تنهمك الفلسطينية هناء السدودي، بكل حواسها في قص وتشكيل قطع صغيرة من الورق الملون، ولصقها بتناسق لافت على شكل مخروطي صنعته من قوارير بلاستيكية، قبل أن تضيف عليه بقلمها رسوما، ليتحول إلى ما يشبه فستان زفاف براقًا.
بهذه الطريقة البسيطة تصنع “السدودي” (47 عاما) فساتين وملابس ملونة تلبسها لدمى بلاستيكية وتعرضها للبيع، ضمن عشرات أصناف المشغولات اليدوية التي تصنعها، محاولةً توفير مصدر رزق لأسرتها المكونة من 13 فردا، بعد تعطل زوجها عن العمل جراء مرضه.
وتستعين “السدودي” التي تقطن في مدينة رفح، جنوبي غزة، بمخلفات منزلها من القوارير والعلب البلاستيكية والكرتونية، إضافة إلى بعض الأوراق ورقائق “الفلين” الملونة والصمغ، لصناعة مشغولات تضم: دمى زفاف، ورفوفًا، وعلبًا ملونة للحلوى والورود المجففة، وأواني زهور.
وكانت المرأة الغزية تصنع مواد تنظيف منزلية وتبيعها، إلا أن الأطباء اكتشفوا قبل عدة أشهر، إصابتها بتليف رئوي، ومنعوها من التعرض لأي روائح قوية أو مواد كيميائية، ما أجبرها على ترك عملها والتوجه نحو صناعة المشغولات اليدوية التي تتقنها، كما تقول للأناضول.
وطورت “السدودي” مهارتها من خلال مشاهدة مقاطع فيديو على “يوتيوب” مختصة بذلك، كما ابتكرت أشياء جديدة ومميزة، في محاولة لترويج منتجاتها وزيادة دخلها المالي، لتلبية جزء بسيط من احتياجات أسرتها.
ودمى الزفاف البيضاء والملونة أكثر ما تشتهر “السدودي” في صناعته، حيث تُستخدم لتزيين سيارات الزفاف ومنازل المتزوجين حديثا، أو متاجر بيع فساتين الزفاف، وفق قولها.
وفي بداية عملها، كانت الفنانة الفلسطينية تصنع المشغولات وتعرضها في منزلها، ومؤخرا أصبحت تنتجها وفق طلب الزبائن، بسبب عدم امتلاكها الأموال اللازمة لشراء الصمغ والورق المقوى ورقائق “الفلين” رغم سعرها الزهيد.
وتبيع “السدودي” القطعة الواحدة من مشغولاتها بسعر يراوح بين 6 – 8 شواكل (1.5 ـ 2 دولارا) فقط، ولا يزيد ربحها في كل قطعة على 3 شواكل (0.8 دولارا).
ورغم سعرها الزهيد، لا تبيع المرأة الفلسطينية في أفضل الأحوال سوى 5 أو 6 قطع شهريا، لعدم قدرتها على تسويق منتجاتها في مناطق أخرى من قطاع غزة باستثناء مدينتها، إضافة إلى أن سكان القطاع يعانون ظروفا اقتصادية صعبة، ويفضلون توفير الاحتياجات الأساسية على شراء الكماليات.
ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80 بالمئة من سكان القطاع باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش، ولا يزال 40 بالمئة منهم يقبعون تحت خط الفقر.
وتتمنى “السدودي” أن تجد من يدعم مشروعها ويطوره، لتتمكن من زيادة الإنتاج وتسويقه في كافة مدن القطاع، ما سيمكنها من إعالة أسرتها.
وتقول: “أحلم باليوم الذي امتلك فيه مصنعا متكاملا للمشغولات اليدوية، يصدّر منتجاته إلى كافة المدن الفلسطينية، ولكن إمكاناتي محدودة للغاية”.
وتضيف: “نحن نعيش في ظروف صعبة، فزوجي لا يعمل بسبب إصابته بالربو وبمشاكل أخرى بالكلى، وأنا أعاني من تليف رئوي، ولا يتوافر لدينا مصدر دخل، إضافة إلى أن منزلي لا تزيد مساحته على 130 مترا مربعا، ويعيش معي فيه ابني وزوجته”.
“لم أعد أملك أجرة المواصلات ليذهب زوجي إلى المستشفى ليجري فحوصات دورية حتى لا تتفاقم حالته. أتمنى أن تساعدني أي جهة على تطوير مشروعي لأتمكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة لأفراد أسرتي”، تكمل “السدودي”.
وتفرض إسرائيل حصارا على سكان غزة، منذ نجاح حركة “حماس” في الانتخابات التشريعية، في يناير / كانون الثاني 2006، وشددته في منتصف يونيو / حزيران 2007.