لقي قرار “حماس” في رفض المنحة القطرية حسب الشروط الصهيونية إجماعاً شعبياً وفصائلياً، ومن المتوقع أن يترتب عليه استنزاف للعدو في القدرة على التفكير والتوقع وإحباط مخططاته في الوصول إلى التسوية التي يريد.
ويواجه الكيان الصهيوني اليوم معضلات كبيرة في مواجهته لمسيرات العودة، وعليه أن يدفع متطلباتها التي أدناها كسر الحصار عن قطاع غزة.
وأشار محللون لـ”المجتمع” إلى أن القرار برفض المنحة القطرية، سيعمل على زيادة الضبابية والإرباك لدى النخبة وصانع القرار في الكيان الصهيوني، ويخلط الأوراق، ويترك المجال واسعاً للمؤسسة العسكرية كي تفكر ما خيارات المقاومة القادمة؟ وفي أي اتجاه ستوجه ضغطها على الاحتلال؟ ولذلك نشاهد حالة ذُعر وخوف وتخبط بالتصريحات، وحدود العدو مع القطاع في حالة استنفار وترقب، كل شيء طرفه شبه متوقف، نشر للقبة الحديدية، حيث فرض الاحتلال حظر التحرك بالجيبات وأمر جنوده بعدم الظهور قرب حدود غزة وذلك تحسباً لرد محتمل.
مماطلة وتأخير
وقال المحلل السياسي محمود مرداوي: المنحة القطرية وكل منحة عربية من حق شعبنا على أشقائه العرب والمسلمين، لكن هذا الحق ما كان ليصل إلينا إلا ما دمنا على عدونا ظاهرين لتنفيذ ذلك قاهرين من خلال الضغط والإكراه.
وأضاف: أما أن يماطل حتى تشكل مماطلته وتأخيره جواً ضاغطاً باتجاه لجم العدو وإعادة الضغط عليه ثم يتذرع بخروقات ليواجه المزايدات الداخلية ويغذي الدعاية الانتخابية، فهذا لن يدوم ولا يستقيم مع تفاهمات عبر الوسطاء.
معادلة جديدة
وبين الكاتب والمحلل السياسي صالح النعامي أن قرار قيادة “حماس” رفض استلام المنحة القطرية خطوة حكيمة وقرار شجاع يتضمن رسائل واضحة ليس للكيان المحتل فحسب، بل أيضاً للقوى الدولية والإقليمية المنشغلة بالشأن الغزي والفلسطيني، ناهيك عن أنها تنسف الدعاوى التي يستند إليها ساكن المقاطعة لتسويغ عقوباته على غزة وأهلها.
ويرى النعامي أن القيمة المباشرة لهذا القرار أنه يكرس حالة انعدام اليقين لدى دوائر صنع القرار في الكيان الصهيوني ويعيد خلط الأوراق في “تل أبيب” بشكل يتجاوز الحسابات الإسرائيلية ويؤسس لمعادلة جديدة وقواعد تعامل مختلفة تخرج غزة من دائرة الابتزاز الصهيوني.
وأضاف: لكن هذه الخطوة تفرض عدداً من المحاذير، على رأسها ضرورة المزاوجة بين تعزيز الحشود المشاركة في مسيرات العودة من جهة، ومن جهة أخرى ضمان أكبر قدر من الانضباط، وذلك لتكريس حالة انعدام اليقين ومنح دائرة صنع القرار الصهيونية الفرصة لإعادة تغيير نمط تعاطيها مع تفاهمات التهدئة.
وتابع قائلاً: ضمن ذلك يتوجب على قيادة المقاومة إلزام كل الفصائل والمجموعات بعدم الإقدام على أية خطوة لا تأتي في إطار تحرك جماعي، حيث إن أي اجتهادات فردية تسهل على الصهاينة مهمة الخروج من المأزق الذي أوقعهم به قرار المقاومة.