الفن رسالة المجتمع ومرآته التي تعكس حالته القيمية والأخلاقية؛ فكلما كان المجتمع سامياً وراقياً انعكس ذلك على ما ينتجه من فنون، وفي المقابل للفن تأثيره المباشر في المجتمع؛ فكلما كان ذا رسالة قيمية انعكس ذلك على المجتمع بشرائحه المختلفة؛ فللفن طرقه السريعة ومسالكه المباشرة إلى مراكز التأثير في الإنسان؛ حيث تفتح أمامه كل الأبواب دون استئذان؛ ذلك أنه يخاطب العاطفة والوجدان، قبل أن ينفذ إلى العقول والجنان.
وتعد الدراما من أشهر أنواع الفن وأكثرها انتشاراً وأسرعها تأثيراً؛ فهي تغزو كل بيت، ويتفاعل معها كل البشر بكل وسائل التلقي لديهم، فهي تجد طريقها سالكاً إلى الكبير والصغير، والرجل والمرأة، والمتعلم والأمي، فهي تتجاوز كل الخطوط والحدود والتخصصات.
وبناء على ذلك؛ يكون للدراما تأثيرها القوي على منظومة القيم المجتمعية، والآداب العامة؛ فرُب عمل درامي إيجابي أغنى عن مئات الخطب والمقالات، ورب عمل درامي سلبي هدم تأثير آلاف الخطب والمقالات.
والمجتمع الحي هو الذي يراقب المؤثرات المتفاعلة مع أفراده، فيشجع الإيجابي منها ويدعمه، ويرفض السلبي منها ويهدمه؛ حتى يستكمل طريقه في مراقي التقدم والنهوض.
وفي هذا الملف، تعرض “المجتمع” لقضية الفن وعلاقتها بالقيم تأثيراً وتأثراً، منطلقة في ذلك من رسالتها الإعلامية المتجاوزة لحدود المكان حيث تنوعت مساحات التناول شرقاً وغرباً، ومتجاوزة حدود الزمان؛ ماضياً من خلال تتبع القضية عند العرب الأقدمين، وحاضراً برصد الواقع الحالي وتقييمه، ومستقبلاً بوضع روشتة علاج ودواء لجوانب القصور ومواضع الداء.