– صهيب الفلاحي: أكبر فعالية ثقافية عربية في إسطنبول على مساحة 6500 متر مربع
– عبدالعزيز العويد: صناعة جسور تواصل بين الشعب التركي والعرب لا سيما وأن العلاقة العربية التركية ممتدة الجذور منذ الخلافة العثمانية
في مدينة إسطنبول العتيقة، ما إن تخرج من محطة مترو الأنفاق في “يني كابي” إلا وتجد لافتة بارزة كتبت باللغة العربية في بلد لا يتحدث العربية، تقول لك: “إلى المعرض”، وما هي إلا خطوات معدودات، وتفاجأ بحافلات تركية تنقلك مجاناً إلى معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، واحد من أكبر الفعاليات الثقافية العربية خارج الدول العربية، الذي بدأ في الأول ويستمر حتى التاسع من سبتمبر الجاري، بمشاركة نحو مائتي دار نشر عربية وأجنبية، وبرعاية “اتحاد الناشرين الأتراك”، بالتعاون مع “اتحاد الناشرين العرب”، وبلدية إسطنبول الكبرى.
وفي تصريح لـ”المجتمع” يقول صهيب الفلاحي، المدير الإعلامي للمعرض: إن معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي، جاء هذا العام في دورته الرابعة، للمرة الأولى مستقلاً عن معرض الكتاب التركي، وهو أكبر فعالية ثقافية عربية في إسطنبول، على مساحة 6500 متر مربع.
وحول الإنتاج الفكري بالمعرض، يضيف الفلاحي أن هناك تنوعاً ملحوظاً في الكتب المعروضة، وهو ما يؤكده تنوع دور النشر من نحو 15 دولة، وذلك في رغبة من القائمين على المعرض ودور النشر في تلبية حاجة الجالية العربية في إسطنبول واحتياجات الأسرة العربية بتركيا.
جسور تواصل عربي تركي
جانب آخر مهم ترسخ له الفعاليات الثقافية العربية في إسطنبول، أشار إليه المؤرخ المعروف د. عبدالعزيز العويد الذي التقته “المجتمع” خلال زيارته المعرض، إذ أشار إلى دور هذه الفعاليات في صناعة جسور تواصل بين الشعب التركي والعرب، لا سيما وأن العلاقة العربية التركية ممتدة الجذور منذ الخلافة العثمانية، متمنياً أن يسود التآلف والترابط وأن تصبح البلاد الإسلامية بمنزلة البلد الواحد.
تعلم اللغة العربية
من جانبه، يقول الطالب التركي محمد توران: الفعاليات الثقافية العربية في تركيا تفتح الباب أمام الطلاب الأتراك لحب اللغة العربية وتصنع جسوراً للتواصل بين الثقافتين العربية والتركية، كما توفر معروضاً ثقافياً متنوعاً أمام الأتراك الذين بدأ الكثيرون منهم مؤخراً في تعلم اللغة العربية.
حاجات متنوعة
خلال زيارته المعرض، أثنى عمر أحمد من العراق على فكرة المعرض وتنظيمه، لكنه يرى أن هناك حاجات أخرى مهمة للشباب العربي في إسطنبول كان لا بد معها من توافر كتب في الإدارة والمهارات وثقافات أخرى للاستفادة منها، بينما يركز المعرض في أغلبه على كتب التراث الإسلامية.
فرصة للجالية العربية
قصي عثمان، طالب جامعي سوري، يقول: بشكل عام في تركيا، هناك نقص في الكتاب العربي، وإن كانت بعض دور النشر توفر الكتاب العربي، لكن طبعاً بأسعار مرتفعة، ومن هناك فمعرض الكتاب فرصة جيدة لأبناء الجاليات العربية في تركيا عموماً وإسطنبول خاصة، للحصول على الكتب بأسعار أفضل مما هي عليه في بعض المكتبات العربية التي أصبحت متواجدة هنا في إسطنبول، لكن حقيقة أيضاً أسعار المعرض هذا العام مرتفعة بعض الشيء.
عائق الأسعار
بينما ترى رؤى بركات (سورية): فكرة المعرض بحد ذاتها رائعة لتسهيل اقتناء الكتاب لدى أبناء الجالية العربية الكبيرة في إسطنبول، إضافة إلى فتح الباب أمام كُتاب جدد من جيل الشباب، لكن مع الأسف تبقى الأسعار عائقاً أمام الشباب لاقتناء مزيد من الكتب.
تنوع منقوص
وعن تنوع الكتب الموجودة في المعرض ترى رؤى أن هناك تنوعاً ملحوظاً إلى حد ما وإن كان يغلب عليه كتب التراث الإسلامية.
وهي ذات الفكرة التي يتفق فيها حارث العباسي مُعلم وكاتب عراقي، إذ يرى أن المعرض يفتقد التجديد بإصدار الكتب، فالكتب الحاضرة في المعرض هي نفسها الكتب التي كانت موجودة في المعرض السابق، مع غياب كبير لإنتاج جديد للكاتب العربي، رغم أن بعض الكتّاب أسهبوا بالكتابة ثم وقفوا بعدها ولا جديد لهم.
الطريق إلى القراءة
كما أشاد حارث بالتنظيم الذي يتميز به المعرض وكثرة دور الكتب المشاركة، التي تزيد على مائتي دار نشر، إلا أن الجانب الأهم في رأي حارث أن مثل هذه المعارض تفتح الباب أمام الشباب والصغار للإقبال على القراءة، متمنياً أن تتحول القراءة إلى تقليد “موضة” يتناقلها الشباب ويتبادلون الحديث عنها على وسائل التواصل الاجتماعي.
الرواية أكثر حضوراً
ولفت العباسي إلى أنه من أبرز مشاهداته حول معرض إسطنبول للكتاب العربي هذا العام، هو الحضور الملحوظ للرواية وإقبال الشباب عليها أكثر مقارنة ببقية الكتب، معتبراً أن هذه الظاهرة تحتاج إلى دراسة وبحث، وأنها قد تكون بمثابة تحدٍّ أمام الكُتاب ليبدؤوا في صياغة وعرض أفكارهم في شكل روائي.
القراءة بديل للأجهزة الإلكترونية
فترة تنظيم المعرض تزامنت مع وجود الحاجة أم إيمان التي جاءت من السعودية للسياحة في إسطنبول وحرصت على زيارة المعرض، وأعجبها كثيراً تنوع كتب الأطفال وتعدد دور النشر المختصة في كتب الأطفال، ورأت أن توفر قصص الأطفال وتنوعها مع تصميماتها المبهجة قد تكون نواة لغرس عادة القراءة لدى الأطفال بعيداً عن انشغالهم بالأجهزة اللوحية التي تسبب أضراراً كثيرة.
ندوات ثقافية
لم ينسَ القائمون على المعرض تنظيم ندوات ثقافية يومية على هامش المعرض للكتاب ورواد الفكر العرب وإعلاميين وعلماء التي شهدت حضوراً ملحوظاً.
وتضيف أم إيمان: فكرة أن بلداً لا يتحدث العربية وينظم معرضاً للكتاب العربي فكرة ممتازة لإيجاد نوع من التواصل الفكري والثقافي بين الشعب التركي والجالية العربية، كما أن هناك تنوعاً لدور النشر من البلاد العربية، ما جعل الجالية العربية الكبيرة في إسطنبول سوقاً واسعة لدور النشر، مع ملاحظة ارتفاع الأسعار للكتب المعروضة.
يشار إلى أن فكرة تنظيم معارض وفعاليات ثقافية عربية في تركيا بدأت في عام 2016، عندما استضافت إسطنبول “المعرض الأول للكتاب العربي”، و”معرض إسطنبول الدولي للكتاب العربي”، كما احتوى “معرض إسطنبول الدولي الثالث للكتاب” على جناح خاص باللغة العربية، كما بدأت العديد من دور النشر العربية عمل فروع لها في إسطنبول، مع الزيادة المستمرة في الوجود العربي، وذلك تلبية لاحتياجات الجالية العربية في تركيا للمعرفة.