أحل الله تعالى الطلاق ليكون مخرجاً للزوجين إذا ما تعثر العيش بينهما، وباءت كل محاولات الإصلاح بالفشل، وأصبح استمرار الحياة الزوجية فيه من المفاسد والأضرار ما يفوق فراقهما.
لكن يظل الطلاق بغيضاً إلى النفس لما يترتب عليه من آثار سلبية تطال جميع أفراد الأسرة، ولعل ذلك يفسر ما أشار إليه النبي “صلى الله عليه وسلم” في حديثه «أبغض الحلال إلى الله الطلاق» (رواه أبو داود في مختصر السنن)، ويأتي الأولاد في صدارة المتضررين من انفصال الوالدين، فهم الخاسر الأكبر والأكثر ألماً وتضرراً من انفصام العلاقة الزوجية.
على الآباء في هذه الظروف أن يبذلوا ما في وسعهم من جهد لدعم الأبناء وتخفيف حدة الآثار السلبية لهذا القرار، وهذا ما نسعى إليه من خلال اقتراح بعض الإجراءات العملية في السطور التالية.
بين الوالدين:
1 – جنّب طفلك حضور أي خلافات أو مناقشات حادة بينك وبين الطرف الآخر، فهذا يصيبه بالتوتر والقلق والحزن والخوف.
2 – احرص على عدم ذكر الطرف الآخر بسوء أمام طفلك، ولا تلقي اللوم عليه في وقوع الطلاق وتفكك الأسرة.
3 – لا تسمح لأي من الأقارب (الأجداد، الأعمام، الخالات.. إلخ) أن يذكر الطرف الآخر بسوء أو بهمز أو بلمز أمام طفلك.
4 – ابذل جهداً في دعم مشاعر الحب والاحترام والتقدير في قلب طفلك تجاه الطرف الآخر.
5 – احرص على بحث الحلول الودية مع الطرف الآخر عشرات المرات، وتجنب اللجوء للقضاء في المسائل الخلافية التي بينكما إلا في الحالات القصوى، وجنب طفلك معرفة ذلك.
6 – أبرم تفاهماً واتفاقاً مع الطرف الآخر حول كيفية رعاية طفلكما عبر مراحل حياته المختلفة، واحرص على أن يكون هناك تواصل دائم بينكما فيما يتعلق بشؤونه الدراسية والصحية وغيرها، فالطفل يحتاج لرعاية والديه، ولا يغني قيام أحدهما بدوره عن وجود الآخر، كما أن ذلك يمنحه شعوراً بأن له أسرة تهتم بأموره وشؤونه وإن كان طرفاها مفترقين.
7 – لا بد أن تشرك الطرف الآخر وتستشيره في كل المسائل المتعلقة بمستقبل طفلك.
محاذير:
1 – لا تبُح لطفلك بما في نفسك من مشاعر سلبية تجاه الطرف الآخر؛ لأن ذلك يشكل عبئاً نفسياً كبيراً عليه.
2 – لا تستخدمه ورقة ضغط أو أداة للانتقام من الطرف الآخر؛ لأنك تلحق به ضرراً نفسياً بالغاً من حيث لا تدري.
3 – لا تستغل طفلك كعميل أو جاسوس يحضر لك أخبار الطرف الآخر.
4 – لا تجعله وسيطاً لحمل رسائل للطرف الآخر أو لحسم بعض المسائل المعلقة بينكما؛ لأن ذلك يدفعه لتبرير مواقف كل طرف لدى الآخر، وهذا يخلق صراعاً كبيراً داخله.
5 – ابتعد تماماً عن العناد في أي مسألة تتعلق بشؤون طفلك.
6 – لا تسمح له أن يعقد مقارنة بينك وبين الطرف الآخر بشكل سلبي، ولا تحاول الدخول في منافسة مع الطرف الآخر على قلبه.
تجاه طفلك:
1 – صارح طفلك بطريقة مناسبة لعمره بحقيقة الوضع الحالي، ولا تعطه أملاً وهمياً بأن هذا الوضع مؤقت حتى لا ينتظر أو يأمل عودة الأمور إلى طبيعتها، ثم يصدم بعد ذلك.
2 – وضح له أن الخلاف بينكما لا يعني أن أياً منكما سيئ، ولكن عدم التفاهم حول العديد من الأمور هو الذي أدى إلى الانفصال، وهذا أمر طبيعي وارد الحدوث بين أي زوجين.
3 – أكد له مراراً وتكراراً أن الانفصال ليس بسببه أو نتيجة أخطائه، إنما حدث لاستحالة العيش بين الطرفين.
4 – تحدث -أنت والطرف الآخر- معه بطريقة هادئة حول التغييرات التي ستطرأ على حياته بشكل واضح وتفصيلي، مَن مِنكما سيغادر المنزل، وأين سيعيش هو، وكيف سيكون التواصل معه، ومن الضروري هنا ألا تعده بما لا يمكنك الوفاء به.
5 – أنصت له وساعده على إخراج ما بداخله من مشاعر سلبية دفينة حتى لو كان كلامه لا يعجبك، فهذا يساعده على التخلص من مشاعر الغضب والحزن والألم التي سببها الانفصال.
6 – عبّر عن الحب الذي تُكنه له، وذلك بالكلمات وبالاتصال الجسدي كالتقبيل والاحتضان والربت على الكتف.. إلخ.
7 – امنح طفلك -أنت والطرف الآخر- مزيداً من الاهتمام وجرعات الحنان والاطمئنان في تلك الفترة حتى يطمئن أنكما بجواره ولن تتخليا عنه.
8 – خصص وقتاً لدعمه والتواصل معه، مهما كان انشغالك بالتغيير الذي طرأ على حياتك، فهو يمر بأزمة كبيرة ويحتاج إلى دعمك ومساعدتك.
9 – تجنب التغيير غير الضروري في حياته، وأبقِ على نظامه الذي اعتاد عليه دون تغيير كلما أمكن ذلك، فهذا يدعم استقراره النفسي.
10 – على الطرف الذي لا يعيش مع الطفل أن يكون دائم التواصل معه بكل الطرق المتاحة؛ حتى يشعر بالقرب منه وباستمرارية العلاقة معه.
11 – اسمح لطفلك بالمبيت -إن كان في سن مناسبة- مع الطرف الآخر، حتى وإن كان قد تزوج وأسس حياة أخرى.
12 – اتفق مع الطرف الآخر على توفير مساحة خاصة بطفلك في منزل كل منكما، حتى يشعر بالخصوصية والانتماء للمنزلين.
13 – تجنب في هذه المرحلة التدليل الزائد له أو التغافل عن تطبيق القواعد التربوية المتفق عليها بحجة أنه يمر بظروف صعبة؛ لأن ذلك سينعكس على شخصيته وتصرفاته بصورة سلبية.
14 – اتفق مع الطرف الآخر على منهج مستقر وقواعد عامة في تربية طفلك، حتى لا يكون هناك تعارض وازدواجية بينكما، كأن تطلب منه أنت القيام ببعض الأعمال في حين يطلب منه الطرف الآخر أعمالاً معارضة لها، أو يسمح له الطرف الآخر بشيء وأنت تمنعه منه.. وهكذا، فهذا يجعله حائراً بينكما، كما أنه قد يخلق منه شخصاً مناوراً يستجيب للطلبات المتعارضة وفق هواه وبما يحقق ما يريده هو.
15 – إن قرر أحد الطرفين الزواج فمن الضروري أن تكون مصلحة الطفل ورعايته من أهم أولوياته عند اختيار شريك حياته الجديد.
______________________________
(*) متخصص في الشؤون التربوية والأسرية.