على صوت أنغام أمواج البحر الهادئة يستلقي الأربعيني عاطف بارود (أبو أيمن) برفقه شقيقه الصغير أحمد على رمال البحر بعد أن أشعل بعضا من الأعواد لعمل كوب من الشاي.
ويجلس عاطف بارود صاحب الـ48 عاما بجوار صنارة الصيد الخاصة به، ليمارس هوايته المفضلة والمحببة إلى قلبه، صيد الأسماك.
ويبدأ الصياد أبو أيمن بوضع الديدان التى أخرجها من على شاطئ البحر كطعم للأسماك التى يحاول اصطيادها، علها تكون وجبة عشاء شهية له ولعائلته.
المتنفس الوحيد
ومن بين جنبات مخيم خانيونس للاجئين يخرج بارود بشكل شبه يومي إلى شاطئ البحر الذي يمثل المتنفس الوحيد له بشكل خاص ولسكان قطاع غزة بشكل عام.
ويعاني سكان قطاع غزة من أوضاع اقتصادية ومعيشية غاية في الصعوبة، تدفعهم في بعض الأحيان للهرب من متطلبات الحياة حيث شاطئ البحر العليل، الذي يخفف عليهم من أوجاع الحياة حسب قول بارود.
وما أن يصل بارود إلى ساعات المساء حتى يبدأ بممارسة هواية صيد الأسماك، مستغلا هدوء المكان وفراغه من المصطافين الذين يغادرون الشاطئ في نفس الوقت الذي يحضر فيه.
“البحر والسمك يخطف العقل قبل القلب، ويستهوي النفس، لأنه يمنح للصياد حياة متجددة كل يوم وطاقة كبيرة جدًّا”، يتحدث بارود لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”.
وبين الحين والآخر يبدأ أبو أيمن بتوجيه نظره صوب صنارته ذات اللون الأسود والخيوط البيضاء المشدودة، عله يكون قد اصطاد أحد الأسماك الكبيرة، حيث يعيد السمك الصغير الذي لا يرغب به إلى الماء.
تخفيف الطاقة السلبية
يقول بارود بروحه المرحة وظله الخفيف: “دائما ما أحضر إلى شاطئ البحر للتخفيف من ضغوط الحياة، ولتفريغ بعض الطاقة السلبية التي تملأ أجسامنا من كثرة الهموم”.
وتتنوع أشكال الأسماك التي يصطادها أبو أيمن عبر صنارته التي تلازمه طيلة رحلته، حيث يصطاد خلالها أنواعا عدة من الأسماك، منها: (الكرفوش، واللبط، والعريان، والأزامير، والسروس، والمرمير).
وخلال الحديث مع بارود تلتقط صنارته سمكة يزيد طولها عن 50 سم تعرف باسم العريان، وهي نوع من الأسماك النادر اصطيادها عن طريق الصنارة، حسب قوله.
وبالقرب من المكان حضر عدد من أصدقائه الصيادين الهواة، وجلسوا لاحتساء بعض الشاي المُعد على النار، ليواصلوا مسيرهم لإيجاد مكان يمارسون فيه هوايتهم بعيدا.
ويفضّل كثيرون في غزة، قضاء ساعات في اصطياد السمك، مع عدد من الأصدقاء والأقارب، بعد اختيار مكان مناسب على الشاطئ، أو الجلوس على أحد الألسنة البحرية، على أمل أن يحظوا بوجبة سمك مشويّ، من أنواع سمك السردينة أو السلطان إبراهيم أو بوري واللوكس أو جلمبات.
وما إن ينتهي بارود من هواية الصيد حتى ينتقل إلى هوايته الثانية وهي السباحة، حيث اعتاد على ممارسة هذه الأنشطة طيلة تواجده على شاطئ البحر.
ويختتم حديثه بالقول: “أعشق السباحة كما أعشق الصيد، وخلالها أستطيع أن أنسى هموم ومشاكل الحياة وأتغلب عليها”، متمنيا أن تنتهي هذه الظروف الصعبة عن الأفراد والمواطنين في غزة المحاصرة.