تحيي تونس، اليوم الإثنين 14 يناير، الذكرى الثامنة للثورة؛ ثورة الحرية والكرامة، التي يشير إليها كثيرون بثورة 17 ديسمبر/ 14 يناير المجيدة، وقد أصدرت عديد الجهات بيانات بالمناسبة من بينها حركة النهضة التي أشارت في بيان بهذا الخصوص، تلقت “المجتمع” نسخة منه، إلى أن حلول ذكرى الثورة المجيدة وذاكرة الشعب تحمل فصولاً من بطولات شباب تونس ونسائها ورجالها الذين صمّموا على إزالة نظام الفساد والاستبداد، فكان لهم ما أرادوا بفضل الله تعالى وبفضل تضحيات شبابٍ بَررةٍ لم يتردّدوا في بذل أرواحهم من أجل الحرية والكرامة وفِي مقدّمتهم محمد البوعزيزي رحمه الله.
الأمم الحرة
وأشار البيان الذي وقعه رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي إلى أن إسقاط نظام الاستبداد والفساد ملحمةٌ تونسيةٌ أدخلت بلادَنا نادي الدول الحرّة، ومكّنت شعبنا من إبداع تجربةٍ في الانتقال الديمقراطي قامت على نهج الحوار والتوافق والشراكة، وأرستْ دعائم الديمقراطية وتقاليدها وشروطَها، وضمِنتْ الحريات، وحظِيتْ بتقدير إقليمي ودولي كبير، وأشاد البيان بصمود الثورة التونسية رغم بعض الصعوبات، واليوم وبعد ثماني سنوات على نجاح ثورة الحرية والكرامة، ورغم الصعوبات والمخاطر، لا يزال الاستثناء التونسي قائمًا، ولا يزال كفاح شعبنا من أجل تثبيت مكاسبه مستمِرّاً.
واستطردت الحركة في بيانها: لكنّ عَظَمةَ المكاسب السياسية التي تحققت لم تحجبْ عن التونسيين الحاجة الملحّة لاستكمال الأهداف الاجتماعية والاقتصادية والتنموية للثورة، كما لم تحجب التحديّات التي تواجه بلادَنا.
وجددت الحركة في بيناها وقوفها إلى جانب أبناء تونس كشعب واحد يشارك في إحياء ذكرى ثورتنا المباركة، وترحمت الحركة في بياناها على أرواح شهداء ثورة الحرية والكرامة وكل الذين بذلوا دماءهم طيلة سنوات الاستبداد من أجل استرجاع كرامة شعبنا العظيم وحريّته، وتُحيّي كلَّ مَن ناضل ضد الاستبداد من الأجيال المتعاقبة.
مراهنة على الحوار
كما جددت دعوتها إلى حوار وطني اقتصادي واجتماعي شامل يجمع كل القوى الوطنية، السياسية منها والاجتماعية، لمعالجة الصعوبات والمشكلات الاقتصادية وتوفير المُناخ الملائم لتحقيق الانتقال التنموي الاقتصادي والاجتماعي.
وأكدت الحاجة الملحّة للتوصّل إلى التهدئة الاجتماعية وإيجاد حلول توافقية بين الحكومة واتحاد الشغل تلبِّي المطالب الشرعية للشغّالين وتُراعي إمكانيات الدولة وصعوباتها المالية وتدرأ احتمالات الصراع والتصادم، كما تدعو الحكومة إلى بذل كل الجهود الممكنة من أجل منع تأزم الوضع الاجتماعي عبر تحسين القدرة الشرائية للمواطنين ومقاومة التهريب وغلاء الأسعار والاحتكار.
وأثنت الحركة على دور رئيس الجمهورية في سعيه لتجنّب استفحال الأزمة الاجتماعية عبر تقريب وجهات النظر بين الفرقاء كما تثمّن تأكيده إنجاز الاستحقاقات الانتخابية في آجالها الدستورية.
وأعلنت دعمها الكامل للمؤسستين الأمنية والعسكرية في جهودهما الموفّقة لمقاومة الإرهاب وملاحقة الإرهابيين، وتؤكد أنّ شعبنا سينتصر في هذه الحرب بإذن الله.
ودعت كل الأطراف السياسية إلى التسريع بإنجاز التوافقات الضرورية لاستكمال إرساء الهيئات الدستورية وفِي مقدّمتها المحكمة الدستورية والهيئة المستقلّة للانتخابات.
وثمّنت دور هيئة الحقيقة والكرامة ودعت إلى استكمال مسار العدالة الانتقالية وفق ما ينصّ عليه القانون وبما يمنع عودة الاستبداد ويحقق جبر ضرر الضحايا في اتجاه تحقيق المصالحة الوطنية بعيدًا عن الانتقام والتشفّي.
وأدانت الحركة في بيانها الحملات الإعلامية المضلّلة، والمنافسة الانتخابية غير الشريفة والقائمة على الكذب والتشويه وابتزاز القضاء والضغط عليه، وتؤكد الحاجة للارتقاء بالمشهد السياسي والإعلامي بما يدعم ثقة شعبنا في دولته ومؤسساته وبما يجدّد ثقته في النخب السياسية ويدفع التونسيين إلى الإقبال على العناية بالشأن العام والمشاركة في الانتخابات.
كما أكدت دعمها لقضايا التحرّر في العالم وفِي مقدّمتها حق الشعب الفلسطيني الثابت في الحرية وفي بناء دولته المستقلّة وعاصمتها القدس، كما تدعو إلى حقن الدماء العربية وإيجاد حلول سلمية في ليبيا وسورية واليمن.
8 أعوام على الثورة
مرت 8 أعوام على ثورة الحرية والكرامة، التي اندلعت شرارتها الأولى يوم 17 ديسمبر 2010 م في سيدي بوزيد، عندما أقدم الشاب محمد البوعزيزي على إضرام النار في جسده رفضاً واحتجاجاً على مصادرة عربته التي تمثل مورد رزقه، وقد انطلقت المظاهرات الرافضة لوضعية البطالة وللأوضاع الاجتماعية المتردية في البلاد يوم 18 ديسمبر 2010م في العديد من المناطق والجهات، سيدي بوزيد، القصرين، وبدأت تونس تعيش على وقع المواجهات والصدامات بين الشعب المحتج والسلطات الأمنية التي حاولت قمع التحركات مما أسفر سقوط العديد من الجرحى والشهداء.
وتطورت الاحتجاجات من المطالبة بتوفير الشغل للعاطلين عن العمل وتحسين أوضاعهم والحد من البطالة إلى الدعوة لإسقاط النظام ورحيل طاغية تونس بن علي بسبب تفشي الفساد والرشوة.
وتواصلت الاحتجاجات والتحركات إلى يوم 14 يناير 2011م عندما غادر بن علي البلاد ليعلن في ذلك الوقت الوزير الأول (رئيس الحكومة) محمد الغنوشي توليه رئاسة البلاد بصفة مؤقتة حسب الفصل (56) من الدستور، مع إعلان حالة الطوارئ وحظر التجول، لكن المجلس الدستوري قرر بعد ذلك بيوم اللجوء للفصل (57) من الدستور وإعلان شغور منصب الرئيس، وبناء على ذلك أعلن في يوم السبت 15 يناير 2011م عن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت إلى حين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يوماً، وتعتبر الثورة التونسية شرارة “الربيع العربي”.
وقد حققت تونس هامشاً كبيراً من الحريات، إلا أن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية ظلت دون الحاجة بسبب المماحكات السياسية التي حالت دون تحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات.