– أبو سعدة: الكونفدرالية انتحار سياسي وغير قابلة للتطبيق
– الفصائل الفلسطينية: الكونفدرالية جزء من “صفقة القرن” لإيجاد الوطن البديل
الكونفدرالية بين فلسطين والأردن مشروع سياسي عقيم، ليس وليد اللحظة بل عمره السياسي يزيد على عقدين ونصف عقد، هذا المشروع ينظر إليه من كل القوى السياسية الفلسطينية بأنه مشروع لتصفية القضية الفلسطينية، ورفع كل القيود على الاحتلال لسلب كل الأرض الفلسطينية، من خلال الإبقاء على المستوطنات جاثمة على الأرض الفلسطينية، ويستثنى القدس وغزة من هذه الكونفدرالية.
الكونفدرالية وطرحها من جديد
من أعاد طرح الموضوع من جديد هو حديث الرئيس الفلسطيني محمود عباس لنشطاء حركة “السلام الآن” الإسرائيلية، بأنه يوافق على هذه الكونفدرالية شرط أن تكون “إسرائيل” جزءاً منها، وهو كما يقول الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة لـ”المجتمع”: من المستحيل أن توافق “إسرائيل” على ذلك، بأن تكون جزءاً من اتحاد يضم الأردن والفلسطينيين، وكأن الرئيس عباس كما يقول أبو سعدة يرمى الكرة في أحضان واشنطن والاحتلال.
وأكد أبو سعدة أن فكرة الكونفدرالية ماتت من الناحية السياسية بالنسبة للفلسطينيين؛ لأنه لا يمكن القبول بها لأسباب تتعلق بأنها ستلحق الضفة بالأردن مع إعطاء “إسرائيل” السيادة على القدس والمستوطنات، وأن يدار قطاع غزة من قبل مصر، وهذا من المستحيل أن يقبل به أي وطني فلسطيني لأنه سيكتب شهادة الوفاة للقضية الفلسطينية.
وشدد أبو سعدة على أن هذه الفكرة هي بمثابة تصفية لقضية القدس، وكتابة شهادة الوفاة للوجود الفلسطيني في المناطق المصنفة “ج” في الضفة الغربية التي كثفت دولة الاحتلال فيها الاستيطان، حيث ستخضع هي مستوطناتها للسيادة الفلسطينية، مع إبقاء الكتل السكنية تحت السيادة الأردنية، وهذا بالطبع غير مقبول بكل المقاييس.
في حين يبرر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة طرح الفكرة من جديد بالقول: إن فكرة الكونفدرالية موجودة على جدول أعمال القيادة الفلسطينية منذ العام 1984، وأن موقف القيادة واضح هو أن حل الدولتين هو المدخل للعلاقة الخاصة مع الأردن الذي رفض بدوره الحديث عن هذا الموضوع، معتبراً أن لا حل إلا بإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967، وعاصمة الدولة هي القدس الشريف.
أسباب رفض الأردن
في سياق متصل، أوردت صحيفة “هاآرتس” العبرية، سبب رفض الأردن للمقترح الإسرائيلي، هو الخوف من أن يكون ذلك تطبيقاً للتوطين للاجئين أو الوطن البديل للفلسطينيين على أرض الأردن، وهو مرفوض، في حين يعتبر الرئيس عباس الكونفدرالية طريقاً للاعتراف بالدولة الفلسطينية، إذ إنه يعتقد أنه لا يمكن أن تقوم كونفدرالية بين كيانين ليسا دولًا، لذلك، فإنه يصر على أن تكون “إسرائيل” شريكة ليس للإقرار بفلسطين كدولة من ناحية الفكرة، إنما بحدودها ومكانتها.
والكونفدرالية، التي يريدها الرئيس عباس، ستلزم “إسرائيل” بإبرام اتفاقيات اقتصادية جديدة، ولتنسيق السياسات الخارجية مع الأردن والدولة الفلسطينية، وأن ترى فيهما شريكتين متساويتي القدر والمكانة.
لكنَّ لـ”إسرائيل” منظوراً خطيراً عن الكونفدرالية، فهي تعتبر الضفة الغربية منطقة حكم ذاتي تنظم علاقاتها مع الأردن، ويحدد الملك الأردني عبدالله الثاني السياسات الخارجية والأمنية للكونفدرالية، على ألا تكون “إسرائيل” جزءاً منها كما يريدها الرئيس عباس.
تنديد بالكونفدرالية
بدورها، اعتبرت حركة “حماس” إعلان الرئيس عباس عن قبوله فكرة الكونفدرالية مع الأردن والاحتلال أمر مرفوض، لأن هذا يمثل تفريطاً بالحقوق الوطنية ومساساً بالعلاقات الأردنية الفلسطينية ويعكس سياسة العبث بالقضايا الوطنية.
وأكد القيادي في حركة “حماس” سامي أبو زهري في تغريده له على مواقع التواصل الاجتماعي أن هذا موقف شخصي من لا يمثل شعبنا الفلسطيني، في إشارة إلى الرئيس محمود عباس.
جزء من مخطط “صفقة القرن”
على ذات الصعيد، اعتبرت كافة الفصائل الفلسطينية طرح الكونفدرالية هو جزء من “صفقة القرن”.
وقالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في بيان، تلقت “المجتمع” نسخة منه: إن فكرة الكونفدرالية هي محاولة مشبوهة إسرائيلية وأمريكية للانقضاض على حقوق الفلسطيني، وعلى رأسها فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة، وبما يدفع باتجاه عمليات التوطين ودعم فكرة الوطن البديل في سياق عملية الاستهداف الممنهجة التي تجري الآن على قدم وساق لتصفية حقوق اللاجئين.
واعتبرت الجبهة الشعبية أن طرح فكرة الكونفدرالية في هذا التوقيت تشكّل انقلاباً على الحقوق الوطنية التاريخية والتي تتزامن مع الحديث عن “صفقة القرن” ومحاولات شطب القدس واللاجئين، ومحاولات لتكريس سلطة الحكم الذاتي وبالتزاماتها الأمنية والسياسية المدمرة من مدخل الكونفدرالية التي تؤدي دوراً في ضرب موضوع السيادة الفلسطينية على الأرض.
وتريد دولة الاحتلال استلهام فكرتين من الماضي حول الكونفدرالية، هما فكرة الحكم الذاتي الفلسطيني، والكونفدرالية الأردنية- الفلسطينية، التي أعلن الملك الأردني الراحل، الحسين بن طلال، عن إلغائها عام 1988، بقرار فك الارتباط.