بات مئات الفلسطينيين بلا عمل بعد قرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف الدعم المالي للمؤسسات والمنظمات المدنية الفلسطينية.
ويقول الفلسطيني “محمد الشعيبي”، للأناضول، إنه وبعد عشر سنوات من العمل، وجد نفسه وخمسة من زملائه في مركز العالم العربي للبحوث والتنمية “أوراد” (مقره في مدينة رام الله)، بلا عمل بسبب وقف الدعم الأمريكي لثلاثة مشاريع قام عليها المركز.
وعمل “الشعيبي”، مديرا للبحوث والإعلام في مركز “أوراد”، على مدار عشر سنوات.
وأشار إلى أن وقف التمويل الأمريكي للمركز، وضعه في حالة اقتصادية صعبة، وقبل سنوات تملك “الشعيبي”، شقة سكنية في رام الله، وسط الضفة الغربية، ما جعله مديونا بمبلغ 50 ألف دولار.
وقال إن “الدعم المالي الأمريكي للمشاريع أخذ بالتناقص والتذبذب منذ تولي (الرئيس) دونالد ترامب، الإدارة في الولايات المتحدة، حتى وصلت لمرحلة وقف مشاريع بشكل كامل”.
ويواجه “الشعيبي”، صعوبة في الحصول على فرصة عمل، وهو ما يعبر عنه بقوله “أمتلك سيرة ذاتية غنية، لكن فرص العمل في البلد نادرة”.
وبات مصير مئات الفلسطينيين كـ”الشعيبي”، في ظل توقف المساعدات والدعم الأمريكي، ما يلقي بظلاله القاتمة على الواقع المعيشي للفلسطينيين.
ومنذ تولي ترامب، مطلع 2016، رئاسة بلاده، بدأ الدعم الأمريكي الموجه للفلسطينيين، يتراجع في مختلف قنواته.
وفي السابق، بلغ متوسط الدعم السنوي للفلسطينيين في قنواته الثلاث (الموازنة العامة، الأونروا، مؤسسات المجتمع المدني)، نحو 800 مليون دولار في المتوسط.
وأوقفت الولايات المتحدة الدعم غير المباشر الموجه للفلسطينيين عبر الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) لمؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية، كما أوقفت دعمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في 2018.
ومنذ مارس/ آذار 2017، لم تمنح الإدارة الأمريكية دولارا واحدا لدعم الموازنة الفلسطينية، وفق أرقام وزارة المالية في حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية.
ومطلع فبراير/شباط الجاري، نقلت وسائل إعلام غربية عن مسؤول أمريكي (لم تسمه)، أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أوقفت جميع المساعدات المقدمة لقطاع غزة والضفة الغربية.
وأضاف المسؤول، “أنهينا بناء على طلب من السلطة الفلسطينية مشروعات وبرامج معينة كان يجري تمويلها عن طريق المساعدات بموجب الصلاحيات المنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب الأمريكي في الضفة الغربية وغزة”.
وتمتلك بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مكتبًا رئيسيًا في تل أبيب، وآخر في القدس، تدير من خلالهما مجموعة من المشاريع والبرامج في الأراضي الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء في حكومة تسيير الأعمال الفلسطينية رامي الحمد الله، أرسل رسالة لوزارة الخارجية الأمريكية، طلب فيها إنهاء التمويل الأمريكي خشية التعرض لدعاوى قضائية بموجب القانون الجديد، بما في ذلك المساعدات للأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وينص القانون الذي أقره الكونغرس في 2018، والمعروف اختصارا باسم “أتكا”، على أن أي حكومة تتلقى تمويلا ستكون خاضعة لقوانين مكافحة الإرهاب الأمريكية.
بدوره، قال واصل أبو يوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن “طلب القيادة الفلسطينية وقف المساعدات الأمريكية لأجهزة الأمن، خطوة بالاتجاه الصحيح، لتجنب التعرض لدعاوى قضائية بدعم الإرهاب”.
وأوضح أبو يوسف، في حديث للأناضول، أن تلك المساعدات تشمل أيضا 60 مليون دولار لأجهزة الأمن الفلسطينية بالضفة الغربية.
وأضاف “حتى هذا المبلغ لا نريده، لأنه من الممكن أن تُرفع قضايا ضدنا بملايير الدولارات”.
وتابع “الولايات المتحدة قطعت أصلا المساعدات الأخرى في قطاعات صحية وتعليمية، وبالتالي لا داعي لأن تبقى للأمن”.
وذكر أبو يوسف، أن وقف الدعم الأمريكي أسفر عن توقف مشاريع طرق ومدارس وصرف صحي ومياه، في الضفة الغربية وقطاع غزة، إلى جانب وقف منح دراسية لطلبة فلسطينيين في الخارج.
وتابع “الولايات المتحدة تستخدم المال والمساعدات أداة للابتزاز السياسي، ولن نقبل بالتنازل عن ثوبتنا الوطنية، القدس عاصمة دولتنا، حق عودة اللاجئين لن يسقط..”.
وتشهد العلاقات الفلسطينية ـ الأمريكية، توترا منذ إعلان ترامب، مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها.