مسجد يحمل اسم مؤسسه محمد شيتا بيك، ينتصب منذ 124 عاماً، في مدينة “لاغوس” النيجيرية، شاهداً على وقوف الدولة العثمانية إلى جانب المسلمين في غرب أفريقيا.
يصطلح السكان المحليون على تسميته بـ”المسجد التركي”، في إشارة رمزية مخزنة بالذاكرة الجماعية عبر الأجيال، في إشارة إلى المسجد الذي أرسل إليه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، ممثلاً خاصاً عنه لدى افتتاحه عام 1894.
ويحافظ المسجد على وجوده منذ 124 عاماً، حيث تم إنشاؤه بالمدينة التي تعتبر عاصمة التجارة في نيجيريا، على يد واحد من أهم رجال الأعمال في تلك الفترة، وهو المسلم محمد شيتا بيك.
وتلقى السلطان عد الحميد (حكم من 1876 إلى 1909) دعوة خاصة للمشاركة في افتتاح المسجد بالمدينة الواقعة جنوب غربي نيجيريا، إلا أنه أرسل مندوبا خاصا عنه، مؤكّدا بذلك مساندته لمسلمي غرب أفريقيا.
كما كرّم السلطان عبد الحميد الثاني ، رجل الأعمال محمد شيتا وعائلته بهدايا متنوعة، ومنحه لقب “بيك”، وتعتبر هذه العائلة من أهم العائلات المسلمة في نيجيريا.
ويعد الحاج نور الدين ألامو شيتا بيك، وهو حفيد محمد شيتا بيك، الرئيس السابع للمسلمين في لاغوس، ويتقلد هذا المنصب منذ 2012.
وقال إمام المسجد، حبيب الله توفيق يوشاو: إن محمد شيتا وُلد في سيراليون عام 1824، ومن ثمّ، هاجر إلى مدينة لاغوس، حيث بنى فيها المسجد من أمواله الخاصة، وقام بتوجيه دعوة خاصة للسلطان عبد الحميد للمشاركة في افتتاحه في ذلك الوقت.
ولم يتمكّن السلطان عبد الحميد من المشاركة آنذاك، إلا أنه أرسل مندوبا خاصا عنه، وهو عبد الله كويليام.
ووفق “يوشاو”، فإنّ محمد شيتا بيك وجّه الدعوة للسلطان عبد الحميد بواسطة رئيس “جميعة ليفربول الإسلامية”، عبد الله كويليام، لاعتقاده بأن هذا الأمر سيساهم في انتشار الإسلام بالمنطقة.
وأرسل السلطان كويليام بدلا عنه بواسطة سفارته في العاصمة البريطانية لندن، كما أرسل معه عددا من الهدايا لـ”محمد شيتا بيك”، بينها راية الدولة العثمانية، وسيف، و”النيشان المجيدي” (وسام عسكري عثماني)، معلنا بذلك وقوفه إلى جانب المسلمين في غرب أفريقيا.
منح محمد شيتا لقب “بيك”
من جانبه، قال حفيد محمد شيتا بيك، ورئيس مسلمي لاغوس، نور الدين ألامو شيتا بيك، إن السلطان عبد الحميد منح لقب “بيك” لجده محمد شيتا، لقاء الخدمات الكبيرة التي قدمها للمسلمين في منطقة غرب إفريقيا عندما كانت واقعة تحت الاستعمار الإنجليزي، وخاصة في نيجيريا.
وأضاف أنّ “السلطان عبد الحميد كرّم جدي محمد شيتا بهدايا مختلفة، كما منحه لقب “بيك”، تقديراً لجهوده في خدمة المسلمين والإسلام”.
وأوضح بأن المسلمين في لاغوس أيضا اختاروا محمد شيتا بيك رئيسا لهم في تلك الفترة.
وحتى اليوم، تحافظ عائلة شيتا على لقب بيك وتتخذه كنية لها.
أما يوشاو، فعاد ليدعو الحكومة التركية للمساهمة في ترميم المسجد وتطويره.
ويعد مسجد شيتا بيك من أهم المساجد في غرب أفريقيا في زمن الاستعمار الإنجليزي، ويعتبر إلى اليوم مركزا لتجمع المسلمين النيجيريين.
وفي 10 ديسمبر 2013، أدرجت لجنة المتاحف والنُصب التذكارية النيجيرية (حكومية) المسجد ضمن النصب الوطنية في البلاد، وعددها 9.
ويتمتع المسجد بنموذج معماري مزيج بين الطرازين الإفريقي البرازيلي، حيث أوكل محمد شيتا بيك مهمة بنائه للمعمار البرازيلي جواو بابتيستا دا كوستا.