تشهد العاصمة الليبية طرابلس انحداراً متسارعاً نحو المواجهة الشاملة بين مختلف كتائبها بما فيها تلك التي خسرت معاقلها في معركة المطار في عام 2014، أو التي هزمت في معركة عام 2017، مع ظهور لاعبين جدد في عام 2018.
اندلعت شرارة الأحداث حين قام اللواء السابع القادم من مدينة ترهونة، والذي حله المجلس الرئاسي في أبريل الماضي، ولم يعد له غطاء سياسي ولا تمويل لعناصره، بالزحف نحو المدخل الجنوبي للعاصمة طرابلس عبر منطقة قصر بن غشير، واستولى على معسكر اليرموك، بعد قتال مع الكتائب العسكرية في طرابلس التابعة لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق (ثوار طرابلس، النواصي، الأمن المركزي أبو سليم، الكتيبة 301)، رافعاً شعار القضاء على المليشيات في طرابلس، في حين تتهمه أطراف أخرى بأنه يسعى نحو المال والنفوذ، ويسود أكثر من تساؤل حول ولائه وأهدافه.
فوضى ولاءات
ولفض الاشتباكات لجأت حكومة الوفاق إلى قوات من مصراتة (المنطقة العسكرية الوسطى)، والزنتان (المنطقة العسكرية الغربية)، حيث تم إرسال قوة مكافحة الإرهاب من مصراتة، وقوات خاصة من الأمن المركزي بقيادة عمار الطرابلسي من الزنتان، في ظل فوضى ولاءات، وأهداف متضاربة وأخرى مستترة وانقسامات داخل المعسكر الواحد.
وفي ظل احتدام القتال بين اللواء السابع المدعوم من اللواء 22 ترهونة، وكتائب حكومة الوفاق في طرابلس، دخل طرف ثالث الصراع بقيادة صلاح بادي، قائد لواء الصمود الداعم لحكومة الإنقاذ (2014-2017)، الذي دخل في قتال مع الطرفين، كما شرعت القوة الوطنية المتحركة (مشكلة من الأمازيغ) والمتحالفة مع بادي، في إعادة تجميع عناصرها لبدء جولة جديدة من القتال غربي العاصمة، وقد تدعمها كتيبة فرسان جنزور، التي اندثرت بعد هزيمة قوات حكومة الإنقاذ في معركة طرابلس 2017.
وأبرز أطراف المواجهات:
1- القوات المهاجمة لطرابلس:
– اللواء السابع- ترهونة: ويسمى أيضاً الكانيات، أو كتيبة الكاني، نسبة لأحد قادتها، وكان يسمى أيضاً بـ”ثوار ترهونة”، نظراً لأن أغلب عناصره من مدينة ترهونة (88 كلم جنوب شرق طرابلس)، ورغم أن اللواء السابع مشاة، يدّعي أنه جزء من الحرس الرئاسي لحكومة الوفاق، فإن الأخير تبرأ منه كما تبرأت منه قيادة الأركان قوات الوفاق، في حين ذكر النائب المستقيل عن ترهونة محمد العباني، أن المجلس الرئاسي، حلّ اللواء السابع، في أبريل الماضي، دون أن ينفذ القرار على الواقع.
وتقدم اللواء السابع، فجر 27 أغسطس الماضي، من ترهونة، وهاجم مناطق في جنوب وجنوب شرقي العاصمة، وتمكن من التوغل إلى غاية مداخل حي أبو سليم المكتظ بالسكان وسط العاصمة، ويقول اللواء السابع إنه لن يوقف تقدمه حتى تطهير العاصمة من “المليشيات”.
ويؤكد قادة اللواء السابع، أنهم ليسوا موالين لخليفة حفتر، ويعلنون مساندتهم لحكومة الوفاق رغم أنهم لا يلتزمون بأوامرها، ولا يحظى اللواء السابع بدعم سوى أعيان مدينة ترهونة، واللواء 22 ترهونة، كما أعلن أحمد قذاف الدم، أحد رموز النظام السابق دعمه للواء السابع، خاصة أن أعيان ترهونة كانوا من الداعمين للعقيد الراحل معمر القذافي، خلال الثورة التي أطاحت به في 2011.
