بين رفض فلسطيني وصمت إسرائيلي وغضب أمريكي على تسريب ملامح “صفقة القرن”، يبدو أن الموقف السياسي الأمريكي تجاه القضايا الأساسية الفلسطينية قد تبلور في هذه الصفقة التي تزعم واشنطن أنها لم تنته حتى الآن من إعدادها وستطرح ما بعد الانتخابات الإسرائيلية المقررة في التاسع من أبريل القادم.
“صفقة القرن” التي لطالما روجت لها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لن تجد من يسوقها على الفلسطينيين الذين قطعوا علاقاتهم مع واشنطن بعد قرارها في السادس من ديسمبر من العام الماضي بنقل السفارة الأمريكية للقدس واعتبارها عاصمة لدولة الاحتلال، وبلغ العداء الأمريكي للفلسطينيين ذروته حين أغلقت واشنطن مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، وأوقفت بشكل كامل تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ملامح “صفقة القرن”
سربت وسائل إعلام إسرائيلية ملامح “صفقة القرن”، التي تتضمن عدة بنود أساسية وهي شطب أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وإبقاء كافة التكتلات الاستيطانية في الضفة، مع منح الفلسطينيين حسب ما ذكر 85% من مساحة الضفة المحتلة.
كما أن الخطة تشمل نصوصاً خطيرة حيث تطلب من الفلسطينيين التنازل الفلسطينيين عن حق العودة، وإعادة إدراج عدد اللاجئين بأرقام لا تزيد على 40 ألفاً فقط من أصل 6 ملايين لاجئ مسجلين في “الأونروا”.
سارع الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إلى الإعلان عن رفض الخطة وقال: إن أي خطة سلام لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية ضمن حدود 1967 سيكون مصيرها الفشل.
ووصف أبو ردينة ما نشر بالدعاية المرفوضة التي تريد واشنطن من وراء ذلك شطب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
الفصائل الفلسطينية ترفض “صفقة القرن”
جددت حركة “حماس” رفضها لـ”صفقة القرن” واعتبرتها بأنها شطب للحقوق المشروعة، مؤكدة أن أي حديث عن العودة لقطار المفاوضات العقيمة هو مضيعة للوقت وشطب للحقوق المشروعة، وأن الشعب الفلسطيني سيسقط بمقاومته “صفقة القرن” التي لن تمر.
بدوره، أكد عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة لـ”المجتمع” أن “صفقة القرن” هي فكرة إسرائيلية لن تنجح دولة الاحتلال ولا واشنطن في فرضها على الشعب الفلسطيني الذي لن يسمح بتسويقها أو حتى القبول بها لأنها ببساطة تقوم على شطب الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
ولفت أبو ظريفة إلى أن هذه الصفقة معروفة المعالم قائمة بشكل أساس على شطب كل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسها قضايا القدس واللاجئين مع تكريس الاستيطان وحصر الوجود الفلسطيني في كانتونات صغيرة والسيطرة على معظم أراضي الضفة المحتلة وبناء مستوطنات جديدة.
واشنطن ستهدد الفلسطينيين
من جانبه، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني أكرم عطا الله لـ”المجتمع” أن تسريبات واشنطن حول “صفقة القرن” هي بالونات اختبار، وملامح الخطة الأمريكية تعني أن قضايا مثل القدس والمستوطنات واللاجئين باتت خارج إطار أي مفاوضات فلا يوجد عاقل فلسطيني يقبل بهذه الخطة.
وأشار عطا الله إلى أن الرئيس الأمريكي سيمارس ضغوطاً وتهديدات على الفلسطينيين بشكل لا يتصوره أحد للقبول بـ”صفقة القرن” حتى يحقق إنجازاً يحسب له في التجديد لدورة رئاسية جديدة، ولكن لن ينجح في ذلك لأن السلطة الفلسطينية قطعت علاقاتها مع واشنطن ولا يمكن أن تجدي مسوقاً لهذه الخطة التي لن ترى النور في ظل الرفض الفلسطيني لها، ملامحها عقيمة ولا يمكن أن تشكل أرضية مشتركة للسلام.
وبعد نشر الخطة من قبل وسائل إعلام إسرائيلية زعم جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأمريكي للمفاوضات الدولية، أن عدداً قليلاً جداً من الناس على هذا الكوكب فقط يعرفون ما في الخطة في الوقت الحالي.