يواجه أكبر حزبين في التحالف الرئاسي الحاكم بالجزائر (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) أزمة داخلية تستهدف الإطاحة بالقيادة الحالية، بالتزامن مع حراك شعبي يطالب برحيل نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
ورفع أعضاء من اللجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، أمس الأربعاء، عريضة، بحسب “الأناضول”، لمجلس الدولة، باعتباره أعلى هيئة للقضاء الإداري في البلاد، يطالبون فيها بحل هيئة تسيير الحزب المؤقتة التي يترأسها، معاذ بوشارب.
وتولى بوشارب، قيادة الهيئة، عقب استقالة الأمين العام السابق، جمال ولد عباس، في 25 نوفمبر، وقام بحل الهياكل الأساسية للحزب، كاللجنة المركزية والمكتب السياسي.
وفي السادس من مارس الجاري، جرى توسيع قيادة الهيئة المسيرة للحزب إلى 21 عضواً، من بينهم وزراء وقياديون سابقون.
وقام قياديون سابقون، شغلوا عضوية المكتب السياسي واللجنة المركزية المُحَلين، منهم أحمد بومهدي، ورشيد عساس، وأحمد حمدي، وعبد السلام شلغوم، إلى جانب محافظين، بإخطار مجلس الدولة اليوم، بعدم شرعية الهيئة المسيرة للحزب ووجوب حلها.
ويطالب هؤلاء، بعقد اجتماع استثنائي للجنة المركزية (أعلى هيئة قيادية في الحزب)، وانتخاب أمين عام جديد، قبل الذهاب إلى مؤتمر استثنائي للحزب.
وكشف سليم قيراط، أحد الموقعين على العريضة بأن القانون الأساسي للحزب، ينص على أنه في حالة استقالة الأمين العام للحزب، تنعقد اللجنة المركزية برئاسة أكبر وأصغر عضوين، لفتح باب الترشح من أجل انتخاب أو تزكية أمين عام جديد.
وأضاف قيراط: “في حزب جبهة التحرير، لا يوجد شيء اسمه الهيئة المسيرة، ومعاذ بوشارب، لا يمكن أن يكون على رأس الحزب، لأنه ليس عضوا في اللجنة المركزية مثلما ينص عليها القانون”.
ووقع 72 مسؤولاً محلياً من حزب جبهة التحرير، الأحد الماضي، بيانا عبروا فيه عن مساندتهم للحراك الشعبي، وأكدوا رفضهم لأي قرارات أو تعليمات صادرة عن الهيئة المسيرة للحزب.
وفي تحول لافت، أعلن بوشارب، في اجتماع له مع مسؤولي مكاتب الحزب عبر الولايات، في وقت سابق الأربعاء، دعم الحراك الشعبي، الذي يطالب منذ أسابيع برحيل نظام حكم الرئيس بوتفليقة.
وحاول بوشارب، احتواء الوضع داخل الحزب، من خلال توحيد خطاب كل الهياكل تجاه المسيرات الشعبية الرافضة لبقاء بوتفليقة في الحكم، غير أن أعضاء من اللجنة المركزية يصرون على انعقاد دورة استثنائية للجنة المركزية من أجل انتخاب أمين عام جديد.
وفي حزب التجمع الوطني الديمقراطي، القوة السياسية الثانية في البلاد، طالب 20 قيادياً، الأمين العام للحزب ورئيس الوزراء المستقيل، أحمد أويحيى بـ”الاستقالة أو التنحي”، بعدما “قال الشعب كلمته في سياسته الاقتصادية والاجتماعية التي أثقلت كاهل المواطن”، معتبرين أنه أصبح “عبئا ثقيلا على الحزب”.
واتهم القياديون في بيان، أويحيى، بـ “خدمة قوى غير دستورية، والسماح بتغلغل المال الفاسد داخل هياكل الحزب”.
وقال الناطق باسم التجمع الوطني الديمقراطي، صديق شهاب، لقناة تلفزيونية خاصة، الثلاثاء: إن ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، كان خطأ جسيما وفقدان بصيرة.
لكن الحزب تبرأ في وقت لاحق من تصريحات شهاب، في بيان، واعتبر أن تصريحاته جاءت نتيجة استفزاز من قبل مذيع القناة.
لكن القياديين الموقعين على البيان المطالب باستقالة أو تنحي أويحيى، اعتبروا هذا التصريح “لا يستدعي مطالبة الأمين العام بالتنحي فقط، وإنما المساءلة أيضا”.
ومنذ إعلان ترشح بوتفليقة، في 10 فبراير الماضي، لولاية رئاسية خامسة، تشهد الجزائر احتجاجات وتظاهرات رافضة لذلك.
وأعلن بوتفليقة، في 11 مارس، سحب ترشحه وتأجيل الانتخابات مع تقديم خارطة طريق تبدأ بتنظيم مؤتمر للحوار وتعديل الدستور وتنظيم انتخابات جديدة لن يترشح فيها لكن المعارضة والحراك رفضاها واعتبراها “محاولة التفاف على مطالب الشارع”.