عادت قضية قتل الأكاديمي الإيطالي الشاب جوليو ريجيني تلاحق السلطات المصرية مجدداً بعد تراشقات برلمانية إثر تصعيد إيطالي اتهم ضباط مصريين رفيعي المستوى بالتورط في قتله، بالتزامن مع مطالبات للمعارضة بتحديد من أصدر الأوامر من المستوى الأعلى للضباط، واستفاقة العالم في ملاحقة الجناة الذين أودوا بحياة الآلاف من المصريين من أمثال ريجيني، وفق ما يرون.
النظام متورط
من جانبه، كشف ياسر صديق، المتحدث الرسمي باسم مجلس أمناء الثورة، في تصريح لـ”المجتمع”، عن أنه ومجموعة من النقابيين والبرلمانيين في الخارج على استعداد للتعاون مع الحكومة الإيطالية في حالة استشعار الجدية بفتح هذا الملف، في حال أن يكون ملف رجيني بداية استفاقة للضمير العالمي لما يحدث من اختفاء قسري في مصر وغيره من الجرائم.
وقال صديق: ريجيني تعرض لقتل خارج إطار القانون تورط فيه ضباط مصريون بأوامر من مستويات عليا، ونفس تلك الأوامر هي التي ورطتهم في قتل المصريين المتمسكين بـ”الربيع العربي” وثورة 25 يناير والمسار الديمقراطي الذي أفرز أول رئيس مدني منتخب هو د. محمد مرسي وبرلماناً للثورة، ولكن البعض استكثر على مصر التغيير وأطاح بغدر بكل هذا في يوليو 2013، على حد تعبيره، وهو ما ترفضه السلطات المصرية عادة في تصريحات متكررة حول نفس الأمر.
ويعتقد صديق أن النظام المصري متورط في جريمة القتل بعد إخفاء قسري وتعذيب للشاب ريجيني، مشيراً إلى أن هذا الأسلوب معروف عن النظام ضد ثوار 25 يناير ومعارضيه، وثبت بالدليل والقرائن طوال السنوات الخمس الماضية، وأن الدول التي سكتت على الظلم ومنها إيطاليا ذاقت –للأسف- من نفس الكأس الذي يشرب منه المصريون منذ سنوات، فمصر خسرت الآلاف من ريجيني في أبنائها بمجازر رابعة والنهضة والحرس الجمهوري وأمثالها من جرائم التصفية الجسدية بعد الإخفاء القسري والتعذيب، وفق رأيه الذي يستند إلى تقارير حقوقية، كما يؤكد.
ووصف المستشار محمد سليمان، أحد قضاة “البيان” الذي يتمسك بالدفاع عن استقلال القضاء في مصر، في تصريح لـ”المجتمع”، ما يحدث في القضية من الجانب المصري بأنه نوع من المماطلة ينم عن تورط جهات أمنية وربما شخصيات كبرى في مقتل ريجيني.
وأوضح سليمان أن التحقيقات تجري منذ أكثر من عامين بلا نتائج معلنة من الجانب المصري، اللهم إلا 5 أبرياء تم تصفيتهم في سيارة ميكروباص وإلصاق الاتهام بهم بعد وضع متعلقات ريجيني بجانبهم في واحدة من أسوأ حالات التصفيات الجسدية المفضوحة، في إشارة منه إلى عملية أمنية جرت بعد مقتل ريجيني وصنفتها مصر على أنها قصاص له، لكن إيطاليا رفضت ذلك وطالبت بالتحقيق.
وأضاف القاضي محمد سليمان أنه رغم أن النائب العام المصري زار إيطاليا منذ ما يقرب من عام وأنهى الاجتماع مع الجانب الإيطالي على وعد بإعلان نتائج، لكن لم يحدث شيء جديد ينم عن أن هناك تحقيقات جدية تجرى للكشف عن الفاعل لسبب بسيط، وهو أن الواقع يقول: إن النظام متورط ويحاول المماطلة كي لا يفتضح أمره.
من جانبه، طالب الكاتب المصري المعارض سليم عزوز بتحديد من أصدر الأوامر بالقتل، قائلاً في تغريدة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “النائب العام الإيطالي ينتهي من تحديد أسماء 5 ضباط مصريين وراء تعذيب ريجيني حتى الموت! دعك من الضابط، فالسؤال المهم: من أصدر الأوامر؟!”.
قلق رسمي
وكان البرلمان المصري أصدر بياناً حاداً، مساء الجمعة، رفض فيه تعليق الجانب الإيطالي للعلاقات البرلمانية مع نظيره المصري، ووصفه بأنه “تصرف أحادي يمثل استباقاً للتحقيقات ولا يخدم مصالح البلدين ولا يسهم في الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة”.
وأشار إلى أن ممثلي النيابة العامة المصرية التقوا نظراءهم مؤخراً في النيابة العامة الإيطالية لاستكمال التعاون المشترك في التحقيقات المتعلقة بقضية ريجيني، مؤكداً أن النظام المصري صاحب مصلحة أكيدة في الكشف عن ملابسات واقعة مقتل ريجيني، باعتبار أن الواقعة حدثت على الأراضي المصرية.
لكن في المقابل، ردت وزارة الخارجية الإيطالية، بحسب تقارير غربية، باستدعاء السفير المصري، وعبرت له عن عدم ارتياح روما بشأن سير التحقيق في القضية بمصر، وطالبته بضرورة احترام النظام المصري تعهده بالتحرك سريعاً لمحاكمة المسؤولين عن مقتل ريجيني بالتزامن مع إعلان نائب رئيس الوزراء الإيطالي، لويجي دي مايو انتظار بلاده لإجابات شافية ولكنها لم تأت بعد.
وقتل طالب الدكتوراه جوليو ريجيني (28 عاماً) بالقاهرة في يناير 2016، ورغم التواصل على مدى أشهر بين محققين مصريين وإيطاليين فإنه لم يوقف أحد في القضية، ولم يوجه الاتهام لأحد بصفة رسمية.