“العبوا معنا وليس بهواتفكم المحمولة”، تحت هذا الشعار، نزل عشرات الأطفال في مدينة هامبورج الألمانية، السبت الماضي، في مظاهرة غريبة إلى الشوارع احتجاجاً على انشغال آبائهم عنهم بالهواتف المحمولة.
ويبدو أن انشغال الآباء عن أبنائهم لم يعد متعلقاً بالعمل وساعاته الطويلة، بل صارت التكنولوجيا واحداً من الأسباب الأخرى لانصراف الآباء عن أبنائهم، مما دفع الأبناء للتظاهر.
ويسعى المتظاهرون إلى حث آبائهم على الانصراف قليلاً عن الانشغال بهواتفهم المحمولة، وإعطاء صغارهم مزيداً من الاهتمام.
اللافتات حملت شعارات مختلفة منها “نحن هنا.. صوتنا عال لأنكم تنظرون في هواتفكم المحمولة”، ودعا إلى المظاهرة الطفل إيميل روستيجه البالغ من العمر سبعة أعوام، وقد أخطر والده الشرطة بأمر تجمع الأطفال.
وحسب دراسة صدرت مؤخراً، فإن مقدار الوقت الذي يخصصه الألمان للآخرين قد تراجع بسبب انشغالهم بهواتفهم الذكية.
وفي المقابل، كشفت الدراسة تزايد إقبال الأطفال على هذه الهواتف، إذ تبين أن نحو نصف من تتراوح أعمارهم بين 4 و13 عاماً يملكون هواتف ذكية.
وكانت دراسة طبية أمريكية قد حذرت من أن انشغال الوالدين بهواتفهم ومشاهدتهم التلفزيون -أثناء الأنشطة العائلية- يؤثر على علاقاتهم طويلة الأمد مع أطفالهم.
وأجرى الدراسة باحثون بجامعتي إلينوي وميشيغان في الولايات المتحدة، ونشرت في دورية أبحاث طب الأطفال.
ولاكتشاف تأثير انشغال الآباء بالأجهزة الإلكترونية، تابع الفريق 172 عائلة لديها 337 طفلًا يبلغ متوسط أعمارهم 5 سنوات أو أقل.
ووجد الباحثون أنه -في جميع الحالات تقريبًا- يدخل جهاز واحد أو أكثر في تفاعلات الوالدين مع أطفالهم في مرحلة ما خلال اليوم.
وأشاروا إلى أنه من المرجح أن يحرم استخدام الأجهزة الإلكترونية الآباء من فرصة تقديم دعم عاطفي وردود فعل إيجابية، مما يؤدي إلى لجوء أولادهم لسلوك أكثر صعوبة مثل نوبات الغضب، ويزيد من مستويات الإجهاد لدى الأهل.
وقال قائد فريق البحث د. براندون ماكدانيال: إن انشغال الآباء بالأجهزة الإلكترونية يقود الأطفال لإظهار المزيد من الإحباط، وفرط النشاط، ونوبات الغضب، ويقلل التفاعل بين الطرفين.
وأضاف: “هذه النوبات الانفعالية تدفع الآباء مع مرور الوقت إلى مزيد من الانشغال بالتكنولوجيا هربًا من سلوك أبنائهم، وبذلك تتفاقم المشكلة”.