ظهرت في مطلع القرن العشرين مصطلحات أممية جديدة تهتم بالجانب الإنساني، نتجت عن دراسات وممارسات طويلة، كلها تصب في تطوير مؤسسات العمل الإنساني والخيري في العالم، من أجل تقليل الخسائر وتوفير الجهود وتنمية الأفراد المشاركين في الأعمال الإنسانية.
ومن أبرز هذه المصطلحات: التنمية المستدامة، والشراكة المجتمعية، والدبلوماسية الإنسانية، والمسؤولية الاجتماعية، وكل واحدة منها صدرت فيها قرارات واتفاقيات تحت مظلة الأمم المتحدة، لخدمة الإنسانية والعمل الخيري. ومن الضروري بمكان أن تتعرف المؤسسات الخيرية الكويتية على هذه الاتفاقيات، لتستفيد منها عالمياً، من خلال العديد من البرامج التدريبية وورش العمل التي تقام داخل الكويت وخارجها.
وأدعو هنا وزارة الخارجية لطباعة كتيبات ومطويات مبسطة عن كل واحدة منها، وتعممها على المؤسسات الخيرية الحكومية والأهلية، وأن تقوم بالتنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية واتحاد المبرات والجمعيات الخيرية الكويتية لإقامة ورش عمل لكل اتفاقية، وسبل الاستفادة منها.
وكم أسعدني عندما رأيت في وسائل الإعلام حضور ممثلين من جمعية النجاة الخيرية وجمعية الإصلاح الاجتماعي واجتماعات لجان دولية في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، بعد أن فتح د. عبدالله المعتوق الباب عندما مثّل الكويت هناك من قبل.
وللتوضيح الأولي لتلك المصطلحات، تهدف «التنمية المستدامة» إلى الاستمرارية بالعطاء المتنوع والمتطور، فإذا كان نظام مساعدة الفقراء سابقاً تقديم الدعم المالي، أصبح لاحقاً «أعطه سنارة ليصطاد سمكة»، وهذه «تنمية» عملية واكتفاء ذاتي واسترزاق، ثم جاء دور «الاستدامة» بتعليم الفقير كيف يصنع السنارة.
وحتى يتحقق نجاح أي مشروع، فلا بد من التعاون، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال «الشراكة المجتمعية»، الشراكة بين المؤسسات الخيرية والاقتصادية والإدارية والتشريعية، وهنا يأتي دور الجمعيات في تقديم مبادرة الشراكة، ويأتي دور الجهات الحكومية والقطاع الخاص لقبول هذه الشراكة ودعمها.
لذا، فقد أصبحت «المسؤولية الاجتماعية» التزاماً أخلاقياً وقيمياً لمؤسسات المجتمع المدني، تحقق من خلالها «التنمية المستدامة» و«الشراكة المجتمعية». ولأهمية الأمر، فقد التزمت العديد من الشركات الكبرى بتحديد مسؤوليتها في النظام الأساسي لها، ووضع تفاصيل إنجازاتها الاجتماعية في التقارير السنوية، حتى إن بعض الدول تشترط على الشركات التي تدخل مشاريعها أن تقدم ضمن سيرتها الذاتية خدماتها المجتمعية ضمن مسؤوليتها الاجتماعية، وهذا ما ندعو لتحقيقه في لجنة المناقصات المركزية.
ومن خلال الإنجازات الخيرية الكبرى والشراكات المجتمعية العالمية، استطاع العديد من المؤسسات الإنسانية الضغط على الهيئات الدولية لتغيير قراراتها وتشريعاتها لخدمة الإنسان وعمليات الإغاثة، ما لم تستطع تنفيذه المؤسسات الرسمية، مثلما قدمه د. عبدالرحمن السميط، رحمه الله، في أفريقيا، ومؤسسة «IHH» التركية في بورما وسورية، وهذه تسمى «الدبلوماسية الإنسانية».
ومن هذا المنبر الإعلامي، أدعو جميع المؤسسات الاقتصادية الكويتية لدعم مشاريع المؤسسات الخيرية الكويتية التنموية، ولا تتحاشاها لأسباب فكرية أو منهجية، فهي تؤدي نشاطاتها محلياً تحت رقابة وزارة الشؤون، وخارجياً وزارة الخارجية، وبحسب تصريح أحد المسؤولين، لا يصل إلى الجمعيات الخيرية الكويتية 1% من مخصصات تلك الشركات المليونية، فبدعمها للجمعيات الخيرية ستحقق مكاسب إنسانية كبرى باسم الكويت، وتحقق أهدافها ضمن «المسؤولية الاجتماعية»، وبالطبع.. مع احتساب الأجر، والله الموفق.
ينشر بالتزامن مع صحيفة “الأنباء” الكويتية.