لا تتوقف الحملات التهويدية في القدس المحتلة، وتحمل تصريحات المسؤولين في المؤسسات الرسمية والأهلية تحريضاً ظاهراً، منها ما صدر عن عضو بلدية القدس المحتلة أرييه كينغ الذي دعا إلى هدم سور المدينة التاريخي الذي يشكل حاجزاً بين البلدة القديمة وباقي مناطق القدس المحتلة، حسب زعمه.
واعتبر المقدسيون تصريحات كينغ استفزازية، وأنها تحمل في طياتها أخطاراً كبيرة على مدينة القدس والمقدسات والبلدة القديمة حاضنة المقدسات وفيها المسجد الأقصى وباقي المناطق الدينية.
يقول التاجر المقدسي عزام الزغير الذي يقع محله قرب باب العامود على طريق الواد داخل البلدة القديمة: هذه التصريحات عنصرية، فهذا السور جزء من حياتنا، والدعوة لهدمه تمادٍ في العنصرية والاستفزاز، فالقدس بدون السور التاريخي لا تصبح القدس التي نعرفها ويعرفها العالم، وهذا المعتوه الذي يشغل عضو بلدية الاحتلال عبارة عن بوق ينعق بالخراب، وسيكون أهل القدس في مقدمة الدفاع عن القدس وسورها.
ويقول الخبير المقدسي في عمران المدينة جمال عمرو: نحن أمام هجمة شرسة من قبل الاحتلال وأذرعه، فهم يهدفون إلى تغيير طابع المدينة، مبيناً أن سور القدس مرجعية لكل زائر يشير إلى الحقبة الإسلامية، وهذه المرجعية تزعج قطعان المستوطنين والمستويين الأمني والسياسي، وهدم السور يعني تغيير هذه المرجعية وإخفاء معالمها بحجة لا قيمة لها.
وأشار إلى أن مخططات الاحتلال في المدينة المحتلة تقوم على تغيير جذري لواقع المدينة، داعياً إلى حماية المدينة المقدسة من مخططات الاحتلال.
وقال عمرو: لم تعد التصريحات تصدر من المستوطنين بل من أعضاء في البلدية التي هي تشكل رأس الحربة في تهويد المدينة، فكل ما يجري من تهويد لمحيط المسجد الأقصى وطرح ساحاته ساحات عامة وضمن الأملاك التابعة للدولة تقف البلدية بكافة طواقمها خلف هذه المخططات.
اجتثاث وإحلال
بدوره، اعتبر مدير السياحة والآثار في دائرة الأوقاف والمحاضر في جامعة القدس يوسف النتشة تصريحات عضو بلدية الاحتلال أرييه كينج المتضمنة هدم سور البلدة القديمة بأنها صادمة وسياسية بامتياز، وفيها اعتداء صارخ على النسيج المعماري للمدينة المقدسة.
وقال في اتصال هاتفي معه: تأتي هذه التصريحات في سياق التحريض على المدينة المقدسة، فسور القدس التاريخي يمتد لعدة قرون زمنية سابقة قبل أن تقوم دولة الاحتلال، وأن يكون لها وجود، وقد ارتبط بالمدينة المقدسة، وأصبح جزءاً من نسيجها الثقافي والديني والمعماري والتاريخي؛ لذا فهذا العضو اليميني المتطرف يهدف إلى خلخلة هذا الارتباط بين سور القدس ومدينة القدس، ويجب أن تؤخذ هذه التصريحات على محمل الجد؛ كون الأقوال صدرت عن عضو بلدية، وكما نعلم أن بلدية الاحتلال هي الذراع التي تنفذ كل المخططات التهويدية في المدينة المقدسة.
وأشار النتشة إلى أن سور القدس يرتبط بوجدان المدينة، فهو مدرسة معمارية وفنية وزخرفية، والدعوة إلى إزالته لها أهداف خبيثة، منها تذويب المكان من أي شواهد تاريخية على إسلامية وعروبة القدس، وتسهيل الاقتحامات للمسجد الأقصى، فهي دعوة اجتثاث وإحلال؛ اجتثاث التاريخ ورمزيته، وإحلال التهويد بمشاريع معدة مسبقاً.
وتابع قائلاً: سور القدس التاريخي يعتبر من الكنوز المهمة في مدينة القدس، وكل مدن العالم التاريخية فيها أسوار قديمة يتم الحفاظ عليها كما هي الحال في مدن أوروبية كثيرة، فوجود أسوار تاريخية ظاهرة موجودة ولم يتجرأ أحد على الدعوة لهدم هذه الأسوار التاريخية، إلا من قبل شخصيات يهودية لها صفة اعتبارية منذ قيام دولة الاحتلال عام 1948 بدءاً من بن جوريون.
وكان عضو البلدية المتطرف أرييه كينغ قال على صفحته في موقع “فيسبوك”: البلدية يجب أن تقوم بهدم سور البلدة القديمة للقدس، وهذا سيعمل على ربط البلدة القديمة بسائر مناطق القدس، حسب زعمه.
يشار إلى أن سور القدس التاريخي أمر ببنائه السلطان العثماني سليمان القانوني ومات خلال بنائه آلاف العمال، ويصل طوله قرابة 4 كيلومترات بارتفاعات متفاوتة، وفيه أبواب عددها 11 باباً منها 7 أبواب مفتوحة لدخول وخروج الزائرين.