تهتم العلوم السلوكية والاجتماعية –ومن بينها علم النفس وعلم الاقتصاد وعلم التربية– بمعرفة ما إذا كان الناس يولدون بالقدرة العقلانية على صنع القرار، أو إذا كان من الممكن تعزيز هذه العقلانية من خلال التعليم.
وقد وجدت دراسة حديثة، بقيادة هيونشول براينت كيم، وهي أستاذة مساعدة في تحليل السياسات والإدارة في جامعة كورنيل، أنه يمكن الاستفادة من التعليم للمساعدة في تعزيز جودة صنع القرار الاقتصادي وتحسين العقلانية الاقتصادية للفرد.
فباستخدام تجربة عشوائية ذات شواهد للدعم التعليمي والتجارب المعملية التي تحاكي أمثلة من الحياة الواقعية، أنشأنا أدلة سببية على أن تدخل التعليم لا يزيد النتائج التعليمية فحسب، بل يزيد أيضًا العقلانية الاقتصادية من حيث قياس مدى قدرة الناس على اتخاذ القرارات باستمرار لتحقيق أهدافهم الاقتصادية، تقول كيم.
وقامت كيم وزملاؤها بفحص هذه الفرضية من خلال تجربة محكومة لدعم التعليم في ملاوي، التي نظمتها منظمة غير حكومية، قدمت الدعم المالي للتعليم في عينة من لما يقرب من 3000 طالبة في الصفين التاسع والعاشر.
وقالت كيم: وجدنا أن أولئك الذين تعرضوا للتدخل التعليمي لديهم درجات أعلى من العقلانية الاقتصادية؛ مما يشير إلى أن التعليم هو أداة لتعزيز جودة صنع القرار الاقتصادي للفرد، ومعلوم أن التعليم المدرسي له تأثير إيجابي على مجموعة واسعة من النتائج، مثل الدخل والصحة، وعملنا هذا يقدم دليلاً على فوائد إضافية محتملة ناتجة عن التحسينات في قدرات اتخاذ القرار لدى الناس.
ويفترض التحليل الاقتصادي التقليدي أن البشر يقومون بخيارات عقلانية، ومع ذلك، تظهر أدلة متزايدة أن الناس يميلون إلى ارتكاب أخطاء منهجية في الحكم وصنع القرار، وأن هناك مستوى عالياً من التنوع في كيفية عقلانية الأفراد.
وتشير كيم إلى أن معظم الأبحاث الأخرى حول تحسين جودة اتخاذ القرار تستهدف الحد من تحيز القرار، فعلى سبيل المثال؛ يحث الاقتصاديون السلوكيون صانعي السياسات على التدخل في الأسواق وإعادة هيكلة بيئات الاختيار، والطريقة التي يتم بها تقديم القرار، دون تقييد حرية اختيار الأشخاص.
وقالت كيم: إننا نأخذ موقفاً مختلفاً؛ فأدوات السياسة المناسبة يمكن أن تعزز القدرات العامة على صنع القرار، ويمكن للتعليم أن يعد الناس بشكل أفضل لاتخاذ قرارات عالية الجودة لحياتهم.
وأضافت: يجب ألا تهمل الحكومات أبدًا الاستثمارات في رأس المال البشري لمواطنيها، مشيرة إلى أن ملاوي واحدة من الدول التي تحتل المرتبة الأدنى في العالم من حيث رأس المال البشري، أي القيمة الاقتصادية للمواطنين، والنتائج هذه توفر مبرراً إضافياً للاستثمار في التعليم حتي لو كانت البلاد محدودة الموارد مثل ملاوي والدول النامية الأخرى.