بسعادة غامرة، تناول الطفل الفلسطيني أحمد أبو عابد (4 سنوات) الكعكة الأخيرة، التي طلبها بإصرار من والدته، يوم الجمعة الماضي (7 ديسمبر/كانون أول الجاري)، قبيل خروجه للمشاركة مع والده في مسيرات العودة وكسر الحصار الحدودية.
ظهر ذلك اليوم، قال الطفل “أحمد” لوالدته إنه يشتهي كثيراً أن يأكل “كعكة” حلوة المذاق.
سارعت الوالدة لإحضار “الكعكة” لطفلها “أحمد” في ذات الوقت، وقُطّعتها إلى أجزاء، وتناول “أحمد” حصّته منها، ثم قبّل شقيقاته، كأنه يودعهن للمرة الأخيرة.
وكان “أحمد” قد طلب من أمّه السماح له بمرافقة والده في مسيرة العودة، قرب الحدود الشرقية لمدينة خانيونس، جنوبي قطاع غزة، لكنّها رفضت ذلك، إلا أن الأب وافق، أمام إصرار طفله، على أخذه معه.
وتوضح الوالدة، في حديثها لوكالة الأناضول، أن طفلها “أحمد” كان يعتبر خروجه مع المتظاهرين في مسيرة العودة، بمثابة “نزهة”، حيث يجلس بعيداً عن السياج الفاصل، وبعيدا عن الخطر.
**لحظة الاستهداف
فور وصول الطفل أحمد، مع والده، إلى المنطقة الحدودية، بدأ الجيش الإسرائيلي المتمركز على الجانب الآخر من الحدود بإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع بكثافة تجاه المتظاهرين.
ويقول الوالد “ياسر” (36 عاماً)، لوكالة الأناضول، إنه شاهد قناصا من الجيش الإسرائيلي يلتفت إليه ولأحمد، حيث كان بجوارهما ستة من المتظاهرين، وأطلق رصاصة واحدة من النوع “المتفجّر”، تجاههم، أصابتهم جميعهم بشظايا.
وكان نصيب “أحمد” من تلك الرصاصة، أن أُصيب بعدة شظايا في جسده إحداها فقأت عينه اليُمنى.
والتقط مصورون صحفيون، آنذاك صوراً للطفل فور إصابته، حيث كانت تبدو عليه ملامح الصدمة.
ومساء أمس الاثنين، أعلنت وزارة الصحة عن استشهاد الطفل “أحمد”، متأثراً بجراحه.
ويعد الطفل أبو عابد، أصغر شهداء مسيرات العودة، بحسب مراسل وكالة الأناضول، الذي اطلع على تقارير وزارة الصحة بغزة، والمتضمنة أسماء الشهداء وأعمارهم.
وانطلقت مسيرات العودة، نهاية مارس/آذار الماضي، وواجهها الجيش الإسرائيلي بعنف مفرط، أسفر عن استشهاد أكثر من 220 وجرح الآلاف.
وبصوت حزين يتساءل والده:” ما الذنب الذي ارتكبه أحمد كي يستهدف بشكل مباشر برصاص الجيش الإسرائيلي؟”.
ويضيف والده:” الجيش الإسرائيلي، كان يتعمد استهداف المتظاهرين بشكل مباشر، بغرض القتل”.
واليوم الأربعاء، شيّع العشرات من الفلسطينيين جثمان الطفل “أحمد”، انطلاقا من مستشفى ناصر بمدينة خانيونس.
وبعد أن ألقى ذويه عليه نظرة الوداع في منزله؛ ووري الثرى في مقبرة المدينة.