تنتظر البنوك التشاركية (الإسلامية) في المغرب، خلال نوفمبر الجاري، أن تجني ثمار إصدار المملكة صكوكًا سيادية للمرة الأولى في تاريخها.
وأصدر المغرب، في 5 أكتوبر الماضي، صكوكًا سيادية بقيمة 106 ملايين دولار، فيما قررت الحكومة “ضمان إصدار الصكوك إسلامية”.
يأتي إصدار الصكوك بعد مرور أكثر من عام على انطلاق العمل بالبنوك الإسلامية في البلاد، وسط معطيات تؤكد ضعف الإقبال عليها، ومطالب بتطبيق التأمين التكافلي.
ويعد غياب التنوع في المنتجات أحد أبرز أسباب ضعف الإقبال عليها من جانب عملاء البنوك، إلى جانب التأخر في إصدار قانون ينظم عمل الصيرفة الإسلامية في البلاد.
إلا أن خبراء اقتصاد يرون أن إصدار الصكوك السيادية وضمان الحكومة لها، سيعطي البنوك الإسلامية دفعة لتطوير أعمالها وإطلاق منتجات جديدة.
قيمة مضافة
يقول طلال لحلو، وهو خبير استشاري لدى مؤسسات متخصصة في المالية الإسلامية: إن البنوك التشاركية تحتاج للصكوك للقيام بعدة عمليات، أولها إعادة التمويل من خلال زيادة السيولة.
ويتابع: الصكوك السيادية التي صدرت لأول مرة في المغرب ستسمح بإطلاق مجموعة من المنتجات الجديدة، منها المتعلقة بالاستثمار، وأيضاً بحسابات الادخار.
ويضيف طلال: حسابات الادخار ستتيح إمكانية دفع العملاء أموالهم للبنوك الإسلامية، بهدف استثمارها على أساس المرابحة.
ويرى الخبير الاقتصادي الطيب أعيس، في تصريح لوكالة “الأناضول”، أن البنوك التشاركية ستستفيد كثيراً بعد إصدار الصكوك السيادية، خاصة زيادة الثقة التي ستنالها.
وتابع: الصكوك الإسلامية مسألة حياة أو موت بالنسبة للبنوك الإسلامية، والتجربة الأولى من نوعها في المغرب اليوم في بداية مسارها الصحيح.
وأوضح أعيس أن البنوك الإسلامية إما أنها تكون في حاجة للسيولة، أو لها فائض من السيولة، وفي كلتا الحالتين، ستكون بحاجة للصكوك السيادية، وهي آلية حيوية لاستمرارها ووجودها.
ويزيد: الصكوك آلية قوية أيضًا لتشجيع الاستثمار، في ظل وجود مؤسسات للدولة وأخرى خاصة، تكون بحاجة للسيولة.
تحديات النمو
ويعتبر أعيس أن الإقبال على البنوك الإسلامية ما يزال دون المطلوب لعدة اعتبارات، وذلك بعد أكثر من سنة مرت على انطلاق العمل بها.
ويوضح أن من بين أسباب ضعف الإقبال الإطار القانوني الذي يعيق تسويق عدة خدمات ترتبط بالتمويلات الإسلامية.. حتى الآن تم تفعيل المرابحة فقط، بينما القانون يسمح بتقديم ست خدمات بنكية إسلامية.
ومن أبرز الخدمات المصرفية الإسلامية إلى جانب المرابحة، المضاربة، والمشاركة، والمزارعة، والوكالة، والإجارة، والاستصناع.
ويستطرد: هذا هو أبرز تحدٍّ أمام البنوك الإسلامية، كان من المفروض أن يحدد القانون الإطار العام لعمل الصيرفة الإسلامية ويدعها تعمل كما تريد.
وفي مارس 2017، منح البنك المركزي موافقته على استخدام خمسة أنواع من المعاملات المصرفية الإسلامية، معطياً بذلك الموافقة التنظيمية النهائية لإطلاق صناعة التمويل الإسلامي في البلاد.
ووافق المركزي المغربي حينها على فتح خمسة بنوك إسلامية، والترخيص لثلاثة بنوك مغربية بتقديم منتجات بنكية تشاركية لعملائها.
مرحلة تجريبية
أمّا عبد السلام بلاجي، رئيس الجمعية المغربية للاقتصاد الإسلامي، فيقول: إن قيمة الإصدار الأول للصكوك التي بلغت 106 ملايين دولار، ليست بالمبلغ الكبير، ويبدو أنه تجريبي فقط.
ويلفت بلاجي إلى أن قيمة الصكوك تصل في عدد من الدول إلى 30 مليار دولار في السنة، نذكر على سبيل المثال الصكوك التي تعلن عنها ماليزيا وإندونيسيا مثلاً.
ويشير إلى أن من شأن رفع القيمة المالية للصكوك دعم تمويل ثلاث جهات أو مشاريع في حاجة للسيولة المالية، وهي ميزانية الدولة، ثم مشاريع البنى التحتية، وأيضا الجماعات الترابية (البلديات).
وبهذا الخصوص، قال عبداللطيف الجواهري، محافظ البنك المركزي، في 19 يونيو الماضي: خلال أقل من سنة، أُحدثت أكثر من 71 وكالة تشاركية (بنك إسلامي)، وهذه الوكالات ما فتئت تتضاعف، وهذا شيء مهم.
وأضاف الجواهري خلال ندوة صحفية بالرباط: حجم قروض البنوك الإسلامية التي منحت منذ سنة بلغ 1.1 مليار درهم (116.27 مليون دولار).
وجرى إنشاء بنوك وشركات تأمين إسلامية، بعد أن سمح قانون جديد لها بدخول السوق، وأنشأ البنك المركزي هيئة شرعية مركزية تضم علماء دين مسلمين للإشراف على القطاع.
وصادق البرلمان المغربي في نوفمبر 2014 على مشروع قانون البنوك التشاركية (الإسلامية).
ودخل قانون البنوك الإسلامية في البلاد حيز التنفيذ، بعد نشره بالجريدة الرسمية في يناير 2015.