وجدت عشرات النساء الفلسطينيات في قطاع غزة، في تعلُم صناعة الكعك (الكيك أو الجاتوه) وتزينه ثم بيعه، فرصةً للتخفيف من سطوة الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعشنها وأسرهن، بسبب الحصار الإسرائيلي، وقلة فرص العمل، وتراجع مستوى الدخل، وارتفاع نسبة الفقر.
ونجحت تلك النساء عبر تلقي دورات تدريبية على أيدي مُتخصصات في الطهي، في تكوين مشاريع صغيرة، بتكاليف محدودة داخل المنزل، يمكهن من خلاله، توفير مصدر دخل بشكلٍ قد يكون غير منتظم، لكنه يُحسن بعض الشيء من الواقع المعيشي، خاصة للنساء الفقيرات، اللواتي تعطل أزوجهُنّ عن العمل.
وتبيع النساء منتجاتهن المنزلية للجيران والأقارب، بجانب الترويج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي؛ ومنهُنّ الشابة ولاء الزاملي (28عامًا) من سكان مخيم الشابورة للاجئين الفلسطينيين بمدينة رفح جنوبي قطاع غزة.
وتقول الزاملي لمراسل “الأناضول” : “تلقيتُ العديد من الدورات وورش العمل بمراكز ومؤسسات في رفح، ومنها مركز (كراميل كتشن)، الذي افتتح قبل أسابيع، وهو مجاور للحي الذي أعيش فيه، فكانت فرصة للالتحاق عبر رسوم مالية رمزية، وتطوير مهاراتي في صناعة وتزيين الكيك”.
وتضيف “لدي رغبة وفضول منذ سنوات لتعلم صناعة الكيك والمعجنات، وطبقتها فعليًا في المنزل، وشجعني ذلك تدريجيًا لتنمية مهاراتي، وإنشاء مشروع صغير، وصناعة بعض الأشياء، وعرضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، (فيس بوك، انستجرام)، ولاقت رواجًا، وساعدتني في بيع كثير من المنتجات”.
وتتابع “أحببت أن أطور مهاراتي تحديدا في صناعة وتزيين الكيك، وحاليًا أنهيت دورة جديدة في المركز المذكور برفقة الكثير من النساء، وقمنا بتصوير ما أنتجناه ونشره عبر مواقع التواصل”.
وتؤكد “الزاملي” أن هذا المشروع ساعدها في توفير ما تحتاج وأعالها في حياتها المعيشية وأسرتها في المنزل، وحاجياتها الشخصية.
وتتلقى الزاملي ونحو 32 امراة التدريب على صناعة وتزيين الكيك في مركز (كراميل كتشن) مقابل رسوم رمزية لا تتعدى 30 شيقل إسرائيلي، (نحو 10 دولارات أمريكية)، في الدورة الواحدة، تذهب للمدربة ولتكاليف ما يتم صناعته يوميًا خلال التدريب.
ويقول مدير المركز أشرف منصور (45عامًا) للأناضول :”كانت فكرة إقامة المركز هي السعي نحو تطوير قدرات المرأة ودمجها في المجتمع، في ظل الحصار والحالة الصعبة التي تمر بها الكثير من الأسر في قطاع غزة، خاصة في مخيمات اللاجئين، والتي معظمها أسر فقيرة”.
ويلفت إلى حاجة المرأة في المجتمع الفلسطيني إلى التعبير عن أفكارها وتجسيدها على أرض الواقع، ضمن أية مؤسسة أو جمعية خاصة أو أهلية، تظهر إمكانياتها وإبداعاتها وتعمل على تطويرها؛ الأمر الذي يُتيح لها إطلاق مشاريع صغيرة تدّر دخلاً عليها.
ويشير “منصور” إلى أن مركزه، يضم مدربات متخصصات في صناعة وتزيين الكيك بشكل مُحترف، يتعاملنّ مع النساء ويقمنّ بتدريبهنّ ونشر ما يقمنّ بإنتاجه عبر منصات التواصل الاجتماعي، لتحفيز وتشجيع بقية النساء للحذو حذوهنّ، كذلك يعملن على تسويق المنتجات خلال الدورة العملية.
ويتابع “الدورة العملية تتيح للمشاركات إنتاج الكيك بأنواع مختلفة، والانطلاق بعدها لسوق العمل في المنزل، وترويج منتجاتها بالطريق التي تحب، سواء عبر مواقع التواصل أو للجيران والأقارب في المناسبات كأعياد الميلاد وغيرها، وبعض المحال التجارية”.
ويشدد على أن “هذا المشروع الصغير من الممكن أن يُخرج المرأة من دائرة الفقرة التي تعيشها وأسرتها، ويرفع المستوى المعيشي”.
وأشار أن “الكثير من العائلات الفلسطينية تفضل شراء الكيك الذي يتم إنتاجه في المنازل، على ذلك الذي تنتجه المحال، وهذه فرصة سانحة للعمل، كما يعود أساس الترويج على الطرق التي تتبعها المرأة، فنحن بدورنا نساعدها ونرشدها”.
ويبين “منصور” أن المركز يوفر كافة قوالب ولوازم صناعة الكيك، ويضعها بين أيدي النساء المتدربات الراغبات في فتح مشاريع؛ مضيفًا “تكاليف تلك المعدات ليست باهظة، لكن مواد الصناعة والتزيين باهظة بعض الشيء، قد لا يتوفر لأي امرأة شرائها”.
ويواصل “بالتالي نأمل أن نجد من يمول هذه المشاريع، بحيث يتم تمكين الراغبات من تلقي الدورات وتوفير المعدات لهن بالمجان؛ كما نتمنى توفير أفران وثلاجات مناسبة، لأن الكيك منتج حساس وقد يتعرض للتلف؛ بحيث يصبح بالإمكان إنشاء مصنع أو متجر للمنتجات، يساعد في تشغيل النساء”.