– اللواء 22 ترهونة: بقيادة عمران علي فرج، أعلن دعمه للواء السابع ترهونة، ويعد هذا التشكيل العسكري موالي لخليفة حفتر، قائد القوات المسيطرة على شرقي ليبيا، ويشارك حاليا في القتال بالضواحي الجنوبية لطرابلس، مما يطرح أكثر من تساؤل حول الأهداف الحقيقية للواء السابع، الذي يصفه النائب المستقيل محمد العباني، بأنه “رأس الحربة والجسر الرئيسي” لقوات حفتر، “لحين قدوم بقية كتائب الجيش (قوات حفتر) من المنطقة لاستلام المعسكرات المحيطة بالعاصمة”.
2- كتائب حكومة الوفاق المتصدية للهجوم:
– كتيبة ثوار طرابلس: من أقوى الكتائب في العاصمة، ويقودها هيثم التاجوري، ويقدر عدد عناصرها بنحو 1300 مسلح، وأدت دوراً رئيساً في طرد قوات حكومة الإنقاذ من طرابلس، في مايو 2017، كما ضغطت على اللواء السابع حينها، واضطرته للخروج من المطار القديم، بعد سيطرته عليه إثر انسحاب قوات حكومة الإنقاذ منه دون قتال.
ويخوض “ثوار طرابلس”، الداعمين لحكومة الوفاق، معركتهم الرئيسية ضد اللواء السابع، ورغم خسارتهم عدة مواقع إلا أنهم يخضون معارك كر وفر، بدعم ومساندة عدة كتائب في طرابلس، على غرار كتيبة النواصي، والكتيبة 301، وقوة الردع والتدخل السريع أبو سليم.
– كتيبة النواصي: وتسمى أيضا “القوة الثامنة”، ويقودها مصطفى قدور، وتعتبر من الكتائب النافذة في طرابلس، خاصة وأنها تسيطر على منطقة سوق الجمعة (شرقي طرابلس)، التي يتواجد بها مطار معيتيقة، الذي تعرض منذ أيام لسقوط قذائف به، ويقدر عناصرها بنحو 500، وتعتبر ثاني أبرز قوة تتصدى لهجوم اللواء السابع، وتتبع الكتيبة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق ومكلفة بمكافحة الجريمة بالعاصمة.
– قوة الردع الخاصة- أبو سليم: وتسمى أيضاً الأمن المركزي أبو سليم، أو كتيبة غنيوة، بقيادة عبد الغني الككلي، تتبع الأمن المركزي لوزارة داخلية الوفاق، وتسيطر على حي أبو سليم، أحد أكبر أحياء العاصمة، وتعتبر من أقوى الكتائب المسيطرة على طرابلس، ولعبت دورا رئيسيا في طرد قوات حكومة الإنقاذ من العاصمة في مايو 2017، ولم تخض قوة الردع الخاصة المعارك ضد اللواء السابع، إلا بعد أن اقترب من حي أبو سليم المكتظ بالسكان.
– الكتيبة 301: إحدى الكتائب المنحدرة من مصراتة، والمتمركزة غربي العاصمة، وتقاتل إلى جانب ثوار طرابلس وكتيبة النواصي وقوة الردع الخاصة لصد هجمات اللواء السابع، بالإضافة إلى قوات حكومة الإنقاذ السابقة على الجبهة الغربية.
3- قوات حكومة الوفاق القادمة من مصراتة والزنتان
– المنطقة العسكرية الوسطى: ويقع مركزها في مصراتة، ويقودها اللواء محمد الحداد، الذي اختطف في مصراتة قبل يومين قبل أن يُعثر عليه مغمًا عليه، وينقل إلى المستشفى، وأثار ذلك تساؤلات بشأن الجهة التي اختطفته، خاصة أن ذلك تم عقب اجتماع في المنطقة العسكرية الوسطى بمصراتة، ووقعت مشادة كلامية مع بعض المجموعات، والتي رفضت إرسال قوات إلى طرابلس تنفيذا لقرار السراج، كلف فيه قائدي المنطقتين العسكريتين الغربية والوسطى بالإشراف على وقف إطلاق النار في العاصمة.
