نددت روسيا أمس الجمعة بقرار الولايات المتحدة تعليق العمل بمعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى، والتهديد بالانسحاب منها نهائيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، لقناة التلفزيون العامة “روسيا 1”: إن المسألة ليست في “تحميل روسيا المسؤولية بل في استراتيجية الولايات المتحدة للتنصل من التزاماتها القانونية الدولية في مختلف المجالات. وشددت المتحدثة على أن موسكو تحتفظ بحق الرد بإجراءات مناسبة. وسيحدث ذلك بشكل طبيعي، وفقا لما نقلته عنها وكالة “إنترفاكس” للأنباء، لكنها لم تحدد ما هي طبيعة هذه الإجراءات.
يذكر أنه في وقت سابق أعلنت واشنطن أنها ستعلق التزامها بمعاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى المبرمة في عام 1987، وستنسحب منها رسميا في غضون ستة أشهر إذا لم تتوقف موسكو عن انتهاكها للمعاهدة. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب: إنه يريد إجراء محادثات تستهدف التوصل إلى اتفاقية جديدة للحد من الأسلحة. وقال ترمب للصحفيين في البيت الأبيض: يحدوني أمل في أن نتمكن من الاجتماع مع الجميع في غرفة واسعة وجميلة وإنجاز اتفاقية جديدة تكون أفضل بكثير. بالتأكيد أود أن أرى ذلك.
داخليا اتهمت نانسي بيلوسي، زعيمة الديموقراطيين ورئيسة مجلس النواب الأمريكي، إدارة ترمب بأنها تخاطر بحدوث سباق تسلح وتقويض الأمن والاستقرار الدوليين، كما أدانت أيضا “عدم التزام روسيا السافر “. ودعت بيلوسي حكومة ترمب إلى العمل مع الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) للمضي قدماً في استخدام فترة تهدئة مدتها ستة أشهر في محاولة لاستنقاذ المعاهدة و”تجنب دفع الولايات المتحدة إلى منافسة خطيرة في مجال التسلح”.
لكن مسؤولا رفيع المستوى بالإدارة الأمريكية ذكر أن بلاده غير مهتمة بسباق تسلح جديد وأنها حاولت لسنوات الحفاظ على معاهدة الأسلحة النووية المتوسطة المدى مع روسيا. وأضاف المسؤول الذى لم يتم الكشف عن هويته، إذا حدث سباق تسلح، فستكون روسيا هي من بدأه، مشيرا إلى أن الصين وإيران ليستا ملزمتين بالمعاهدة “ولدى كل منهما أكثر من ألف من تلك الصواريخ”.
من جانبه، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرج: إن الحلف سيواصل العمل مع روسيا لدفعها إلى احترام معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى، وأضاف ستولتنبرج في تصريحات أدلى بها لـ”الإذاعة العامة النرويجية” (إن.آر.كيه) أن تقارير المخابرات التي جُمعت من دول كثيرة على مدى عدة سنوات أظهرت أن روسيا تخرق المعاهدة.
وقال ستولتنبرج لـ”رويترز”: إن الحلف ليس لديه أي نية لنشر أسلحة نووية جديدة تطلق من الأرض في أوروبا. وأضاف: لسنا مجبرين على محاكاة ما تفعله روسيا. لكن في ذات الوقت يجب أن نتأكد من أننا نحافظ على عملية ردع حقيقية وفعالة.
ردود فعل أوروبية
وفي أول رد فعل أوروبي، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس: إن روسيا ليست مستعدة لإعادة الثقة في معاهدة القوى النووية متوسطة المدى. وأضاف ماس في تغريدة على “تويتر”: بدون المعاهدة سيكون الأمن أقل.
كما أعرب العديد من وزراء الخارجية الأوروبيين عن قلقهم بشأن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة. وقالت المسؤولة العليا للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، فيديركا موغيريني، عقب اجتماع لوزراء خارجية التكتل في بوخارست: ندعو إلى الحفاظ على هذه المعاهدة في ظل إذعان كامل من الطرفين، مشيرة إلى أن أوروبا لا تريد أن تتحول إلى ساحة معركة تواجه القوى الكبرى فيها بعضها.
وقال وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رايندرز: إن الانسحاب من المعاهدة ليس النهج الصحيح لـ”النضال من أجل حظر انتشار الأسلحة النووية”.
من جانبها، دعت الحكومة الفرنسية روسيا لاستغلال فترة الستة أشهر التي حددتها الولايات المتحدة للانسحاب للوفاء بالتزاماتها بموجب المعاهدة التاريخية. وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إنها تأسف لقرار الولايات المتحدة بالانسحاب من المعاهدة في غضون ستة أشهر إذا لم توقف موسكو انتهاكاتها المزعومة للاتفاقية الموقعة عام 1987، وأضافت الوزارة أن فرنسا ستشجع على فتح حوار مع روسيا خلال فترة الستة أشهر والتشاور مع شركائها في حلف شمال الأطلسي.
على صعيد آخر، سخر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من الولايات المتحدة بعد إعلانها أنها تعتزم الانسحاب من المعاهدة وقال على “تويتر”: أي اتفاق مع (الإدارة) الأمريكية لا يستحق الحبر الذي يكتب به”.
_______________
المصدر: “دويتشه فيله”.