يواجه “منتدى غاز شرق المتوسط”، المرتقب الإعلان عن ولادته خلال وقت لاحق من العام الجاري، تحديات هيكلية، قد تخرجه إلى الحياة ضعيفا.
الأسبوع الجاري، استضافت العاصمة المصرية القاهرة، اجتماعا دوليا بمشاركة إسرائيلية، أعلن فيه عن توافق لإنشاء “منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF)، تكون القاهرة مقرا له.
وقال بيان صادر عن وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية، إن الاجتماع يهدف إلى تأسيس “منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق ومبادئ القانون الدولي”.
وشارك في حضور الاجتماع، وزراء الطاقة من دول مصر وإسرائيل واليونان وقبرص الرومية وإيطاليا والأردن وفلسطين، وغياب دول أخرى لها وزنها في قطاع الطاقة، مثل سوريا ولبنان وتركيا.
وثمة أهداف غير معلنة من وراء تأسيس المنتدى، أحدها الاعتراف بإسرائيل كطرف رئيس في صناعة الغاز بمنطقة البحر المتوسط.
وسيكون ذلك، من خلال إضفاء شرعية على حرية الاستيراد والتصدير مستقبلا تحت مظلة المنتدى، وهو ما يمثل تحديا في استمرارية الأعضاء الحاليين، أو دخول أعضاء جدد.
وشهدت بلدان مثل مصر والأردن وفلسطين، رفضا لاستيراد الغاز الإسرائيلي، إذ شهدت عمّان احتجاجات واسعة خلال السنوات واستمرت حتى الشهور الماضية، رفضا لاتفاقية توريد الغاز الإسرائيلي.
وما يدعم إدماج إسرائيل في سوق الغاز الإقليمية، إعلان وزارة البترول المصرية، أن المنتدى سينشيء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح الأعضاء، وتضمن تأمين العرض والطلب لهم (..).
وبعد الإعلان عن قرب تشكيل المنتدى، قال وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينتز، إن بلاده ستبدأ تصدير الغاز إلى مصر “خلال أشهر قليلة”، متوقعا أن تصل إلى 7 مليارات متر مكعب سنويا على مدى 10 سنوات.
ودافعت وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية حينها، عن الاتفاق، قائلة إن استقبال الغاز الاسرائيلي “جزء من الحلول المطروحة للتوصل لاتفاق بشأن قضايا التحكيم المطروحة بين الشركات”.
كذلك، يمثل غياب دعوة أطراف مثل سوريا ولبنان، تحديا للمنتدى، إذ يعود الغياب على الأرجح إلى الحضور الإسرائيلي في عضوية المنتدى المرتقب.
بينما تركيا، التي وصلت مراحل متقدمة كبلد عبور رئيس للغاز الروسي إلى أوروبا، عبر أنابيب غاز رئيسية، فإن القطيعة السياسية تظهر على السطح كأحد أسباب عدم دعوتها من جانب القاهرة، كما أنها ترى في تركيا منافسا لها كمركز إقليمي للطاقة.
وتحاول مصر منذ سنوات، الترويج لنفسها دوليا، بشأن عزمها التحول إلى مركز إقليمي للطاقة، لتصبح بلد إنتاج وعبور للطاقة، خاصة نحو دول أوروبا.
لكن القاهرة، اكتفت منذ شهور قليلة ذاتيا في مجال الغاز، من خلال الاكتشافات على سواحل البحر المتوسط، ولا تملك حتى اليوم الكميات التجارية لأغراض التصدير.
لكن بيان وزارة البترول المصرية، ترك الباب مواربا، أمام أية عضوية جديدة مستقبلا، “لأي من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز أو دول العبور، شريطة الاتفاق مع المنتدى في المصالح والأهداف”.
ولم يعلن المجتمعون حتى اليوم، عن الخطوط العريضة للمنتدى والأهداف الرئيسة من إنشائه، أو المصالح التي تربط الدول الأعضاء فيه.
وعلى الرغم من كميات الغاز المكتشفة على سواحل شرق البحر المتوسط، إلا أنها لا تكفي لسد الحاجة المتنامية للدول المستهلكة في شمال وشمال غرب أوروبا.
وتبقى روسيا، هي المصدر الاستراتيجي للغاز الذي تحتاجه القارة الأوروبية، الذي سيمر معظمه عبر الأراضي التركية، خلال الشهور القليلة القادمة.
وتلعب تركيا تلعب دورا هاما فيما يتعلق بأمن الطاقة بالمنطقة، من خلال مشروعي خط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول “تاناب” (لنقل الغاز الأذري إلى أوروبا)، والسيل التركي المخط الانتهاء من إنجازه في 2019.
ويتكون مشروع السيل التركي، من خطي أنابيب سعة كل منهما 15.75 مليار متر مكعب من الغاز سنويا، يمتدان من روسيا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا عبر البحر الأسود، على أن يغذي الأنبوب الأول تركيا، والثاني دول جنوب شرقي وجنوبي أوروبا.
وتملك تركيا مساحات واسعة جنوبا في مياهها الإقليمية، غير المستغلة بعد في مجال التنقيب والاستكشاف، فيما بدأت أول سفينة تنقيب خلال أكتوبر/ تشرين أول الماضي الماضي، أعمال التنقيب فيها.
وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2018، أطلقت تركيا سفينة “فاتح” الوطنية للقيام بأول عملية تنقيب بالمياه العميقة لها في البحر المتوسط، وسط تأكيد أن القوات البحرية ستقوم بما يلزم في حال تعرضها لأي تحرش.
وقالت بريندا شافير، خبيرة شؤون الطاقة في جامعة جورجتاون، في تصريحات لمجلة “فورين بوليسي” الأمريكية إن المنتدى سيعزز “المناقشات بين الدول التي لديها بالفعل تعاون مع بعضها البعض”.
وأعربت “شافير” عن أملها في دعوة تركيا للمشاركة في الجولة القادمة من اجتماعات المنتدى، مؤكدة أن حضور الجانب التركي سيجعل المنتدى أكثر أهمية.
وتقول المجلة الأمريكية، إن غاز شرق المتوسط، يواجه تحديات تتمثل في إخراجه من باطن الأرض، وتسويقه، كون بناء الخطوط إلى أوروبا يصطدم بالواقع السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى المياه العميقة والتكاليف المرتفعة التي تجعل الأمر باهظ الثمن.
وتملك تركيا حاليا، البنية التحتية المتطورة لنقل الغاز عبر أراضيها نحو القارة الأوروبية، وبصدد الانتهاء من أنابيب ضخ الغاز الروسي نحو القارة العجوز.