– قوات البنيان المرصوص: وتمثل القوة الرئيسة التي تعتمد عليها حكومة الوفاق، وأغلب كتائبها من مصراتة، وتتركز في المنطقة الوسطى وخاصة في مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وضواحيها، بعد هزيمة تنظيم “داعش” الإرهابي في عام 2016، وقبل أيام دخلت طرابلس من تاجوراء (الضاحية الشرقية للعاصمة) لتأمينها، خاصة في ظل الانفلات الأمني، وفرار مئات السجناء.
– قوة مكافحة الإرهاب: بقيادة محمد الزين، ويتمركز في مدينة مصراتة، وأسسه المجلس الرئاسي في عام 2017، وكلف رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، بالإشراف على ترتيبات وقف إطلاق النار وفض الاشتباك جنوبي العاصمة.
– المنطقة العسكرية الغربية: بقيادة أسامة الجويلي، القائد السابق للمجلس العسكري للزنتان، والتابع حالياً لحكومة الوفاق الوطني، بالتدخل للفصل بين القوات المتناحرة في جنوبي طرابلس، لكن تواصل القتال حال دون تنفيذ هذه الخطة.
– قوات عماد الطرابلس: وتسمى الأمن المركزي، وتتبع اسمياً حكومة الوفاق الوطني، رغم أن قواته قاتلت في عام 2014 إلى جانب قوات حفتر، إلى غاية طردها من طرابلس. وينحدر عماد طرابلسي من مدينة الزنتان (نحو 140 كلم جنوب غرب طرابلس)، وكلفه مؤخراً عبدالسلام عاشور، وزير داخلية الوفاق، بتأمين مناطق غوط الشعال والمدينة السياحية، غربي العاصمة، حيث سيطرت قواته على “معسكر 7 أبريل” و”مقر الدعوة الإسلامية”، رغم أنه لا يخفي تبعيته لحفتر.
4- قوات حكومة الإنقاذ السابقة
– لواء الصمود: ويقوده صلاح بادي، قائد تحالف فجر ليبيا (تفكك بعد وصول حكومة الوفاق إلى طرابلس في عام 2016)، الذي طرد قوات الزنتان من مطار طرابلس الدولي في عام 2014، ويعتبر أكبر داعم عسكري لحكومة الإنقاذ الوطني، التي انهارت بعد هزيمة قواتها في طرابلس في عام 2017.
عاد صلاح بادي، المنحدر من مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس) للظهور من جديد، بعد اندلاع الاشتباكات في طرابلس مؤخرا، وهاجم معسكر حمزة واستولى عليه، فيما تتضارب الأنباء بشأن سيطرته على المطار القديم (جنوبي طرابلس)، الذي اقتحمه مؤخرا اللواء السابع ترهونة.
– القوة الوطنية المتحركة: ويقودها سعيد قوجيل، وتضم مقاتلين أمازيغ، وكانت فيما سبق تدعم حكومة الإنقاذ السابقة، واستدعت مؤخرا عناصرها في ظل الفوضى التي تعيشها طرابلس، أعلنت سيطرتها على المدينة السياحية (تضارب أنباء بشأن من يسيطر عليها)، واشتبكت مع الكتيبة 301 التابعة لقيادة أركان قوات الوفاق.
– كتيبة فرسان جنزور: إحدى الكتائب الموالية لحكومة الإنقاذ السابقة، والتي كانت متمركزة على المداخل الغربية للعاصمة طرابلس قبل سقوط حكومة الإنقاذ في مايو 2017، عادت مؤخراً للنشاط إلى جانب القوة الوطنية المتحركة، في مواجهة الكتيبة 301 مصراتة (كانت حليفتها في وقت سابق)، وضد قوات عماد الطرابلسي (خاضت معها قتال من 2014 إلى 2017).