مع استمرار دولاب الاستيطان الذي يأكل الأخضر واليابس في الضفة الغربية، ويصادر كل مقومات الحياة، تسعى المستوطنات لشرعنة وجودها من خلال مظلة العلم المتمثلة بعقد المؤتمرات العلمية وبناء الجامعات والمعاهد العلمية.
مستوطنة “أريئيل” عقد فيها مؤتمر للفيزيائيين في الآونة الأخيرة حضره قرابة 200 عالم فيزيائي، وأقيمت بداخلها جامعة تضم أكثر من 30 ألف طالب، وباقي المستوطنات أقيمت فيها المعاهد الدينية والعلمية حتى تكون قبلة الطلبة من كافة أنحاء المدن “الإسرائيلية”.
تسهيلات
البروفيسور إبراهيم جابر من الداخل من بلدة كفر قاسم القريبة على مستوطنة “أريئيل”، قال في حديث معه: بعد مصادرة الأرض الفلسطينية في أراضي عام 1967م جاء دور مكمل للاستيطان ويتمثل بشرعنته من خلال إيجاد قيمة علمية للمستوطنات، وأنها أقيمت لعدة أهداف منها العلمية، فجامعة أريئيل تقدم تسهيلات للطلبة في كافة المجالات، وأصبحت قبلة كل الطلبة في الداخل الفلسطيني يهوداً وعرباً، ومن هذه التسهيلات قضايا تتعلق بالأقساط وأخرى بمعدلات القبول، وكل هذا يأتي في سياق جعل المستوطنة محطة جذب، التي أصبحت مدينة كبيرة تمتد عدة كيلومترات بشكل طولي على امتداد ما يسمى بشارع عابر السامرة الذي يصل الداخل الفلسطيني بمنطقة الغور.
بدوره، قال جمال الأحمد، منسق اللجنة الوطنية للدفاع عن الأراضي: المستوطنات تتوسع بشكل لم يسبق له مثل، ومستوطنة أريئيل نموذج رئيس عن كيفية شرعنة المستوطنات بغلاف العلم واحتضان التخصصات العلمية في جامعتها.
تسويق الاستيطان
بدوره، قال الخبير في شؤون الاستيطان محمد زيد: الفلسطينيون أمام استيطان متشعب له أهداف خبيثة، فالفترة الحالية يأتي دور تسويق الاستيطان على أنه استيطان حضاري علمي، له أهداف سامية وليس كما يروج له أنه استيطان غير شرعي، فبعد تغيير الإدارة الأمريكية الحالية موقفها من الاستيطان، وأنه له أهداف إنسانية، زادت وتيرة تسويق الاستيطان من خلال تنوع المرافق فيها، فهناك الناحية الاقتصادية المتمثلة بالمناطق الصناعية الضخمة التي تنتج صناعات مختلفة، أو ما يسمى بالمرافق التجارية مثل محل “رامي ليفي” الذي ينتشر في عدة مناطق في الضفة الغربية في المستوطنات في المنطقة.
وشدد الخبير زيد على ضرورة قيام الجانب الفلسطيني بفضح هذه السياسة والتعريف بخطورة الاستيطان وما ينجم عنه من آثار قاتلة على حياة الفلسطينيين، فمؤتمر علماء الفيزياء في مستوطنة أريئيل عقد على محافظة عريقة وهي محافظة سلفيت سرقت المستوطنة الحياة من أهلها وجعلتهم يعيشون في كانتونات معزولة وحرمتهم من مقدرات أرضهم من مياه وأرض، فهذه المستوطنات التي أقيمت على أراضي الضفة الغربية خطفت مستقبل الفلسطينيين، وأصبح المواطن الفلسطيني محروماً من أرضه، فمن يريد أن يسوق العلم من خلال المستوطنات لا يقتل أصحاب الأرض ويحرمهم حياتهم الطبيعية.
وحذر الناشط صالح شنار من خطورة ما يقوم به مجلس مستوطنات الضفة الغربية من دعاية للمستوطنات أنها منابر علم ونور وصناعة، وأنها أقيمت لأهداف نبيلة، وقال: المستوطنون يسعون إلى الخروج من عزلتهم محلياً ودولياً، ويجب أن تبقى صورة الاستيطان أنه استيطان عنصري ولو تغطى بكل المظلات سواء علمية أو اقتصادية أو إنسانية أو صحية، سياحية.
يشار إلى أن أعداد المستوطنين والمستوطنات تضاعفت منذ توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993م إلى أكثر من 7 أضعاف، حيث كان عددهم وقت توقيع الاتفاقية 100 ألف مستوطن، واليوم يزيدون عن 700 ألف مستوطن، ومرشح العدد ليصل إلى مليون في العام القادم.