قرار مفاجئ للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أمس الإثنين، بإعفاء رئيس الحكومة، أحمد عبيد بن دغر من مهامه، وإحالته للتحقيق، نتيجة الإهمال الحكومي الذي رافق حكومته منذ تعيينه في 3 أبريل عام 2016، خلفاً لخالد بحاح.
لكن الأمر لم ينته إلى هذا الحد، بل إن الرئيس اليمني عين وزير الأشغال العامة والطرق، معين عبدالملك رئيساً جديداً للحكومة، في ظروف بالغة التعقيد تشهدها البلاد.
ووفق قرار جمهوري، نشرته “وكالة الأنباء اليمنية” الرسمية (سبأ)، وبثه التلفزيون الحكومي، أعفى هادي بن دغر “نتيجة للإهمال الذي رافق أداء الحكومة خلال الفترة الماضية، وفشلها في المجالات الاقتصادية والخدمية”.
واعتبر هادي أن الأداء الحكومي لحكومة بن دغر، فشل في التخفيف عن معاناة اليمنيين وحلحلة المشكلات، فضلاً عن “عدم قدرتها على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي في البلد، وخصوصا انهيار العملة المحلية”.
وأضاف أن حكومة بن دغر فشلت “في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة كارثة إعصار لبان بمحافظة المهرة، وما أصاب أبناء المهرة، جراء هذه الكارثة دون تحرك فعلي من الحكومة، ولتحقيق ما يصبوا إليه شعبنا من استعادة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار، وللمصلحة الوطنية العليا للبلاد”.
من هو عبدالملك؟
ينظر إلى رئيس الوزراء الجديد، معين عبد الملك، (42 عامًا) المولود في محافظة تعز، جنوب غربي البلاد، باعتباره من “التكنوقراط”، إذ إنه لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، خلافا لبن دغر الذي كان له باع طويل في العمل السياسي، وآخرها منصب الأمين العام المساعد لحزب “المؤتمر الشعبي العام”.
ولا تحوي سيرة الرجل الجديد الذي سيقود الحكومة اليمنية، والحاصل على الدكتوراه في الفلسفة في مجال العمارة ونظريات التصميم من جامعة القاهرة، كثيرا من الإنجازات، لكن اسمه لمع في العامين الماضيين مع توليه حقيبة وزارة الأشغال العامة والطرق.
ويصنف مراقبون الأستاذ المساعد السابق في كلية الهندسة جامعة “ذمار”، وسط البلاد، بأنه كان أكثر الوزراء في حكومة بن دغر الذين يعملون بصمت، بل إنه كان حاضراً بشكل مستمر في اليمن، ويشرف على بناء وهندسة الطرقات، خلافاً لبقية الوزراء الذين يقيمون بالعاصمة السعودية الرياض.
كما أن عضو لجنة صياغة الدستور التي شكلت في مارس 2013، ليس له تصريحات صدامية مع أي طرف سياسي يمني، خلال الفترة الماضية، وتركز حديثه على الأداء الخدمي لوزارته التي تقلدها أواخر أبريل من العام الماضي، بعد أن شغل منصب نائب الوزير منذ قرار تعيينه أواخر عام 2015.
وتقول السيرة الذاتية لرئيس الحكومة اليمنية الجديد: إنه عمل استشارياً مع هيئة تنمية وتطوير الجزر اليمنية بين عامي 2004-2005، ومحاضراً في مناهج التصميم والتخطيط الإقليمي.
وكان له دور كبير في المشاركة في صياغة وثيقة مطالب انتفاضة “11 فبراير” عام 2011 ضد حكم الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، كما شارك مع عدد من الأكاديميين في تأليف رؤية الشباب المستقل لليمن عام 2030، في العام ذاته.
وشارك في مؤتمر “الحوار الوطني” الذي انعقد في صنعاء منذ مارس 2013 حتى يناير 2014 (ضم جميع فئات الشعب اليمني برئاسة الرئيس هادي) عن الشباب المستقل، واُنتخب رئيساً لفريق استقلالية الهيئات الوطنية والقضايا الخاصة في المؤتمر.
وكان المنصب الأهم لرئيس الوزراء المحسوب على الشباب، الذي جاء من خلفية غير سياسية، هو نائب وزير الأشغال العامة والطرق، وبعد 3 أعوام عينه الرئيس عبدربه منصور هادي رئيساً للحكومة، ليبدو القرار مفاجئاً للجميع.
وأمام رئيس الحكومة الجديد معين عبدالملك، ملفات شائكة، إذ تشهد البلاد انهياراً مريعاً على جميع الأصعدة، مع تراجع العملة المحلية التي هوت إلى أدنى قيمة لها عبر تاريخها، حيث وصل سعر الدولار إلى 760 ريالاً، وانعكس ذلك في الارتفاع البالغ لأسعار السلع الأساسية والوقود.
وتسبب ذلك الانهيار في تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بن دغر، والبنك المركزي اليمني، واتهم يمنيون غاضبون الحكومة بـ”الفساد”، والفشل في إدارة الملف الاقتصادي، وتجاهل الأزمة التي يعيشها اليمنيون.
ودفعت تلك الأوضاع إلى تصعيد من قوى سياسية ضد الحكومة، إذ دعا “المجلس الانتقالي الجنوبي” أنصاره لطرد الحكومة، والسيطرة على مؤسسات البلاد في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، ومحافظات جنوب البلاد.
ويتمثل الملف الأبرز أمام رئيس الحكومة الجديد في إنهاء الحرب المستمرة التي يشهدها اليمن، التي تخوض فيها القوات الموالية للرئيس هادي قتالًا بإسناد من التحالف العربي بقيادة السعودية، ضد مسلحي جماعة الحوثيين، التي اندلعت في مارس من العام 2015.
وتسببت الحرب في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 22 مليون يمني؛ أي 75% من السكان، إلى نوع من المساعدة أو الحماية.
وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 65 ألف يمني قد قتلوا أو جرحوا في النزاع، فيما وثقت الأمم المتحدة مقتل 16 ألف مدني، بحسب مركز أنباء الأمم المتحدة.
وتطلب الأمم المتحدة وشركاؤها 3 مليارات دولار، لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، وحتى الآن تلقت الخطة 65% من إجمالي المبلغ المطلوب.