أكد حضرة صاحب السمو أمیر البلاد الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظھ الله ورعاه في اجتماع الدورة العادیة الثلاثین لمؤتمر القمة العربیة في تونس الیوم الاحد أنه لا زالت القضیة الفلسطینیة قضیة العرب الأولى تعاني ابتعادھا عن دائرة اھتمام المجتمع الدولي وصدارة الأولویات العربیة على الرغم من أن أمن العالم واستقراره سیبقى یعاني اضطرابا وتدھورا ما لم تتحقق التسویة العادلة للقضیة الفلسطینیة والتي تفضي إلى إنھاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطینیة.
فیما یلي نص كلمة سمو الأمير في قمة تونس:
“بسم الله الرحمن الرحیم فخامة الرئیس الباجي قائد السبسي رئیس الجمھوریة التونسیة الشقیقة رئیس الدورة الثلاثین لمؤتمر القمة العربیة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو معالي الدكتور أحمد أبوالغیط الأمین العام لجامعة الدول العربیة أصحاب المعالي والسعادة السیدات والسادة السلام علیكم ورحمة الله وبركاتھ
أود في البدایة أن أتقدم بالتھنئة لأخي فخامة الرئیس الباجي قائد السبسي على رئاستھ لأعمال قمتنا معربا عن الثقة بأن خبرة وحكمة فخامتھ ستكلل أعمالنا بالنجاح والتوفیق كما أود أن أعبر عن بالغ الشكر والتقدیر للكلمات الطیبة التي أشار فیھا فخامتھ لجھودي لتحقیق الوحدة في مواقفنا وتمكیننا من مواجھة التحدیات مؤكدا بأن ما نقوم بھ من جھد ھو تجسید لحرصكم جمیعا على وحدة أمتنا العربیة وتماسكھا والحفاظ على عملنا العربي المشترك.
كما أتوجھ بالشكر لفخامتھ وإلى حكومة وشعب تونس الشقیق على ما لقیناه من حفاوة وإعداد جید لھذا اللقاء الھام والشكر موصول لأخي خادم الحرمین الشریفین الملك سلمان بن عبدالعزیز آل سعود على رعایتھ ومتابعتھ لأعمال قمتنا السابقة ولا یفوتني الإشادة بجھود معالي الأمین العام لجامعة الدول العربیة الدكتور أحمد أبو الغیط وجھاز الأمانة العامة على الإعداد الممیز للقائنا المبارك. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لقد كنا نشیر في خطاباتنا في اجتماعاتنا السابقة بأننا نمر بظروف حرجة وتحدیات خطیرة ولكننا الیوم یتوجب علینا ألا نكتفي بھذه الإشارة وإنما ینبغي علینا التأكید بأننا سنواجھ ھذه الظروف وسنتصدى لھذه التحدیات بالالتزام بتوحید مواقفنا وتعزیز تماسكنا وتجاوز خلافاتنا وتطویر العمل التنموي المشترك فبدون ذلك لن نكون قادرین على مواجھة الظروف والتحدیات المتسارعة وستكون تساؤلات أبناء أمتنا العربیة مشروعة حیث سیتقدمھا تساؤل إلى متى سنبقى عاجزین عن الانتقال بأوضاعنا العربیة إلى ما یحقق آمال وطموحات أبنائھا وإلى متى ستبقى الآلام تعصر بشعوبھا وإلى متى سیكون الارتقاء بأوضاعنا التنمویة وتحسین مستویات المعیشة لمجتمعاتنا بعیدا عن التنفیذ والذي یجب أن یكون في مقدمة أولویاتنا.
