجمع، والقسم الآخر في المرحلة الثانوية وعددهم قرابة 20 طالباً وطالبة يتجهون إما إلى بوابة حبلة الشمالية أو إلى معبر إلياهو رقم (109)، ويخضعون إلى تفتيش إلكتروني لأجسادهم وحقائبهم في رحلة الذهاب والإياب دون أي إنسانية ومراعاة لوضعهم كطلاب.
ويضيف: في معبر إلياهو تسيطر على المعبر شركة أمنية، ويتعامل أفراد الشركة بصلافة واستفزاز وإجراءات أمنية قاسية، وكذلك على البوابة الشمالية، وهذه الرحلة أدت إلى تسرب الكثير من المدارس حتى لا يخضعوا إلى هذه الإجراءات الأمنية؛ ففي كل عام يزداد عدد المتسربين من المدارس في المرحلة الثانوية حتى لا يخوضوا غمار هذه الرحلة القاسية التي تكون يومياً، وفي فصل الشتاء تزداد معاناة الطلاب والطالبات، وهذه الإجراءات هدفها الرحيل طواعية عن التجمع وإفساح المجال لمستوطنة ألفيه منشه التوسع بآلاف الدونمات حيث إن وجودنا يحمي أكثر من ألفي دونم في المنطقة المحصورة بين حبله وقلقيلية ومستوطنة ألفيه منشه التي أصبحت مدينة كبيرة وتوسعت في كافة الاتجاهات.
أما مختار عرب الرماضين الشمالي قدر جخادبة فيقول لـ”المجتمع”: جميع الطلبة في التجمع البالغ عدد سكانه قرابة الـ190 شخصاً يخرجون خارج التجمع باتجاه قري النبي إلياس المجاورة وتبدأ الرحلة من التجمع إلى البوابة القريبة بمسافة مائة متر، ثم من البوابة إلى الشارع الرئيس الواصل بين قلقيلية ونابلس بمسافة تزيد على مائتي متر، ولا يوجد مركبة تنقلهم هذه المسافة، ويضطر الطلبة المشي على الأقدام هذه المسافة صيفاً وشتاء في رحلة قاسية.
ويضيف جخادبة: عمر تجمعنا منذ عام 1956 بعد النكبة عام 1948 واليوم نحاصر ببوابة أمنية وأسيجة مستوطنة تسوفيم ونمنع من إضافة حجر واحد، ونقوم بإضافات بشكل سري للتوسعة ولا يوجد مدرسة داخل التجمع، ويضطر الأطفال الصغار ومن في المرحلة الإعدادية والثانوية إلى التنقل بين التجمع والبوابة ومقر الارتباط العسكري الإسرائيلي في رحلة خطيرة، حيث يكون مسارهم مختلطاً مع سيارات المستوطنين القادمة من مستوطنة تسوفيم.
وأشار جخادبة قائلاً: مع كل عام دراسي جديد تتجدد مواجع طلابنا، فلا مركبات تنقلهم ويخضعون إلى التفتيش حسب مزاج الجنود، ولا يسمح لنا ببناء مدرسة صغيرة للطلبة في المرحلة الابتدائية؛ فمن سن 6 سنوات حتى 17 عاماً يذهبون إلى مدرسة النبي إلياس.
أما تجمع عرب أبو فردة القريب من حاجز معبر إلياهو فالمعاناة عليه تتكرر، ويقول المختار سالم أبو فردة: بعد الاتفاق مع التربية والارتباط يتم نقل طلبة التجمع البدوي عرب أبو فردة وعددهم يزيد على 25 طالباً وطالبة من خلال حافلة صغيرة، وعبورهم حاجز إلياهو رقم (109) باتجاه قرية النبي إلياس القريبة، وعند العودة يتم السماح للحافلة بالعودة للتجمع، وهذه الرحلة اليومية تمر من حاجز وشارع التفافي ولا يوجد عندنا كهرباء ولا ماء، ويعيش قرابة 300 مواطن في ظروف حياتية تشبه العصور القديمة، ونمنع من البناء، ولو كان المبنى مدرسة أو مستوصفاً طبياً؛ فكل شيء ممنوع، ونقل الطلاب بحافلة يأتي في سياق عدم اختلاط الطلاب بمسار سير المستوطنين القادمين من مستوطناتهم إلى الداخل باتجاه المدن الإسرائيلية.
يشار إلى أن الجدار العنصري الذي أقيم عام 2002م بقرار من حكومة الاحتلال الإسرائيلية أدى إلى عزل تجمعات سكانية خلف الجدار، إضافة إلى آلاف الأراضي الزراعية والعديد من الآبار الارتوازية وحول التجمعات السكانية إلى سجون محكمة على أصحابها بهدف طردهم ورحيلهم عن المكان بعد رفضهم الإغراءات المقدمة إليهم.