أظهر إطلاق المقاومة الفلسطينية نحو أربعمئة صاروخ وقذيفة على مستوطنات غلاف غزة بشكل مركز ومكثف خلال وقت قصير أصابت عددا من المباني، وأدت لإصابة “إسرائيليين” بجراح خطيرة تطور قدرات المقاومة بشكل لافت في جولتها القصيرة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولم تستخدم المقاومة الفلسطينية في هذه الجولة سوى سلاح “الصواريخ” خلال هذه الجولة القصيرة، فلم تستخدم أيا من أسلحتها الأخرى مثل الكوماندوز البحري، وسلاح طائرات الأبابيل، وسلاح الأنفاق الهجومية، وغيرها من الأسلحة.
القصف المركز على غلاف غزة سبقه استهداف حافلة عسكرية “إسرائيلية” بصاروخ “كورنيت” أسفر عن جرح جندي، وجاء بعد ساعات من تسلل وحدة استخبارية إسرائيلية شرق خان يونس تم اكتشافها واندلع اشتباك استشهد فيه سبعة فلسطينيين، بينهم قيادي من كتائب عز الدين القسام وقتل فيه ضابط إسرائيلي، وتدخل الطيران الإسرائيلي للتغطية على خروج القوة الخاصة.
تطوير القدرات
ويرى المختص في الشأن الفلسطيني محمد شكري أن المقاومة الفلسطينية استطاعت تطوير قدراتها وصولا لفهم طريقة التعامل مع الجيش “الإسرائيلي” وكيفية التخفي عنه، ومن خلال ذلك تمكنت في محطات عدة من توجيه ضربات قاسية ومدروسة له، معتبرا أن الرسائل من خلال هذه الضربات أقوى بكثير من نتيجتها من حيث حجم الخسائر.
ويرى شكري في حديث للجزيرة نت أن ذلك ظهر بشكل واضح في عملية استهداف الباص بصاروخ متطور مضاد للدروع، مما عكس قدرة المقاومة على التمويه وتوجيه ضربات للجيش في أماكن وأوقات لا يتوقعها، وفي كمين العلم يظهر التكتيك العالي والإتقان في نصب شراكها للجنود، والدقة العالية في حساب توقيت التفجير وحجمه.
ويضيف “إذا كان هذا الزخم والجودة قد ظهر في بداية مواجهة لم تطل إلا مستوطنات الغلاف فلا يمكن توقع الحال في حين توسعت دائرة المواجهة، بالتأكيد ستفاجئ المقاومة الصديق قبل العدو بوسائل وأدوات خارج التوقعات”.
مفاجآت كثيرة
من جهته، اعتبر مصدر في المقاومة الفلسطينية أن دقة الصواريخ وكثافة إطلاقها وتركيزها وحملها للرؤوس المتفجرة الثقيلة وإصابتها لأهدافها وإيقاعها خسائر فادحه ما هو إلا شيء بسيط مما لدى المقاومة الفلسطينية التي طورت قدراتها بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
ويرى المصدر في حديثه للجزيرة نت أن لدى المقاومة الفلسطينية الكثير من المفاجآت التي لا يمكن الإفصاح عنها، والتي ستشكل صدمة لجيش الاحتلال الإسرائيلي إن فكر بالتوغل وتوسيع عدوانه على قطاع غزة، ولن يعلم العدو من أين ستخرج له المفاجآت.
واعتبر المصدر استهداف حافلة للجيش “الإسرائيلي” بالكورنيت خلال التصعيد، وحالة الاستنفار الأمني الكبير، وفشل الطيران الحربي في استهداف المقاومين الذين يطلقون الصواريخ، والتنسيق بين الفصائل ضمن تطور منظومة المقاومة الفلسطينية التي لم تظهر سوى القليل من قدراتها خلال هذه الجولة القصيرة.
تكتيك مختلف
من جهته، يرى الباحث السياسي عبد الحميد صبرة أن قدرات المقاومة وتكتيكاتها اختلفت هذه المرة، فإطلاق المقاومة نحو 400 صاروخ في غضون 12 ساعة هو رقم غير مسبوق في تاريخ الصراع، إضافة إلى تجاوز الصواريخ القبة الحديدية وإصابتها أهدافها بشكل مباشر في معظم الرشقات.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن رد المقاومة وتوسيعها للقصف تدريجيا من أجل ردع الاحتلال الإسرائيلي والتهديد بضرب مدينة بئر السبع وأسدود وضع “إسرائيل” في ورطة مع المقاومة في غزة.
واعتبر أن ما ظهر من قدرات المقاومة خلال وقت قصير دفع “إسرائيل” لعدم الدخول في مواجهة واسعة معها لأنها لا تستطيع تحقيق أهدافها الإستراتيجية تجاه القطاع.
وكانت وسائل الإعلام “الإسرائيلية” كررت حديثها في وقت سابق عن تطور أداء المقاومة الفلسطينية، فقد ذكر موقع مفزاك لايف “الإسرائيلي” في فبراير الماضي أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تمتلك أكثر من 15 ألف صاروخ بمدى وأحجام مختلفة، ونحو ألف صاروخ بعيدة المدى يصل مداها إلى حيفا وغوش دان، وفق تقديرات الجيش “الإسرائيلي”.
وأضاف الموقع أن حركة حماس لا تزال تبني وتطور منظومتها العسكرية، ولا سيما في تصنيع الأسلحة والقذائف الصاروخية مختلفة المدى.
وإضافة إلى الصواريخ تمتلك المقاومة الفلسطينية سلاحا إستراتيجيا هو سلاح الأنفاق الأرضية الذي كبد الاحتلال الإسرائيلي خسائر مادية فادحة، إضافة للخسائر البشرية والمعنوية خلال حرب 2014.
“خوف إسرائيلي”
وتتخوف “إسرائيل” بشكل دائم من استمرار حفر الأنفاق وتبني لذلك جدارا أرضيا من الإسمنت على طول الحدود مع قطاع غزة لمواجهة خطرها بميزانية تفوق نصف مليار دولار، في حين أكدت المقاومة الفلسطينية في أكثر من مناسبة استمرار حفر الأنفاق التي “تؤمن سياسة التوازن في الرعب مع الاحتلال في أي مواجهة مقبلة”.
وسبق لصحيفة يديعوت أحرونوت “الإسرائيلية” أن تحدثت بشكل مفصل عن تواصل حركة حماس لتطوير ساحتها البحرية وإنتاجها بنفسها أجهزة غوص تتيح لعناصرها الغوص عدة كيلومترات دون أن يبقى خلفهم أي أثر.
وبحسب الصحيفة، فإن الجيش رصد وتيرة ناجحة وآخذة بالازدياد من التصنيع المحلي الناجح تقوم به حماس، فإضافة إلى تصنيع صواريخ أكثر دقة بفضل التجارب الكثيرة، وتطوير طائرات بدون طيار وحفر وتطوير الأنفاق التي تجتاز الحدود إلى داخل إسرائيل فإن وحدة كوماندوز حماس البحري في تطور.
وإضافة إلى التدريبات المكثفة على شاطئ بحر غزة لمئات الغواصين من وحدة كوماندوز حماس البحري انتقلت حماس مؤخرا إلى تصنيع معدات وأجهزة الغوص لمقاتليها، وذلك في ضوء تدمير أغلبية أنفاق التهريب برفح من قبل الجيش المصري.
——
المصدر: الجزيرة.نت