في مخيم البريج للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة، تنقلت بين أزقة المخيم الضيقة والبيوت الصغيرة التي تفتقد لمقومات الحياة حيث الفقر المدقع والجوع والبطالة، أسرعت الخطوات باتجاه منزل عائلة فلسطينية قدمت فلذات أكبادها من أجل فلسطين والقدس، كان الطريق إلى المنزل صعباً، لأنه من الصعب عليك التعرف على المنازل لتلاصقها الشديد، ما أن وصلت إلى منزل عائلة الشهداء والجرحى عائلة أبو حلو الحلو حتى كانت لنا حكاية أخرى حكاية ممزوجة بالألم والجراح الغائرة والدموع التي لا تجف من جفون العائلة التي فقدت ابنها أحمد (19 عاماً) شهيداً في الهبة الجماهيرية للدفاع عن القدس، وسليم (22 عاماً) الذي أصيب بجروح خطيرة للغاية في 22 من فبراير الماضي في نفس الموعد الذي استشهد فيه شقيقه أحمد العام الماضي.
دموع لا تجف
بدت على والد الشهداء والجرحى محمد أبو حلو علامات الإرهاق والتعب والفقر جلس إلى جانب ابنه سليم الجريح من أجل منحه جرعة العلاج على أمل أن يتماثل للشفاء من جروحه الخطيرة يقول لـ”المجتمع”: فقدت أحمد شهيداً، وسليم جريحاً ولكن لن أجزع، فلسطين تستحق منا التضحية والفداء من أجلها، كل ما أريده أن يتماثل سليم للشفاء بعد أن اخترق رصاص الاحتلال المتفجر منطقة الحوض وتسبب له بتهشم، وكذلك تهتك في المعدة والأمعاء التي طالها رصاص الاحتلال الغادر.
وتابع: تلقيت نبأ استشهاد أحمد قبل عام بكل ثبات وصبر، وتلقيت نبأ إصابة سليم كذلك بصبر وثبات، الاحتلال يقتل بدون رحمة يطلق النار بشكل متعمد على رؤوس الشبان وصدورهم العارية والمجتمع الدولي صامت على هذه الجرائم البشعة.
رواية حزن وألم
وهناك وفي زاوية المنزل تلمس وليد، أحد أشقاء الشهيد أحمد، والجريح سليم، صور شهيدهم البطل وقبلها والدموع تسيل من عيناه على فراق شقيقه وخوفه على حياة سليم الذي أكد الأطباء أن الخطر ما زال محدقاً بحياته.
ويؤكد شقيق الجريح لـ”المجتمع”: لا نزال نعيش صدمة رحيل أحمد وصدمة إصابة سليم كانت صعبة للغاية، ففي البداية أخبرونا أنه استشهد والحمد لله تمكن الأطباء من إنقاذ حياته.
ولفت إلى أن والدته تلقت خبر إصابة سليم وهي في زيارة لضريح ابنها الشهيد أحمد في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاده، فكان خبر الإصابة كالصاعقة على الوالدة المكلومة التي فقدت ابنها ووالدها وأخاها وعمها شهداء برصاص الاحتلال.
وأشار أبو حلو وهو يتحدث بمرارة من منزل عائلته المكون من الصفيح والطوب إلى أن سليم يحتاج لرحلة علاج طويلة لإنقاذ حياته، وللأسف علاجه غير موجود في مستشفيات قطاع غزة بسبب الحصار وقلة الإمكانات وكثرة عدد المصابين في مسيرات العودة وكسر الحصار.
ويشار إلى أنه استشهد منذ انطلاق مسيرات العودة في الثلاثين من مارس العام الماضي 273 فلسطينياً وأصيب نحو 30 ألفاً آخرين خلال قمع الاحتلال بالرصاص والقنابل والصواريخ لمسيرات سلمية خرجت للمطالبة برفع الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عاماً، ويستعد الفلسطينيون السبت القادم لتنظيم مليونية الأرض والعودة وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة ويوم الأرض الخالد.