125 يوماً من الصمود والاعتصام في قرية الخان الأحمر بوابة القدس الشرقية، والجمعة الثلاثون لمسيرات العودة على حدود قطاع غزة، يمثلان صورة من التحدي والعناق على مقاومة المحتل.
قرية الخان الأحمر أصبحت رأياً عالمياً، بالرغم من محاولة الاحتلال تقزيم القضية على أنها تتعلق بترتيبات على أرض، وأن البدائل موجودة، وتجميد قرار الهدم للقرية من قبل المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) كان بمثابة الصاعقة للمستوطنين الذين غضبوا على حكومتهم العنصرية ووصفوها بالضعيفة.
صمام الأمان
اعتبر الناشط بشار القريوتي في مقاومة الاستيطان والجدار قضية الخان الأحمر صمام الأمان لأكثر من 200 تجمع بدوي وضعت على جدول الإزالة في مناطق الضفة الغربية لتفريغ تلك المناطق لصالح المستوطنين والمستوطنات، وإقامة تواصل بين القدس ومستوطنات الضفة الغربية، وإيجاد بديل لقرية الخان الأحمر بين العيزرية وأبو ديس جاء بعد الضجة العالمية التي نجمت عن صمود أهالي الخان الأحمر في قريتهم بالرغم من كل الوسائل التي استخدمت في قمعهم وحصارهم.
استياء أوروبي
من جهته، أكد الخبير العسكري واصف عريقات أن الأسلحة التي تستخدم بحق المتضامنين والمعتصمين من فلفل أبيض وصواعق كهربائية وقنابل غاز عن مسافة كبيرة والمياه العادمة والضرب المبرح يعتبر من الوسائل المخالفة للقانون الدولي، وهناك استياء أوروبي من طريقة تعامل قوات الاحتلال مع متضامنين سلميين، وفرق القمع التابع لجيش الاحتلال تحاول تجسيد عنصر الصدمة النفسية للمتضامنين، وهو نوع من العقاب الصامت الذي لا يحدث ضجة وله مفعول على الأرض، إلا أن ثبات المتضامنين أصبح عائقاً قوياً أمام ترحيل قرية الخان الأحمر.
صمود أسطوري
وقال أبو عماد الجهالين من تجمع الخان الأحمر: صمودنا هو صمود للقدس، فهم يريدون تفريغ المنطقة واقتلاعنا من هذه المنطقة كي تكون لهم الفرصة الكاملة في فرض أجندة استيطانية في المكان.
وأضاف في حديث معه: نرفض الانتقال إلى المنطقة الجديدة التي يتم تجهيزها في مراحلها الأخيرة حتى يظهر الاحتلال أنه احتلال حضاري، فنحن هنا قبل الاحتلال، وجذور المكان قديمة، وسنبقى هنا مهما كانت النتائج، حتى لو وصل الأمر إلى الاستشهاد، في سبيل البقاء في قرية الخان الأحمر التاريخية.
وتابع بقوله: نحن تم تهجيرنا من صحراء النقب عام 1953 إلى بادية القدس، ولن نرحل مرة ثانية مهما كانت الإجراءات.
الوفود التي تزور الخان الأحمر للتضامن مع أهلها يعودون إلى مدنهم وقراهم يسردون أسطورة الصمود في هذه القرية.
عيسى عبدالله زار قرية الخان الأحمر عدة مرات ضمن فعاليات التضامن وقال: عدت وأنا في حالة من النشوة، وحدثت أطفالي الصغار عن صمود أهالي الخان الأحمر، وكيف هي مدرستهم، وكيف يعيشون في ظروف قاسية بهدف ترحيلهم، مضيفاً: عندما أسرد لأطفالي تفاصيل قرية الخان الأحمر يصاب الأطفال بالذهول وكأنهم يستمعون إلى قصة من التاريخ القديم.
وتابع: وعن العراك اليومي مع جنود جيش الاحتلال يشبه ما يجري على حدود قطاع غزة في مسيرات العودة، فهناك اجتماع العديد من أفراد فرقة “اليسام” المسلحة بالصواعق الكهربائية وغاز الفلفل الأبيض، ويتم استخدام هذه الأسلحة من مسافة الصفر بحق كل متضامن، فرائحة هذه الأسلحة تسكن قرية الخان الأحمر منذ أكثر من 123 يوماً.
وختم قائلاً: سرد تفاصيل حياة سكان قرية الخان الأحمر لأطفالي جعلتهم يشوقون للذهاب هناك والضامن معهم، وأنا أفكر جلياً في أقرب فرصة الذهاب إلى هناك كي يعيش أطفالي تجربة الصمود ولو ليوم واحد، فهذه التجارب مهمة في حياة الأجيال.
يشار إلى أن حكومة الاحتلال قامت بتفكيك المكان البديل الذي خصص لترحيل أهالي قرية الخان الأحمر الذي تم الانتهاء من تجهيزه قبل أيام.