إن مسؤولیتنا أمام الله والتاریخ عظیمة ولن تغفر لنا أجیالنا القادمة قصورا تستشعره في معالجتنا لھمومھا ومشاغلھا.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لقد جاء اتفاقنا قبل عشر سنوات على البدء في إتخاذ خطوات عملیة لترجمة تطلعات أبناء وطننا العربي في العیش الكریم والمتمثل في عقد القمة العربیة التنمویة الأولى في دولة الكویت وما تبعھا من قمم عربیة تنمویة آخرھا قمة بیروت التنمویة لیجسد حرصنا على الوصول إلى مستوى التحدي الذي تواجھھ أمتنا كما حرصت دولة الكویت في ھذه القمم على إطلاق مبادرات تنمویة تھدف إلى خلق فرص عمل منتجة للشباب العربي.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لقد تابعنا بألم وحزن بالغین الاعتداء الإرھابي الآثم على مسجدین في نیوزیلندا والذي أدى إلى استشھاد وجرح الأبریاء الامنین متضرعین إلى الباري عز وجل أن یتغمد الشھداء بواسع رحمتھ ومغفرتھ ونؤكد ھنا شجبنا وإدانتنا الشدیدین لذلك العمل الإجرامي معربین في الوقت ذاتھ عن بالغ الشكر والتقدیر لمواقف سعادة جاسیندا أردرن رئیسة وزراء نیوزیلندا والشعب النیوزیلندي الصدیق المشرفة والرافضة لھذا العمل الإرھابي الشنیع والتعاطف مع أسر الشھداء والوقوف معھم كما نؤكد وقوفنا مع المجتمع الدولي وكل القوى الخیرة الھادفة إلى اجتثاث آفة الإرھاب ووأد روح التطرف وندعو العالم أجمع إلى إشاعة قیم التسامح وتغلیب الحوار والقبول بالطرف الآخر.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لا زالت القضیة الفلسطینیة قضیة العرب الأولى تعاني ابتعادھا عن دائرة اھتمام المجتمع الدولي وصدارة الأولویات العربیة على الرغم من أن أمن العالم واستقراره سیبقى یعاني اضطرابا وتدھورا ما لم تتحقق التسویة العادلة للقضیة الفلسطینیة والتي تفضي إلى إنھاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطینیة وعاصمتھا القدس الشرقیة ولا بد لنا ھنا من التأكید بأن أیة ترتیبات لعملیة السلام في الشرق الأوسط لا تستند على تلك المرجعیات ستبقى بعیدة عن أرض الواقع ولا تحقق الحل العادل والشامل كما لابد لنا من الإعراب عن أسفنا ورفضنا لإعلان الولایات المتحدة الأمریكیة اعترافھا بسیادة إسرائیل على الجولان المحتل لما تمثلھ ھذه الخطوة من خروج عن قرارات الشرعیة الدولیة وخاصة القرار 497 وإضرار لعملیة السلام.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو وحول الوضع في سوریا فإن العالم تیقن بأن الاقتتال الذي امتد لأكثر من ثماني سنوات لن یفضي إلى حل لھذا الصراع الدامي ولا بد من إفساح المجال أمام الحل السیاسي الذي یحقق مطالب أبناء الشعب السوري ویحقق لسوریا أمنھا وسیادتھا ووحدة أراضیھا استنادا للقرار 2254 ومؤتمر جنیف1 وإن بلادي الكویت التي استمرت في دورھا الإنساني في دعم الشعب السوري الشقیق لتعرب عن تطلعھا بنھایة سریعة لمعاناتھ.
وحول الوضع في الیمن لا زالت العراقیل تواجھ المساعي لتطبیق اتفاق ستوكھولم ولا زالت الآمال بعیدة للوصول إلى حل سیاسي ینھي الصراع الدامي والمعاناة الإنسانیة للشعب الیمني الشقیق رغم قناعة المجتمع الدولي أن لا نھایة لھذا الصراع إلا بحل سیاسي شامل یستند إلى المرجعیات المعلنة.
وحول الوضع في لیبیا فإننا نجدد ھنا الترحیب بخطة العمل التي أعدتھا الأمم المتحدة والتي عرضھا الممثل الخاص للأمین العام للیبیا السید غسان سلامة.
وحول العلاقة مع إیران نؤكد حرصنا على علاقات صداقة وتعاون ترتكز على احترام مبادئ القانون الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلیة واحترام سیادة الدول وحسن الجوار وندعو الجمھوریة الإسلامیة الإیرانیة لذلك.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو انتصفت فترة عضویة بلادي غیر الدائمة في مجلس الأمن والتي سعت خلال ما مضى إلى أن تكون الصوت العربي الناطق بھموم منطقتنا والناقل لآلامھا والساعي لإیجاد حلول لھا بالتعاون مع بقیة الدول الأعضاء في المجلس وستستمر ھذه المساعي خلال العام الجاري أملا في إیجاد مخارج لما تعانیھ منطقتنا وسعیا لعودة الاستقرار وتضمید الجراح.
وفي الختام أكرر الشكر لكم جمیعا متمنیا لأعمال لقائنا كل التوفیق والسداد.
والسلام علیكم ورحمة الله وبركاتھ”.