يتحدث الكاتب إريك كوفمان عن الهجرة وأثرها على مستقبل الغرب، ويقول: إن صعود الشعبوية اليمينية في الغرب صارت قصة العصر الحاضر، وإن للهجرة من البلدان الإسلامية وغيرها إلى الغرب دوراً في رسم المستقبل السياسي لأوروبا وأمريكا، حيث تشكل الهجرة مادة للأحزاب المتطرفة.
ويقول الكاتب في مقال مطول بمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، بحسب موقع “الجزيرة نت”: إن الولايات المتحدة وأوروبا الغربية شهدت في السنوات الأخيرة صعود أحزاب معارضة للعمل المؤسسي، ومرشحين يحققون فوزا وانتصارات انتخابية غير مسبوقة، وذلك من خلال تقديم أنفسهم كمدافعين عن دولهم ضد التهديدات المزدوجة التي يشكلها الأجانب والنخبة الفاسدة.
وأما الصدمتان الرئيستان في النظام العالمي خلال السنوات الأخيرة فتمثلتا في الخروج البريطاني من عضوية الاتحاد الأوروبي، وانتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، وهما يعتبران مظهرين لهذا الاتجاه الأكبر.
ويقول الكاتب: إن القصة الشعوبية هي في المقام الأول قصة ثقافة وهوية، لا سيما في ظل خوف الناخبين البيض في جميع أنحاء الغرب من أن ثقافاتهم وهوياتهم مهددة.
ويضيف الكاتب أن موجة الشعبوية الحالية بدأت مع انتخابات 2014 للبرلمان الأوروبي، حيث برزت أحزاب مثل حزب الشعب الدنماركي، والجبهة الوطنية الفرنسية، وحزب الاستقلال البريطاني وغيرها بدءاً من عام 2012، وذلك في ظل تزايد عدد الأفغان والعراقيين والسوريين الذين يلتمسون اللجوء في دول الاتحاد الأوروبي.
ثم جاءت أزمة المهاجرين لعام 2015، وذلك عندما دخل أكثر من مليون مهاجر ولاجئ -معظمهم من المسلمين- إلى أوروبا.
وكانت أزمة المهاجرين نعمة للقادة الشعبويين اليمينيين، ففي عام 2015 اتخذ المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية ترمب خطاً متشدداً تجاه اللاجئين السوريين ووعد “بإغلاق تام وكامل” للهجرة الإسلامية، وفي عام 2016 استخدم زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فراج ملصقاً يضم طابوراً من اللاجئين، ليحذر البريطانيين مما ينتظرهم إذا فشلوا في مغادرة الاتحاد.
كما أن نوربرت هوفر من حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا كاد يفوز بالرئاسة، بعد تبنيه سياسة علنية ضد مصالح المهاجرين واللاجئين.
وحصلت الأحزاب الشعبوية اليمينية في كل أنحاء أوروبا تقريباً على أرقام قياسية من الأصوات، بل وتمكنت من إجبار الأحزاب في الوسط على التعامل مباشرة مع الهجرة والإسلام.
وينبع صعود النزعة الشعبوية أولاً وقبل كل شيء من القلق الإثني-الثقافي، حيث يخشى الغربيون تآكل العلاقة بين مجتمعاتهم من السلالة المشتركة وبين أوطانهم المتصورة، وحيث يشعر الألمان العرقيون أن بلادهم أصبحت “غير ألمانية”.
لكن المؤسسة الغربية أقنعت نفسها بنفسها بأن الناخبين الشعبويين هم الذين خلفتهم العولمة، وأنهم أعضاء من الطبقة العاملة البيضاء الذين يمتعضون من نخبة الأثرياء، ويتطلعون إلى الحصول على وظائف ذات أجر جيد والعمل مدى الحياة.